وجهت صحيفة الجالية اليهودية في بريطانيا 'الجويش كرونيكل' انتقاداً حاداً لوسائل الاعلام البريطانية، زاعمة أنها تفسح المجال لانتقادات لاسامية غير مشروعة ضد اسرائيل. وأفردت الصحيفة في عددها الأخير الصادر الجمعة تقريراً نقلت فيه تصريحات على لسان ليور بن دور المتحدث الاعلامي باسم الحكومة الاسرائيلية في بريطانيا والذي يحزم أمتعته حالياً متوجهاً الى العاصمة الأرجنتينية بيونس آيريس لتسلم منصب الرجل الثاني في سفارة اسرائيل هناك بعد أن قضى نحو ثلاثة أعوام في منصبه في بريطانيا. وأبدى بن دور في حديثه مع الصحيفة عدم رضاه عن بعض وسائل الاعلام البريطانية، وخص منها بالذكر صحيفتي 'الغارديان' و'الاندبندنت' وبعض جوانب العمل في هيئة الاذاعة البريطانية. وكشف عن سعيه الحثيث للتأثير على عمل هذه الوسائل، متباهياً بأن مساعيه قد تمخضت عن بعض 'الانتصارات' رغم الصعوبات التي اعترضته في سبيل ذلك. وضرب مثلاً على هذه الانتصارات نجاحه في تغيير الصفة التي يقدم بها رئيس تحرير 'القدس العربي' عبد الباري عطوان في وسائل الاعلام البريطانية التي تستضيفه للتعليق على مجريات الأحداث في منطقة الشرق الأوسط. وقال انه نجح في تغيير الصفة التي تعطى لعطوان في هذه الوسائل من 'خبير ومحلل لشؤون الشرق الأوسط' الى رئيس تحرير صحيفة 'القدس العربي' فقط. وزعم بن دور أنه بفضل اتقانه للغة العربية أفلح في اقناع تلك الوسائل بحقيقة أن عبد الباري عطوان يختلف في تحليله الذي يقدمه بالانكليزية عما يكتبه بالعربية في صحيفة 'القدس العربي' التي يرأس تحريرها، معرباً عن ارتياحه لنجاح مساعيه التي حصرت عبد الباري عطوان في صفته المهنية فقط. ولكن بن دور عاد وأعرب عن أسفه لتردي صورة اسرائيل في الخارج رغم اقراره بأن الوضع قد تحسن خلال الشهور الأخيرة. كما أعرب عن قلقه من أن النهج 'العدائي' الذي تسير عليه صحيفة الغارديان تجاه اسرائيل من شأنه أن يسهم في زيادة المسافات بين الصحيفة ودولة اسرائيل وسفارتها في بريطانيا. وحذر من أن 'الحوار الهدّام' الذي لحظه في الاعلام البريطاني عند تسلمه مهام منصبه قبل ثلاث سنوات قد تدهور الى مرتبة غير مقبولة من 'النقد المشروع'. وكانت صحيفة الجويش كرونيكل نشرت قبل شهور قليلة ما يشبه القائمة السوداء لمن يواظبون على انتقاد اسرائيل. ورصدت بين هؤلاء عبد الباري عطوان ود. ريتشارد فالك مقرر الاممالمتحدة في غزة، والطبيب النرويجي د. مادس غيلبرت الذي تطوع في مساعدة الفلسطينيين طبياً ابان فترة الحرب الأخيرة التي شنتها اسرائيل على غزة أواخر العام الماضي. الطريف أن الصحيفة قالت في شأن عطوان ومن أجل أن تبرر تهجمها عليه انه ضيف منتظم على هيئة الاذاعة البريطانية وسكاي كخبير في شؤون الشرق الأوسط ووصفته بأنه 'دعائي مبالغ'. وأوردت من تصريحاته قوله ان 'موقفنا واضح: نحن نؤمن بأن الاسرائيليين يحتلون أرضاً عربية. ندعم النضال الفلسطيني من أجل اقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة ... أعتقد أن الغرب ووسائل الاعلام الغربية تخاف من الاتهامات بالعداء للسامية'. ولا يمكن اعتبار هذه التصريحات بأي حال من الأحوال بأنها تنطوي على عداءٍِ لليهود أو مخالفة للقوانين والشرعة الدولية التي تدعم الحق الفلسطيني في اقامة الدولة. وكانت مؤسسة 'ميمري' اليهودية التي يديرها أحد ضباط جهاز 'الموساد' الاسرائيلي السابقين والمتخصصة في مراقبة الاعلام العربي وترجمة بعض مقالاته وبرامجه، قد اجتزأت فقرة من مقابلة اجرتها قناة 'ANB' اللبنانية مع السيد عطوان وقال فيها انه سيفرح لو قصفت ايران اسرائيل بالصواريخ، وعممتها على معظم الاجهزة الاعلامية الغربية كدليل على تطرفه ورغبته في تدمير اسرائيل. والتقطت صحيفة 'الجيروزاليم بوست' الاسرائيلية هذه الفقرة، وكلفت احد مراسليها في لندن بالقيام بحملة مكثفة لدى المحطات التلفزيونية البريطانية الرئيسية، والاحتجاج على استضافتها كما تزعم لشخص 'متطرف' مثله في برامجها كمحلل لشؤون منطقة الشرق الاوسط. واكد مسؤولون داخل محطة 'سكاي نيوز' وتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية 'بي بي سي' أن هاتين المؤسستين تلقيتا طلباً من مراسل الصحيفة الاسرائيلية بالاجابة على تساؤلاته هذه وتوضيح مواقفهما في هذا الشأن خطياً، وقالوا انهم تلقوا مئات الرسائل الالكترونية الاحتجاجية (E.Mail) من مشاهدين بريطانيين من الجالية اليهودية تحتج على ظهور السيد عطوان على شاشاتها. ويبدو ان هذه الحملة قد حققت نجاحاً كبيراً، فقد تقلص ظهور عطوان في المحطات التلفزيونية البريطانية بشكل ملحوظ في الفترة الاخيرة.