لطالما يؤلمنا تاريخ السقوط ونخشى النهوض بحضارته ونحن نعلم أن أول خطوة في النهوض تكمن في إصلاح الذات البشرية أو المهنية. منذ سنين احتلنا الإسبان ببراعة، في الجمعيات الخيرية التي يتسابق لها أهل الثراء وميسورو الحال بالخيرات ليكفلوا الأيتام وينالوا الأجر والغفران وهبة الرحمن. وسارعوا إليها لنبل أهدافها فكانت أندلس العمل الخيري في سمو رؤيتها ورسالتها ولكن اغتصبها الإسبان وسلبوها بحنكة قرطبية. مزقوا بنودها وعبثوا في خزائنها وسلبوا حُليها لاستقطاب حاشية ترى في هذه المهمة الإنسانية فرصة وظيفية بحتة، عارية من الهوية الإنسانية فصلبوا العدل بالرواتب المغرية للهؤلاء وقطعوا الكفاءات والخبرات التي كافحت بأيديهم وأرجلهم من خلاف، فكان نهر دماء الاستقالات في حالة فيضان مستمر. ماذا بعد؟.. استمر الإسبان في فسادهم حتى أخفوا ملامح حضارة الأندلس التي استمرت لقرون مضت، كما هو حال بعض هذه الجمعيات الخيرية تجمع إيرادات مليونية لتقدم خدماتٍ دون المستوى المليوني. فيستمر العطاء من الأيدي البيضاء بدواعي الخير والغفران، ويستمر الفساد على أيدي الإسبان بدواعي السلطة والجاهية فلا رقيب على تبرعات نقدية مدفوعة ولا التزام باللوائح المشروطة ولا جودة منابرها الخارجية الموضوعة. ومازلنا متضامنين بزينا التقليدي كما أقسمنا حينما احتل الإسبان الأندلس أن لن نعود بلبسه أبيضاً حتى نحررها.