شدّد الفنان التشكيلي عبدالله حمّاس، على أن جمعية التشكيليين السعوديين، وئدت قبل أن تولد، نتيجة الدور السلبي للجهات المسؤولة في المملكة عن الفن التشكيلي. وقال حمّاس عن تدريس التربية الفنية في المملكة، إنه «تحصيل حاصل»، مشيراً إلى أن هذه المادة لا تجد اهتماماً كافياً، مستدلاً بما سماه «أزمة» مدرسيها. «الشرق» حاورت حمّاس، الذي افتتح معرضه الشخصي ال 28، قبل أيام في الخبر، بعد 41 عاماً على إقامته أول معارضه في الرياض عام 1394ه، للحديث عن الفن التشكيلي في المملكة، وعن جوانب من تجربته الممتدة لأكثر من 48 عاماً في هذا المجال، فإلى نص الحوار: - مع الأسف، دور الجهات المسؤولة عن الفن التشكيلي سلبي لحد كبير، سواء من المسؤولين الكبار أو الصغار، وعلى كافة المستويات، وآخرها إنشاء مهزلة جمعية التشكيليين السعوديين التي وئدت قبل أن تولد، ما تراه في الساحة التشكيلية كله اجتهادات شخصية وفردية من الزملاء التشكيليين والفنانين، ووعود وزارة الثقافة والإعلام للفنانين عند قيام جمعية التشكيليين بأن تتحدى أعتى الجمعيات في العالم، مع الأسف طارت.. كل هذا الكلام في الهواء!. - ليس هناك إدارة في الجمعية… تخيّل أن مقر فرع جدة في غرفة حارس، وهذا يعتبر وضعاً سلبياً لرافد ثقافي سعودي نسعى لأن نفتخر به، ونحن نرى بهجة العالم عندما نشارك في الفعاليات الدولية بأعمال فنانين تشكيليين سعوديين، واستغرابه وتعجبه حينما يعلم أن هذه الأعمال جاءت بجهد فردي لا رسمي. - هي مجرد تحصيل حاصل، والدليل أن هناك أزمة الآن على مستوى المملكة في مدرسي هذه المادة، وأصبحوا «يرقعونها» بتوزيع حصص التربية الفنية على بقية المدرسين، مدرس اللغة العربية يأخذ حصتين، ومدرس الرياضة يأخذ حصتين حتى يغطوا الجدول. - الفن التشكيلي هو التطور الحضاري، والتكنولوجي واحتكاك السعوديين بالحضارات الأخرى، عن طريق السفر، كان له أثره على المجتمع والحياة اليومية للأفراد، وانعكس على أشكال العمارة وتصميمها وألوانها، كما انعكس على طريقة اللبس، وعلى اختيار الأثاث في المنازل، والسيارات، وكذلك العادات والتقاليد، فكيف لو كان لدينا كليات ومعاهد متخصصة في الفنون التشكيلية؟ سيكون الوضع أفضل بكثير جداً، ولكن الحمد لله، على كل حال. - أنا ما زلت أعطي وأعطي من مجهودي الذاتي والشخصي، وليس لأحد فضل عليّ (…) في الذي أنا فيه، والحمد لله، بجهدي المقل في خدمة الوطن طوال فترة ممارستي الرسم الممتدة لنحو 48 سنة، منذ بدأت أرسم منذ المرحلة المتوسطة، ما زلت أحلق عالياً بأعمالي التشكيلية، والحمدلله بعد مجهود 25 سنة من مكافحتي صار لي موضع قدم على الساحة التشكيلية في الساحة المحلية والإقليمية والدولية لتميز أعمالي في الرمزية التجريدية التي تحمل عاداتنا وتقاليدنا بألوان مبهجة وواضحة. - لا أعتقد أنني تمنيت ذلك ووصلت إلى هذه الدرجة، لكن كل واحد منا له بصماته وهويته على عمله، فأنا أعتز بأعمالي، وغيري يعتز بأعماله. - في الشرقية: عبدالرحمن السليمان، كمال المعلم، وعبدالله الشيخ، وفي الرياض: علي الرزيزاء، سعد العبيد، وعثمان الخزيم، وفي الغربية: طه الصبان، ويوسف جاها، وفي الجنوبية: عبدالله شلتي، وفي المدينةالمنورة: محمد سيام -يرحمه الله-، وفؤاد مغربل، هؤلاء قامات فنية تطلق عليهم اسم فنان، وعندنا الآلاف من الشباب والشابات الذين هم رسامون أو تشكيليون، ولا يزالون في طور التجارب، والمهم من يثبت وجوده، والساحة الفنية لدينا تقبل، ولكن الزمن يغربل. - لا يوجد لدينا في السعودية فنانات تشكيليات سوى صفية بنت زقر ومنيرة موصلي، هاتان الفنانتان التشكيليتان من الرعيل الأول، ومن الممكن أن تقول إنهما من رواد الحركة التشكيلية في المملكة، في الجيل الأخير تجارب ناجحة وأتمنى أن تتطور وتتواصل، مثل: علا حجازي من جدة، وبعض الشابات في المنطقة الشرقية، وكذلك في الرياض، ولكن لا تحضرني أسماؤهن، لكنهن لا يتعدين العشرة أسماء في المملكة، وهن من يستحققن أن يستلمن الراية بعدنا. - بعد تجارب السنين ووجوده في الساحة التشكيلية، في كل المحافل، داخلية وخارجية، وبعد أن يكوّن خلفية ثقافية عن الفن التشكيلي السعودي، وأن تكون أعماله معبرة عن بيئته ووطنه، والأهم من هذا كله، أن تكون له بصمة تشكيلية تعرف قبل أن يقرأ اسمه على اللوحة. - لا أحد. - هناك من الفنانين العمالقة التجريديين كاندلسكي وجورج براك، استفدت من تجاربهم وجرأتهم في التجريد، وطبعاً معظم فناني عصر النهضة مانيه ومونيه وسيزان وبيكاسو، فطاحلة الفن التشكيلي. - لا يوجد فنان خسرته الساحة إلا بالوفاة، بعض الفنانين هم خسروا أنفسهم في اتجاههم للعيش خارج المملكة، مثل الفنانين الذين انحازوا للأسلوب المفاهيمي، مع أن بلدنا بلد خير. - الأسلوب المفاهيمي هو الفراغ، مثلاً يأتي أحدهم بكرسي، ويضع عليه بيضة كبيرة، ويقول عنه هذا عمل مفاهيمي، أو مثل أحد الزملاء «حط كومة تراب وطلع منها بالون وكتب عليه: «عمل فني»!. البقاء للوحة التي تعلق منذ عصر النهضة حتى اليوم، ولم نر عملاً مفاهيمياً استمر أو بقي على الساحة التشكيلية إطلاقاً. - أقول لأبنائنا وبناتنا الموجودين في الساحة التشكيلية: ليس كل من رسم لوحة وعرضها يمكن أن نطلق عليه فناناً تشكيلياً، وأن الآخرين سيبحثون عنه، لا بد من التعب والجهد والمثابرة حتى يتخذ الفنان أو الفنانة خطاً خاصاً به، وبصمة تواصل، ونحن موجودون لمساعدتهم، ومرسمي في جدة يرحب بالجميع في أي وقت.