المرابون العرب يساعدون أصدقاءهم العجم في رمي القمح في البحر، ويساهمون مع أمريكا في قتل أطفال العالم دونما ضمير ولا أخلاق ولا انتظار لهما في قادم الأيام؛ بينما تشد الصومال خصرها بالجوع منذ ثلاثين سنة.. أما المهيمنون عليها خلال هذه الفترة المقيتة فهم أصدقاء الجوع والسلاح وأمراء الحرب والرذيلة! الصومال بلد تستطيع شراءه برصاصة وبندقية، وسيارة مجهزة لإطلاق النار بكفاءة؛ أما فقراء الصومال فلا يعرفون كثيراً عن أحلام أمراء الحرب، ولم يكن ذنبهم أبداً أن الحالمين بإعادة الخلافة قد مروا خطأ بفندق أو مخيم في ضواحي مقديشو فدمروا الأخضر واليابس. بعد سياد بري كان يمكن لوجه الصومال أن يكون أجمل وأسعد وجه عربي؛ لكن أولاد عيديد جعلوها حرباً شعواء منذ البداية، ومعهم بالطبع كل الحالمين بإمارة وقصر ومحظية في آخر الليل، وسيجارة حشيش فاخر لليلة ماجنة وسط جراح الفقراء وأحزانهم الطويلة!! في التسعينيات جاءت أمريكا بمشروع إعادة الأمل؛ فتحولت الصومال عن بكرة أبيها إلى حقل تجارب للنظام العالمي الجديد ولآمال الشعوب الذاوية، وها هي التبعات لا تتوقف ولن تتوقف إلى ما لا نهاية ما دام ثمة حالمون بإعادة خلافة لا وجود لها في هذا الزمان العربي الصعب في كل شيء. تخيلوا لو لم يمر القتلة بالصومال؟ لو لم يحلم الحشاشون الجدد بإعادة الخلافة من تلك النقطة القصية والمعذبة في بلاد العرب؟ أجزم بأن الصومال سيكون حينها أجمل وأنظف وأكثر أمناً وسلاماً، ولما كان إيجاد دولة فاشلة إثر أخرى بامتياز. شعب الصومال كريم وطيب وودود للغاية؛ لكن الحروب تلغي جماليات أي شعب، وتستبدل القيم العليا بالأمية السافرة، وتحل رائحة البارود محل رائحة الياسمين، ولذلك لا تلوموا الصوماليين حينما يخطئون أو تبدو عليهم مظاهر التردي؛ هذه أفعال الفقر الذي تمنى علي كرَّم الله وجهه أن يقتله. لقد دخل حلم إعادة الخلافة إلى الصومال مع الباب؛ فخرج الخبز مع النافذة.. إنه ثمن باهظ جرت وتجري به العادة في كل بلد عربي يهيمن عليه الأشباح الذين يعيشون خارج نطاق العصر. بقي سؤال: هل تتذكرون بلداً يدعى الصومال؟!