أدت خلافات بين مشاركين في أعمال الدورة ال 21 لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي، حول موضوع تجسيد شخصيات الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية، إلى تأجيل البت في هذا الموضوع، للدورة المقبلة، بعد إعداد أبحاث خاصة به. كما أجل المجمع إصدار قرار في موضوع التقاتل بين المسلمين باسم الجهاد، بعد اطلاعه على البحوث الواردة، وبعد استماعه إلى الأبحاث المعدة بخصوص هذا الموضوع والمناقشات التي دارت حوله في المؤتمر. واختتمت مساء أمس الأول أعمال الدورة ال21 لمؤتمر المجلس، التي نظمت هذا الأسبوع، برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، واستضافته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض. وخرجت الدورة ال21 للمؤتمر بعدد من القرارات والتوصيات، عدد منها خاص بموضوع الحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية، حيث أوصى المجمع بضرورة التأكيد على وجوب احترام أمهات المؤمنين والصحابة وآل البيت من جميع أتباع المذاهب الإسلامية، وعدم الإساءة لهم أو انتقاصهم بطعن أو تجريح، وتحريم تكفير أي فئة من المسلمين تؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتؤمن بأركان الإسلام، وأركان الإيمان، ولا تنكر معلوماً من الدين بالضرورة، وحرمة دماء المسلمين باختلاف طوائفهم، وتحريم الاقتتال بينهم مطلقاً، ومنع الدعوة المنظمة للمذهب المخالف بين المذاهب الأخرى لما يؤدي إليه من الفتنة وتفريق الصف وإثارة الضغائن والأحقاد، وتعميم التوصيات السابقة على الدول الأعضاء من أجل تضمينها في مناهج التعليم، ووسائل الإعلام، وتبنيها في المواقف السياسية المختلفة، وعقد المجمع ندوات وملتقيات تهدف إلى تعميق الحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية، وإزالة العوائق التي تمنع ذلك، والتأكيد على الثوابت والقيم المشتركة، ونشر ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال. وفي موضوع استكمال موضوع الصكوك الإسلامية، اتخذ المجمع قرارات في حكم تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة، وفي حكم تداول صكوك إجارة الموصوف في الذمة قبل تعيين محل العقد، وفي حالات إصدار الصكوك. كما اتخذ قراراً حول موضوع المسؤولية الجنائية لقائدي المركبات بسبب السرعة وعدم المبالاة، مؤكداً وجوب الالتزام بأنظمة المرور، وحرمة تصرف قائد المركبة تصرفاً يفضي غالباً إلى الإضرار بنفسه أو بغيره، وعليه أن يضمن ما يترتب على تصرفه من أضرار، وإذا ترتب على هذه التصرفات جناية على النفس أو ما دونها فيتحمل المسؤولية الجنائية عمداً أو شبه عمد أو خطأً بحسب الحالة، ولولي الأمر تعزيره بما يراه من عقوبة مناسبة. وحول موضوع الاستحالة والمواد الإضافية في الغذاء والدواء، أوصى المجمع بضرورة الاستفادة من جلود وعظام الحيوانات المذكَّاة لاستخراج مادة الجيلاتين، ودعوة المسؤولين في البلاد الإسلامية لمراعاة الشروط والمواصفات المقبولة شرعاً في الصناعة الدوائية والغذائية، وإلزام الشركات المنتجة والمستوردة للمواد الغذائية المحفوظة ببيان التركيب التفصيلي لجميع مقومات كل عبوة بشكل واضح وباللغة الوطنية، والطلب من المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في الكويت لمتابعة الجديد في مجال الغذاء والدواء، وعقد ندوة، بالتعاون مع المجمع، لدراسة المستجدات وإبداء حكمها الشرعي. أما فيما يخص الأحكام والضوابط الشرعية لأُسس التأمين التعاوني، فأوصى المجمع بإنشاء مجلس شرعي دولي، تحت إشرافه، تسهم في تأسيسه مؤسسات البنية التحية للصناعة المالية الإسلامية، من مهامه الرئيسة إصدار المعايير الشرعية التي تنظم أعمال التأمين التعاوني، والعمل المصرفي الإسلامي، واعتماد تلك المعايير من قبل المجمع، وتبنيها من الجهات الإشرافية والرقابية لتكون بمنزلة قوانين حاكمة لعمل المؤسسات المالية الإسلامية، مع الإيعاز للأمانة العامة للمجمع القيام بمزيد من الدراسات في بعض قضايا التأمين التعاوني. وبشأن موضوع الذكاة بعد التدويخ بالصدمة، قرر المجمع تكليف أمانته بتشكيل لجنة للقيام بزيارات ميدانية للدول التي تستورد منها اللحوم، يكون من مهامها وضع معايير إجرائية تضمن تحقق الذكاة بالضوابط الشرعية، ومطالبة معهد المقاييس والمواصفات للدول الإسلامية «سيميك» بالتأكد من مصداقية الشهادات التي تصدرها الجهات المعنية بهذا الأمر. وفي موضوع الوراثة والهندسة الوراثية والجينوم البشري «المجين»، شدد على ضرورة التوعية بالأمراض الوراثية والعمل على تقليل انتشارها، والعمل على تشجيع إجراء الاختبار الوراثي قبل الزواج، من خلال نشر الوعي عن طريق وسائل الإعلام والندوات ودور العبادة، ومناشدة الجهات الصحية لزيادة أعداد وحدات الوراثة البشرية لتوفير الطبيب المتخصص في تقديم الإرشاد الجيني. وفيما يتعلق بالتحوط في المعاملات المالية، قرر المجمع تأجيل إصدار قرار في هذا الشأن للحاجة لمزيد من الدراسات، بحيث تتناول تحوطات المؤسسات المالية الإسلامية، وكذلك البدائل الشرعية للتحوطات التقليدية. وأوضح رئيس المجمع، المستشار في الديوان الملكي، إمام وخطيب المسجد الحرام، الدكتور صالح بن حميد، أن القرارات والتوصيات التي خرجت بها هذه الدورة تمثل إضافة مهمة للرصيد العلمي للمجمع، كما تنير الطريق أمام المؤسسات والأفراد ممن يتطلعون إلى الاحتكام إلى شريعة الإسلام.