اختتمت أعمال الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - وتستضيفه جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية . وأكد معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سليمان بن عبدالله أبا الخيل في كلمته أن هذا المؤتمر تظاهرة علمية مفيدة، مشيداً بما تحقق من قرارات وتوصيات لقضايا مهمة يحتاجها أفراد الأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها . ووجه شكره للمشاركين من أصحاب السماحة والمعالي والفضيلة والعاملين في اللجان التنظيمية والعلمية والإعلامية على ما قدموه من أعمال وجهود مباركة برزت ثمارها في الجلسة الختامية . فيما أكد معالي رئيس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المستشار بالديوان الملكي وإمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أن القرارات والتوصيات التي خرجت بها الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي تمثل إضافة مهمة للرصيد العلمي للمجمع، كما تنير الطريق أمام المؤسسات والأفراد ممن يتطلعون إلى الاحتكام إلى شريعة الإسلام . وقال معاليه : " معاشر العلماء آمل أن تكونوا بما توصلتم إليه قد لبيتم رغبت أمتكم وأديتم شيء مما يجب عليكم في هذه القضايا والنوازل، واسهمتم للناس ليعوا خلود هذه الشريعة وكمالها وسعتها لبيان حكم ما يجد ". ورفع شكره في نهاية كلمته لخادم الحرمين الشريفين على رعايته ودعمه للمجمع وسمو ولي عهده الأمين ولسمو النائب الثاني، كما شكر معالي مدير الجامعة والعاملين كافة في المؤتمر على ما بذلوه من جهود في سبيل إنجاحه . من جهته أشار معالي أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي الدكتور أحمد خالد بابكر خلال كلمة له إلى أن المؤتمر يأتي في إطار السعي لخدمة الشريعة الإسلامية وبيان أحكامه في مجموعة من ميادين الحياة . بعدها تلى الأمين العام للمجمع البيان الختامي، بالقرارات والتوصيات التي تناولت موضوعات المؤتمر، ففي موضوع التحوط في المعاملات المالية، قرر المجمع تأجيل إصدار قرار في هذا الشأن للحاجة لمزيد من الدراسات،بحيث تتناول تحوطات المؤسسات المالية الإسلامية،وكذلك البدائل الشرعية للتحوطات التقليدية . أما موضوع استكمال الصكوك الإسلامية أتخذ المجمع عدد من القرارات في حكم تأجيل الأجرة في الإجارة الموصوفة في الذمة، وفي حكم تداول صكوك إجارة الموصوف في الذمة قبل تعيين محل العقد، وفي حالات إصدار الصكوك . كما اتخذ قرار المؤتمر حول موضوع المسؤولية الجنائية لقائدي المركبات بسبب السرعة وعدم المبالاة، بوجوب الالتزام بأنظمة المرور التي قصد بها المصلحة العامة، ويحرم أن يتصرف قائد المركبة تصرفا يفضي غالباً إلى الإضرار بنفسه أو بغيره، ويضمن ماترتب على تصرفه من أضرار، ومن ذلك: قطع الإشارة الحمراء، والسرعة الكبيرة المفرطة، والاستعراض بالسيارة (التفحيط) والمطاردات غير المشروعة، والإهمال في صيانة أو قيادة المركبة إهمالا ينشأ بسببه الضرر، ورأى أنه إذا ترتب على هذه التصرفات جناية على النفس أو ما دونها فيتحمل المسؤولية الجنائية عمداً أو شبه عمد أو خطأ بحسب الحالة، ولولي الأمر تعزيره بما يراه من عقوبة مناسبة، كما أوصى المجمع الجهات ذات العلاقة في الدول الإسلامية ببث الوعي بأهمية الالتزام بقواعد السير والآثار السيئة على الأفراد والمجتمعات المترتبة على مخالفة تلك القواعد . وحول موضوع الاستحالة والمواد الإضافية في الغذاء والدواء أتخذ المجمع القرارات اللازمة وأوصى بضرورة الاستفادة من جلود وعظام الحيوانات المذكاة لاستخراج مادة الجيلاتين التي تستخدم في الغذاء والدواء، وذلك حفاظاً على الثروة الوطنية وتجنباً لشبهات استعمال مواد من مصادر غير مقبولة شرعاً، ودعوة المسؤولين في البلاد الإسلامية لكي يراعوا في الصناعة الدوائية والغذائية الشروط والمواصفات المقبولة شرعاً من حيث المواد الخام وطرق التحضير، وإلزام المسؤولين في البلاد الإسلامية الشركات المنتجة والمستوردة للمواد الغذائية المحفوظة ببيان التركيب التفصيلي لجميع مقومات كل عبوة بشكل واضح وباللغة الوطنية، والطلب من المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية بالكويت لمتابعة الجديد في مجال الغذاء والدواء، وعقد ندوة - بالتعاون مع المجمع - لدراسة تلك المستجدات وإبداء حكمها الشرعي . وبشأن موضوع تجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية رأى المجمع تأجيل الموضوع للدورة القادمة وإعداد أبحاث فيه . أما موضوع الأحكام والضوابط الشرعية لأُسس التأمين التعاوني فقد فصّل المجمع القرارات فيه ب21 مادة، وأتخذ عدد من التوصيات منها إنشاء مجلس شرعي دولي تحت إشراف مجمع الفقه الإسلامي الدولي، تسهم في تأسيسه مؤسسات البنية التحية للصناعة المالية الإسلامية، تكون من المهام الرئيسة له إصدار المعايير الشرعية التي تنظم أعمال التأمين التعاوني، والعمل المصرفي الإسلامي، واعتماد تلك المعايير من قبل المجمع، وتبنيها من الجهات الإشرافية والرقابية بحيث تكون بمثابة القوانين الحاكمة لعمل المؤسسات المالية الإسلامية، مع الإيعاز للأمانة العامة للمجمع القيام بمزيد من الدراسات في بعض قضايا التأمين التعاوني . وبشأن موضوع الذكاة بعد التدويخ بالصدمة في ضوء المستجدات قرر المجمع تكليف أمانة المجمع بتشكيل لجنة من بعض أعضاء المجمع وبعض خبرائه للقيام بزيارات ميدانية للدول التي تستورد منها اللحوم، يكون من مهام اللجنة وضع معايير إجرائية تضمن تحقق الذكاة بالضوابط الشرعية، والتثبت من مطابقة الذكاة التي تقع في مصانع إنتاج اللحوم للأحكام الشرعية للذكاة، طبقاً للقرار المشار إليه أعلاه، ومطالبة معهد المقاييس والمواصفات للدول الإسلامية (سيميك) بالتأكد من مصداقية الشهادات التي تصدرها الجهات المعنية بهذا الأمر. وفي موضوع الحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية اتخذ المجمع عدد من القرارات وأوصى بضرورة التأكيد على وجوب احترام أمهات المؤمنين والصحابة وآل البيت من جميع أتباع المذاهب الإسلامية، وعدم الإساءة لهم وانتقاصهم بطعن أو تجريح، وتحريم تكفير أي فئة من المسلمين تؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتؤمن بأركان الإسلام، وأركان الإيمان، ولا تنكر معلوما من الدين بالضرورة، وحرمة دماء المسلمين باختلاف طوائفهم، وتحريم الاقتتال بينهم مطلقا، ومنع الدعوة المنظمة للمذهب المخالف بين المذاهب الأخرى لما يؤدي إليه من الفتنة وتفريق الصف وبث الفرقة وإثارة الضغائن والأحقاد، وتعميم التوصيات السابقة على الدول الأعضاء من أجل تضمينها في مناهج التعليم، ووسائل الإعلام، وتبنيها في المواقف السياسية المختلفة، وعقد المجمع ندوات وملتقيات تهدف إلى تعميق الحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية، وإزالة العوائق التي تمنع ذلك، والتأكيد على الثوابت والقيم المشتركة، ونشر ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال.