وأنت تجول في معرض الفنان حسين السماعيل، الذي أقيم في قاعة الفنون في جمعية الثقافة والفنون بالدمام، تحت مسمى «إطار»، تتذكر بأن الفنون ليست وحدها تتجاور وتتداخل، كل شيء في هذا الكون مدفوع للمجاورة والمواجهة حتى في لعبة التواصل اليومي والفضاءات الاجتماعية السبرينية، لذلك يتسع إطار المعرض لهذه المراوحة بين المناقدة الاجتماعية والممارسة الفنية التي لم تبخل في نزوعها الفني ناحية المزج بين الصوت والصورة والأداء. ولأنه مهجوس بلعبة الإطارات دفعنا على غير اختيار للدخول في إطار بلا سحنة، إلى مسرح مفتوح على مفارقات النغم في جدل بين الكامنجا والفلوت، وعلى جدارية مبنية لمجهول السجالات الإلكترونية، وأفعال التشكيل في تأسيس كتلة إطارات فوتوجرافية، يصبح فيها الإطار المادي وحدة صغرى ضمن إطارات تتكاثر على حد التكرار والتباين. بلا إطار شاء السماعيل أن يجمع كل تلك الفنون والحالات التي تشي برغبة فاقعة لتغليب حس المسرح على هذا الفضاء الفني، ابتداء من الوصلة الموسيقية تحت بقعة الضوء، ومرورا بالتشكيلات الجسدية الصامتة، التي توزعت في زوايا المكان، وانتهاء بالإطارات الكبيرة كمفردات ديكورية. لم يخف السماعيل حماسته لعنوان المعاصرة في هذه التجربة، فهو يشير إليها في وصف المعرض، وهذه الخلخلة في وحدة العمل الفني هي جزء من الدلائل التي يريد بها احتقار الأنماط التقليدية، والبحث عن شروط راهنة لصياغة فعل فني متجاوز، حتى مسرحة الإطارات في حد ذاتها اندفاع لمقاربة تجارب حديثة سابقة نظرت في هذه العلاقة بين اللوحة التشكيلية والفعل المسرحي… ليس هنالك مساحة من غموض إذا ما نظرنا إلى أغراض المعرض وأهدافه، بيد أن هذا لا يقلل من صعوبة التوفيق بين المزاوجات الكثيرة داخل التجربة، وعن المراوحة في منطقة غير مستقرة جماليا، والإصرار على تحريرها من إطار فني يهبها الاختلاف والفرادة. لست مع التضييق على محاولات الخروج من الإطارات السائدة، بل لست مع صياغة معادلات فنية لتحديد اتجاهات الممارسة لدى الفنان، لكن اكتشاف العلاقات الممكنة واللحظات الجدلية بين أشكال التعبير الجمالية تستوجب استثمارا ذكيا في العلاقة البينية المتولدة عن هذا الاحتكاك بين مختلف الفنون، فالخروج عن إطار اللوحة التشكيلية، وإطار الحياة اليومية لم يكن حائلا دون التورط بالبقاء ضمن حدود التقاليع المسرحية المحلية التي أوحت له بكثير من مظاهرها الإشكالية!. كاتب وناقد سعودي