بردٌ يسبق الخريف، يبشّر به والوردُ في الأرض جذورٌ ترتعشُ يصطاد أشعةَ شمسٍ نادرةٍ يتَّقي بها أسلاكاً باردةً تسقط متعامدةً في قصعة الطين ما الذي يفعلُ الوردُ الضعيفُ لرعونة الريحِ الثلجية متباهيةً بسطوتها ماذا أفعل لكِ أيتها المتهورةُ المستقويةُ بالخريف الوشيك خريفٌ يسابق الشتاءَ ويغويه حتى إذا ما أتى الثلجُ لا أكونَ موجوداً، كيف يطيبُ له مكانٌ خالٍ من الورد؟ أيها الخريف قل لنفسك حكمةً يسمعها الشتاء. للنهر مآلاتٌ ليس من بينها الضفتان والناسُ على الجانبين بلا جسورٍ ولا وسائل. نهرٌ في التحولات على أنْ تستيقظ فتنةُ السفر. في ظهيرةِ البيت شمسٌ مكسورةٌ على السور ليست ممسوسةً بالأصابع ولا ملتاعةً بالزجاج ينزُّ الذهبُ هائماً في البصيلات ويتَّقيها العجوزُ بالأصابع المنحولة شمسٌ تندلع في نيازك وفي شظايا مثلُ شكيمة الفرس في ظهيرة البيت محسورةً بالفقد صَهْدُها يغسلُ معاصمَ الأسرى وليس لها سطوةٌ على فتيةٍ يصنعون الأغلالَ من رغوتِها ويُجرِّدُونَ المرايا من مائها الثقيل حتى إذا ما التفتَ الرماةُ بأحداقهم أصابتهم صدمةُ الزئبق. رقصٌ مع الثعالب ينبغي الاكتراثُ به في الممرِّ الضيقِ بين البيتِ والعرائش ثمة الكرسيُّ الجالسُ في كتف الطريق هناك في المنحنَى الرّحيم محفوراً في هواء الحقول يحرسُ أكوازَ الذُرةَ لئلا تفرّ. وَضَعَ الثعلبُ قدمَه المقطومة في عقدة الخشب وقال لي: «هذا بابُ الفخ تعالَ واجلس». حيوانٌ هجينٌ يَطيبُ له الرقصْ في خضرة السهول يتوجب الاكتراثُ به فليس من الحكمة تفادي الرقصَ مع الثعالب أجملُ الماكرين في الريف. تعلمتُ كيف أمسكُ قدمَ الثعلبَ المحبُولةَ وكيف أقفزُ بساقي المحشوةِ بالمعدن وأتظاهرُ بالتعثر في حبائلِ الغابة والوقوعِ في العقابيل. تعلمتُ أن لا أخطئَ الفخ ذلك كان امتحانُ الشاعر في الغابة. كلما اقتربتُ تباعدتِ الصوامعُ المتعالية بخواصرها المنبعجة مكتنزةً بقمح الحقول يكاد قرميدُها الأحمرُ العتيق يتهتك فاتحأً للقمح طريقاً ينّدفَقُ في شلال السدّ منثالاً في أنهارٍ وفي جداولَ تأخذه إلى نار الريف. فأقتربُ أضعُ يدي في الأحمرِ القاني أجسُّ الشهوات في زفير الشوفان الطائش أقتربُ فأسمعُ نحيباً مكبوتأً في الصوامع.