لم يكن أمام الفسطيني حسن قاسم من حي الشيخ رضوان شمال مدينة غزة، بدُ إلا الاتصال بأحد موزعي المياه النقية لملء خزان في بيته لاستخدامها للشرب، بعدما أظهرت أبحاث أن 90% من مياه قطاع غزة ملوثة وغير صالحة للشرب. وينفق قاسم صاحب الدخل المحدود حوالي 200 شيكل شهرياً ( الدولار يعادل حوالي 3,8 شيكلاً) لشراء المياه لاستخدامها كذلك في الطهي. ويعاني سكان قطاع غزة الساحلي من أزمة مياه حادة بسبب سرقة إسرائيل للمخزون الجوفي، وتفاقمها في ظل الحصار المتواصل منذ أكثر من ثلاث سنوات. "اضطر لشراء المياه لملء الخزان لاستخدامه للشرب والطهي لأن المياه التي تصلني مالحة جداً وملوثة" يقول قاسم وهو يمسك بخرطوم المياه. وأشار الى أنه يدفع للموزع عشرة شواكل مقابل كل 250 لتراً من المياه، منوهاً الى أن راتبه الشهري محدود مما يزيد من أعباء حياته. ويعتمد غالبية سكان القطاع (1.5 مليون نسمة) على شراء المياه العذبة التي يتم معالجتها في محطات خاصة. ويحمّل مسئولون ومختصون فلسطينيون اسرائيل مسئولية أزمة المياه في قطاع غزة، لمنعها إدخال المعدات المخصصة لصيانة آبار المياه، علاوة على سرقتها للمخزون الجوفي. ووصف أمين عام مجلس الوزراء د.نعيم أبو الحمص، الوضع المائي لفلسطين بأنه وضع "كارثي"، بسبب حرمان الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين من حقوقهم المائية، وسرقة هذه المصادر. وقال أبو الحمص: "إن الوضع في قطاع غزة كارثي بسبب قيام إسرائيل بسحب المياه بشكل مكثف من الحوض المائي الصغير أصلا إلى استهلاك مصادر المياه، وأدى إلى توغل مياه البحر إلى عمق 1,5كم وبالتالي ارتفاع نسبة ملوحتها". وأضاف: " نتيجة لذلك فإن 50% من الآبار في قطاع غزة أصبحت غير قابلة للاستخدام في الري، وما يزيد عن 90% من الآبار التابعة للبلديات لا تتواءم ومعايير منظمة الصحة العالمية للاستخدام البشري، وإن الجهود لإقامة محطة لتحلية مياه البحر في قطاع غزة هو أحد البدائل التي تسعى الحكومة لتحقيقها في هذا المجال". وحذر منذر شبلاق مدير مصلحة مياه بلديات الساحل في قطاع غزة، من أن نسبة التلوث في مياه قطاع غزة تصل إلى 90% . وأكد أن الأزمة متفاقمة نتيجة عدم وجود محطات معالجة لمياه الصرف الصحي ومحطة تحلية للقطاع. وأكد كذلك وجود مشكلة حقيقية في المياه وأخرى في البيئة، مشيراً إلى أن مصلحة مياه البلديات بالتعاون مع عدة جهات معنية استطاعت أن تحد من الأخطار المحدقة بالسكان المحيطين بأحواض المياه في غزة. وأوضح أن أحواض الصرف الصحي في شمال القطاع أصبحت أكثر أماناً، لافتاً إلى أن هناك مشكلة بيئية نتيجة الضغط على الخزان الجوفي وسوء استهلاك واستخدام المياه من قبل السكان. وشدد سعد زيادة المسئول في إتحاد لجان العمل الزراعي: "الاحتلال الإسرائيلي مستمر منذ عقود في سلب المياه الفلسطينية". وأكد سعد أن فلسطين من أكثر الدول التي تعاني من شح المياه، مشيراً إلى أن الحصار الإسرائيلي ألقى بظلاله على تطوير مصادر المياه من خلال منع إدخال أي معدات تساهم في تحسين واقع المياه في غزة. لكن حسن قاسم حذر من تفاقم أزمة المياه خلال الصيف القادم، قائلاً: "اليوم تصلنا المياه وفي الصيف قد لا نجدها."