طمأن معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز العساف الجميع على اقتصاد المملكة العربية السعودية خاصة في ظل الأزمة الاقتصادية التي يعيشها العالم حالياً وقال : إن المملكة مستمرة بإذن الله في الانتعاش الاقتصادي وستتحسن الأوضاع إلى الأفضل خلال العام المقبل وفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي الذي توقع أن ينمو الاقتصاد العالمي خلال عام 2010 إلى 2 في المئة . وقال معاليه في لقاء صحفي مشترك مع معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد بن سليمان الجاسر، عقد في لندن مساء أمس الخميس إن المملكة بفضل الله ثم بفضل السياسات الاقتصادية التي اتبعتها حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ( حفظهما الله ) والمتعلقة ببرنامج الحكومة الاستثماري وتنوع النشاط الاقتصادي المحلي للدولة الذي لا يعتمد على النفط فقط، لم يتأثر نمو الاقتصاد السعودي بالشكل الكبير من الأزمة الاقتصادية كبقية الدول الأخرى التي وصل فيها مستوى النمو الاقتصادي إلى السالب أو الصفر . وتحدث معاليه خلال اللقاء عن مشاركة المملكة العربية في قمة مجموعة العشرين التي اختتمت أعمالها اليوم وقال : إن القادة ناقشوا في القمة ستة محاور تركزت حول إعادة الثقة والنمو والتوظيف، وإصلاح النظام المالي وإعادة النمو، والرقابة المالية وعلاقتها بالاستقرار . وأضاف إن القادة ناقشوا كذلك محاور دعم المؤسسات المالية للخروج من الأزمة الحالية والعمل على ألا تعود، بالإضافة إلى تشجيع التجارة الدولية من خلال الحد من السياسات الحمائية أو تمويل التجارة، وإقرار برنامج الإصلاح والنمو الشامل لجميع دول العالم خاصة الفقيرة. وأفاد معاليه أن دول المجموعة اهتمت بمناقشة برنامج الإنعاش الاقتصادي في اقتصاديات دول العالم المختلفة الذي قدر لبرامجه كاملة في اجتماع واشنطن مبلغ خمسة ترليون دولار، تبنّت المملكة العربية السعودية من خلاله برنامج للاستثمار والتنمية في قطاعي الحكومة والنقدي الذي يعدً من أكبر البرامج من حيث حجم الاقتصاد وذلك بمبلغ يقدر ب( 400 بليون دولار)، وذلك لخمس سنوات. وأوضح معاليه أن الصندوق الدولي أعد دراسة للسياسات التي اتخذتها دول مجموعة العشرين تبين من خلالها أن برنامج المملكة للاستثمار في البنية الأساسية وغيره هو أكبر البرامج في المجموعة، مشيراً إلى أن المملكة ولمدة ثلاثة سنوات قدرت لهذا البرنامج ميزانية تقدر بنحو عشرة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لها، في حين أن أقرب دول العالم لهذا الرقم هي اسبانيا ودولة أخرى بأقل من نصف الحجم بالنسبة للمملكة. وبيّن في ذلك الصدد أن الهدف الأساسي من ذلك هو دعم الاقتصاد السعودي، الذي فيه فائدة للاقتصاد العالمي من خلال إنفاق الاقتصاد المحلي للمملكة، بالإضافة إلى الدول الأخرى التي تبنت برامج مماثلة. وشرح معاليه أن من ضمن السياسات الأخرى التي تم التركيز عليها في إعادة نمو الاقتصاد العالمي، هو أن تبدأ البنوك والمؤسسات المالية في الإقراض الجديد، عطفاً على الجفاف في الإقراض حيث إن المؤسسات المالية لا تقرض، بسبب حالة التخوف الكبير، بالإضافة إلى التخلّص من الأصول (السامة) التي بقيت متجمدة ولا يوجد عليها عرض أو طلب. وذكر معالي وزير المالية أن صندوق النقد الدولي، أكد أنه إذا تم الأخذ بهذه السياسات، فإن النمو في الاقتصاد العالمي سيتعرض إلى حالة من الاستقرار الاقتصادي، وارتفاع في النمو وذلك خلال عام 2010 وبنسبة 2 في المئة بعكس تقديرات العام الجاري التي قدرت بالصفر تقريباً، على أن نسبة الارتفاع المتوقعة قابلة للنقص أو الزيادة بحسب ردة فعل الأسواق على المحفزات وسياسات التنشيط الاقتصادي. وعن دعم صندوق النقد الدولي، قال معاليه : كان هناك بحث للحصول على دعم للصندوق بنحو 250 بليون دولار، ساهمت فيها اليابان بنحو 100 مليون دولار، والإتحاد الدولي 100 مليون دولار، وبعض الدول الأخرى، إلا أن المملكة العربية السعودية لازالت تدرس الخيارات المتاحة التي تخدم مصلحة المملكة لدعم الصندوق . ونفى معاليه ما تداولته بعض وكالات الأنباء العالمية من أن المملكة قدمت 90 بليون دولار دعماً لصندوق النقد الدولي بالإضافة إلى تقديم اقتراحات حول ذلك، مبيناً أن هذه المعلومات لا أساس لها من الصحة. وتطرق معاليه إلى جهود دول العالم التي تبذل للحصول على مبالغ لتمويل التجارة الدولية التي تتعرض لانخفاض كبير، من خلال ما تقوم به المؤسسات المالية التي لديها نشاط للإقراض في التجارة إضافة إلى ما يسمى مؤسسات تمويل الصادرات للدول المختلفة لتنشيط تجارتها. وأكد في هذا الجانب أن المملكة لها عدة قنوات لتمويل التجارة أهمها قناة الصندوق السعودي للتنمية، الخاص لتمويل التجارة حيث خصص له 15 بليون ريال، وهو برنامج ينمو باستمرار، وسينشط بإذن الله في تمويل الصادرات السعودية، فضلاً عن وجود صناديق أخرى تصب في ذلك المجال مثل : صندوق النقد العربي، والبنك الإسلامي، والمؤسسة الإسلامية لتمويل التجارة، والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار وتمويل الصادرات. ولفت إلى أن صندوق النقد الدولي، أجرى دراسة اقتصادية توصل فيها إلى أن كل مناطق العالم تعرضت لانخفاض في تمويل التجارة عام 2008م ماعدا منطقة الشرق الأوسط والفضل يعود بعد الله إلى وجود صناديق تمويل التجارة. وأوضح معالي وزير المالية أن دول قمة العشرين أكدت في اجتماعها اليوم أهمية ألا يكون هناك سياسات حمائية من قبل المجموعة، مشيراً إلى أن البنك الدولي أصدر تقريراً حول ذلك ووجد أن 17 دولة من الدول الأعضاء تبنت سياسات حمائية سواء للتجارة أو التمويل أو غيره، فيما عدا ثلاث دول منها المملكة العربية السعودية، التي التزمت بما تم الاتفاق عليه في واشنطن، بالإضافة إلى جنوب أفريقيا واليابان. من جهة ثانية قال معالي محافظ مؤسسة النقد الدكتور محمد الجاسر // إن عوامل الاستقرار والنمو والوظائف شكلت هاجس القمة الحالية // موضحاً أن هناك جهود مشتركة من قبل الدول الأعضاء لمحاصرة هذه المشكلة عبر محاور القمة الستة. وفيما يخص القطاع المالي، قال // هناك جهود مشتركة ومنسقة ولأول مرة بين الدول الكبيرة، لخفض تكلفة الإقراض (خفض الفوائد)، وإعادة رسملة البنوك الضعيفة لتعود لسوق الإقراض، وهذا سيؤدي إلى استقرار الأسواق المالية في البداية، ومن ثم يعطي دفعة للنمو الاقتصادي، من خلال المؤشرات الإيجابية التي توقعها صندوق النقد الدولي خلال العام المقبل . وأضاف // أن المملكة كانت تؤمن بأنه يجب أن يكون هناك إشراف جيد على القطاع المالي، بينما وجد أن الدول التي عانت من المشكلة الاقتصادية العالمية هي التي أخذت بمبدأ الإشراف الذاتي، والذي ثبت من خلال مناقشات القمة أنه لن يعود خيار مطروح أو مقبول وهذا على مستوى الدول الكبرى وغيرها من الدول المشاركة في اجتماعات قمة العشرين //. وأشار معاليه إلى أن المملكة انضمت إلى مجلس الاستقرار المالي الذي كان يسمى سابقا ( منتدى الاستقرار المالي ) وهو منوط مع صندوق النقد الدولي، بمتابعة تطورات الأجهزة الإشرافية على القطاعات المالية في كل دول العالم، وخاصة تلك التي تؤثر على وضع أسواق المال العالمية، التي يشمل تأثيرها الدول العالمية. وأفاد في ذلك الصدد أن هذه خطوة جيدة في اعتراف الدول النامية في المساهمة بالإشراف على القطاعات المالية والطرق الإشرافية على أسواق المال إضافة إلى برنامج المملكة في هذا المجال. وقال // كثير من الدول أسهمت لكن جزء من هذه المساهمات تذهب إلى إعادة رسملة مصارفها وبنوكها التي عانت من الانهيار الاقتصادي، لكن برنامج المملكة العربية السعودية التنموي، ذهب إلى مشاريع إنتاجية داخل المملكة في الوقت الحاضر، وفي المستقبل كذلك عندما تعود حركة الانتعاش الاقتصادي بحيث تحصل البلاد على النصيب الجيد من هذه الحركة التي يتوقع أن تبدأ عام 2010م //. وشدد معاليه على أن القطاعات المالية السعودية ( ولله الحمد ) لم تعان من أي مشاكل ولا تحتاج إلى إعادة رسملة أو إلى عمليات إنقاذ تصبح عبئا على ميزانية الدولة. وأكد على أنه لا مكان للإشراف الذاتي على القطاعات المالية، مشيراً إلى أهمية أن يكون الإشراف عالمي وحصيف مع وجود تنسيق بين الدول حول ذلك، لأن بعض المؤسسات الكبيرة في العالم أصبحت لا تؤثر فقط على دولها واقتصاداتها بل وصل تأثيرها إلى الدول الأخرى وهذا بالتالي يحقق إنجازاً كبيراً على مستوى العالم.