الطبيب الذي مرّ سريعاً ليقرأ أخبارَ جسمي على صفحةٍ من بياضٍ، كان يضحكُ، لمّا استدار بعيدا وقد نال مني الوجعْ. والممرضة التي سال دمي بعد ما نزعتْ إبرتَها من وريدي، ضحكتْ هي أيضا دون أنْ تكترثْ. ** كلهم يضحكون -وقد ملَّ جسمي المريضُ- فما نلتُ منهم سوى ضحكةٍ ساذجةْ! حينما نزعوا من دمي ما يقيدني، كانت بقربي منضدة خالية، تذكرني بالحياةِ الرخيصةِ لمّا تحدّقُ في سحنتي الذّابلةْ. بيضاءَ كانتْ، وتضحك أيضا كمثلهمُ حينما يلتحفون البياض، الذي لا يذكرني غير موتي. يراودني كلّما مرَّ بي ضاحكٌ في الممرْ. وكتاب على الرّف يرمقني كلّما عنّ لي أنْ أراه: - سوف تقرأ منّي إذن! - سوف يقرأكَ غيري إذا ما رحلتُ وملّتْ حروفكَ من نومها الأزلي. يا لهذا الكتابْ! يا لهذا العذاب! تضحك مركبات الكيمياء المرسومة في صفحاته -هي أيضا- تدخلُ سريعا إلى جسدي، تؤلمي كلّما مرّ بي ضاحكٌ تدفنُ شوقي إليها، فمن سوف يعرفها بعد موتي، ومَنْ سوف يضاحكها حين موتي! فلن يعرفَ سّر تركيبها اليوم غيري، ولذا سوف تبقى معي. سوف تشربني هذه الكيمياء ** الطبيب الذي مرّ سريعا لم يمرّْ سواه حين يضحك صفراء ضحكته، مثلما شامتٌ فلماذا يجيء؟ لا الأهل مرّوا ولا الذكريات ولا الأصدقاء. لا أحدٌ غير بياض يمرّ بطيئا يذكرني بالكفن!