بسم الله الرحمن الرحيم لا ادري أهي ثقافةٌ في مجتمعنا ، أم هي وراثة ، أم أن الشعوب المتحضرة دأبت على استخدام الحزم الذي لا يُفرِّقُ بين (غني ولا فقير) ولا (رئيس ولا مرؤوس) مع انحسار في كمّية (الواسطة) وتدنّي في مستوى (النظرة الدونية للغير). أنا يا سادة أمام مشكلة لا ادري كيف أصفها ، أو من أين أبدا في الحديث عنها. مشكلتي باختصار ، أن شريحة ليست بالقليلة من مجتمعنا ليس لديها الحس الكافي في الحفاظ على المقدرات العامة للوطن ، و التي هي في الأصل لي و لك ولفلان و فلتان بالقدر الواحد من المِلكية ، وما أن تُناقش أحدا منهم في مثل هذا الموضوع ، إلاّ و يقول لك (يا رجّال فلوس الحكومة واجد) !! سبحان الله .. وهل يعني إذا كانت ( فلوس الحكومة واجد ) أن نقوم بتكسير المرافق العامة وكراسي الجلوس على الكورنيش مثلا ، ومصابيح الإضاءة ؟؟؟ ( وقفة صريحة ) هل سبق لك أن كنت حاقنا واحتجت إلى قضاء حاجتك في مكان عام ؟؟؟ ما أن تذهب لبعض المنتزهات الحكومية مثلا ، وتكون بحاجة أكرمك الله لأن تقضي حاجتك ، إلّا وتتوجه لذلك المبنى المخصص لذلك ، فإذا دخلت وشاهدت بعض المناظر لا بد تتساءل .. أكان في هذا المكان بشر؟؟؟ وبقدرة قادر !! ينتابك إحساس غريب بأنك لم تعد بحاجة إلى هذا المكان ، وهذا لا نشاهده في بعض المنتزهات فحسب ، بل وللأسف الشديد في بعض دورات المياه التابعة للمساجد ، وأنا هنا لا أريد أن أناقش دور الشركات والمؤسسات التي تقوم بأعمال النظافة والصيانة التي يتم التعاقد معها بهذا الخصوص ، ولكن أناقش هنا ثقافة هذا الشخص الذي لربما كان بعض البهائم أكثر حياء منه عند قضاء الحاجة. (وقفة صريحة) هل سبق أن ذهبت في نزهة بريّة ؟ ما أن تذهب للتنزه في أحد الأماكن البرية ، إلا وترى شريحة ليست بالقليلة من مجتمعنا قد تركوا أماكنهم وكأن أحدا لن يجلس بعدهم في نفس المكان ، فتجد الأغلفة ، والقوارير ، وقشور البصل ، والبرتقال ، وبقايا الخضروات وغيرها منثورة ، ولا ادري حقا هل من الصعب أن يضع أحدنا نظاما للعائلة بأن نترك المكان نظيفا كما كان ، وذلك بوضعنا للقمامة في مكان خاص بها ؟؟؟ ما أسهل هذا العمل ، بل وما أعظمه في تربية أبنائك على النظافة ، وعلى حب الخير للغير ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه). والغريب العجيب جدا ، أننا نرى من بعض المتنزهين هداهم الله من يعمد إلى (الطوب) الخاص بالرصيف فينزعه من مكانه ، ليضع عليه قِدْر الطبخ !!!!!! فأعود فأسأل نفسي نفس السؤال الأول ، هل الإشكال في الثقافة ، أم أنه ليس لدينا الحزم الكافي لتقويم سلوك بعض أفراد المجتمع. دعوني أنقل لكم تجربة شخصية دخلت إلى أحد المطاعم يوما ما ، فسألت المحاسب ، لماذا يُسمح بالتدخين في هذا المطعم الذي نأكل فيه نعمة الله تعالى ، ومن المفترض أن نشكره بعد الانتهاء من الطعام بقولنا الحمد الله ، لا بقولنا (عندك ولّاعة) ؟؟؟ فقال لي بالحرف الواحد ( هذا لو كان في بلدي لغُرّم المدخن بخمسمئة .. ولغرم صاحب المطعم بثلاثة آلاف .. ) فكأني بدأت أقتنع أننا بحاجة فعلا لبعض الحزم لحل مثل هذه الإشكالات.. (وقفة صريحة) هل استخدمت جهاز (صرّاف النقود) يوما ما ؟ (لتسديد المديونية القديمة ، وبطاقات الفيزا ، في نصف ساعة و بطريقة شرعية) أسألكم بالله العظيم ، ألا يسوؤكم هذا المنظر الهائل لعشرات الملصقات داخل حجرة جهاز الصراف ، التي لربما يوما ما ستلصق على الشاشة نفسها ، ألا يشعر هؤلاء الناس أن هذا الجهاز للمجتمع ككل ، ومن حقنا أن ندخله وهو في هيئته الجيدة ، لماذا شوهنا مثل هذه المرافق التي يرتادها الآلف من الناس من مواطنين ومقيمين . ومثل هذا التصرف الغير مسؤول ، نرى بعض الشركات (الوهمية الكاذبة) للنظافة تملأ أبواب بيوت الناس بملصقاتهم بدون أذن أصحابها ، حتى لربما تشاهد على (صندوق الكهرباء) الخاص بمسكنك عشرين أو ثلاثين إعلان. (وقفة صريحة) لا بد أنك قد اضطررت يوما إلى السفر عن طريق الجو في مملكتنا الغالية لأي غرض ما .. ما أن تدخل إلى أحد المطارات بالمملكة ، إلّا وتشعر بأنك قد نسيت اصطحاب (كمامتك الخاصة) ولست هنا أتحدث عن كمامٍ عادي ، بل أقصد ذلك الذي يُستخدم للوقاية من الأسلحة الكيميائية. نعم أقولها و بدون مبالغة ، المدخنون في بلادنا هداهم الله لا يحترمون حق المجتمع في استنشاق الهواء النظيف ، فما ذنبي أيها المدخن أن تُشركني في هذه الرائحة النتنة التي لربما أصابتني بالمرض أو بضيق في التنفس.. أيها المدخنون : أنتم اعرف الناس بأن التدخين حرام ، فلا تزيدوا حرمته بأذية المسلمين وقد قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) وهذه الظاهرة ليست في المطارات فحسب ، بل وفي الأسواق ، وفي بعض المطاعم ، بل تعدى الأمر إلى أبعد من ذلك ، فقد أصبحت كثير من المنتزهات البحرية مثلا ، توفّر الشيشة لمرتاديها لتدخين الجراك ليلوثوا حتى نسيم البحر الذي لم نستمتع باستنشاقه دون أذيّة ، والله المستعان. (وقفة صريحة) هل لديك أبناء يدرسون في مدارس حكومية؟ لا بد يوما ما ، قد ذهبت وشاهدت ابنك في المدرسة للسؤال والاطمئنان عليه. الحقيقة أن المشاهد للطاولات التي يدرس عليها الطلاب يجد العجب العجاب ، فهذه الطاولات لم يتم الاعتداء عليها (بالشخمطة) فحسب ، بل تعدى الأمر إلى النحت ، وكذلك هي الكراسي ، وأبواب الفصول ، وسأترك لكم التأمل في هذه النقطة بالذّات ، لأنها تصدر في المدارس لا في الشوارع. الفقير إلى الله : محمد ابن الشيبة الشهري [email protected]