يعمد كثير من السعوديين إلى مناكفة المرأة ومشاكستها عبر اتخاذ مسارات وأقبية مختلفة، يتعلق الأمر بجزء أصيل من حقوق المرأة، ألا وهو العمل؛ وبوابة العمل الذي يوفر الحياة الكريمة بلا شك هي تحصيل العلم الذي يمثل الركن الأهم لرقي الإنسانية؛ وتستمر جدلية الرجل وعمل المرأة في السعودية، فتجده يصبح فيلسوفاً أو مفتياً أو ميثولوجياً مستجراً أمثلة حقة من علم الميثولوجيا يريد بها تزوير الحقائق وإقامة الحجة بأي وسيلة متاحة، كبيان أن أنثى العنكبوت هي ما تتولى نسج البيت وتبقى ملازمة له، ولكن الرجل السعودي يتناسى جهلاً أم عمداً أن سيرة وفطرة العناكب؛ أن الذكر يهدم ما نسجته الأنثى بتكويره البيت لأجل أن يستأثر بها بعنوان التزاوج؛ بل الأمر خلاف ما يرمي إليه، ففي الطبيعة أمثلة تزخر بدور الأنثى الحيوي، فها هي الأسود ذات الحياة الاجتماعية تجد فيها أن اللبوة هي التي تتولى الاصطياد دائماً في عمل دؤوب، والقائمة تطول بالأمثلة. أقول إنه ما زال المجتمع السعودي يرزح تحت وطأة عقدة الخصوصية، والذين يحملون ذلك على كاهلهم، مع الأسف، هم ثلةٌ من المثقفين والمتعلمين الذين يمارسمون هيمنتهم الذكورية على الإناث؛ فتراهم يستدعون بعض الشواهد التاريخية ويتبنون المقولات الخالدة التي تدعم السلطة الذكورية وتقوض مكانة المرأة السعودية، كمقولة نابليون بونابرت: «المرأة لا شيء؛ إلا ماكينة لإنتاج الأولاد»، فالذين يحملون هذا الفكر هم «بونابريتيون»، قد وظفوا تلك الأمثلة وأضرابها بدهاء، وتارة بالدين، ليعزز فكرهم القائل بأن المرأة عملها ومكانها في المنزل فقط؛ وإن عملت ففي إطار ضيق جداً. نقول لهم بأن الأسر التي جُل أفرادها من الإناث ماذا عساها أن تفعل؟ فسؤالنا الذي يناشد العقل ويستحضر الواقع ويدعو إلى إعمال الفكر للنهوض بالوطن؛ هل يُعقل أن العمل الأفضل والأوحد للمرأة السعودية المحافظة ذات الخصوصية التي تنفرد بها في قطاع التعليم فقط، الذي بلغت نسبة عمل المرأة فيه 87%؟! يعلم الجميع أن ذلك تسبب في تكدس أعداد هائلة من ذوات المؤهلات العلمية المختلفة في بيوتات الفقر والفاقة، فبحسب الدكتورة مجيدة محمد الناجم، الأستاذ المساعد في قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود في الرياض، فإن «90.2% لا يعملن، وهو سبب رئيس يجعلها تعاني من الفقر»، فعزوف المرأة السعودية عن العمل واقع نعيشه بمرارة إذا علمنا أنها تشكل 49.6% من عدد السكان؛ وحسب دراسة الدكتورة أمينة السوداني أن 5.1% من النساء يعملن في سوق العمل السعودي، وأن نسبة العاملات 2.9% من إجمالي القوى العاملة في السعودية! البطالة يستعصي حلها بهذا الحال إلا بإيجاد بدائل مجزية توفر الحياة الكريمة، وهي موجودة بالفعل وليست بالقليلة، وتحاكي ما تطمح إليه المرأة السعودية، فعلى سبيل المثال لا الحصر، في قطاع النفط هنالك تخصص يُدعى «هندسة المكامن»، وظيفتها فيه هي تسجيل وتحليل البيانات الخاصة بتوزيع الغاز والنفط وتدفق الغاز والزيت، وهي تعتبر وظيفة نسائية بامتياز، تتجلى في غرفة معزولة عن الرجال، والتعامل مع جهاز، وعلى غرار ذلك الهندسة المعمارية وغيرها، قلة قليلة جداً من السعوديات اللاتي بحثن عن بدائل وظيفية وولجن فيها، ونتمنى من السعوديات الجدد أن يحذَيْن حذوهن من أجل حياة أفضل وغد مشرق.