اسمها أميرة بوراوي، تتزعم منذ ما قبل انتخابات الرئاسة التي قادت الرئيس الجزائري إلى عهدة رابعة ما بات يعرف بحركة "بركات" (أي كفى باللغة الفصحى)، تنزل الشارع كلما دعت الحاجة رفقة مناصريها من الحقوقيين والإعلاميين والسياسيين للمطالبة بالتغيير السلمي الهادئ. تعارض السلطة لكنها صارت في الآونة الأخيرة مصدر إزعاج التيار الإسلامي المتشدد في الجزائر على خلفية منشورات تضعها بوراوي على صفحتها على الفايسبوك لا تروق لهؤلاء مثل دعوتها مؤخرا إلى إبعاد الدين عن السياسة وعدم التحدث باسم الإسلام أو احتكاره. أسئلة تقود إلى محاكمات وتعود أميرة بوراوي وهي طبيبة نساء وتوليد بأحد مستشفيات العاصمة الجزائر، إلى الواجهة بعدما نشرت قبل اسبوع على صفحتها رأيا أثار زوبعة في الصحافة المحلية تسأل فيه هل كان الرسول (صلى الله عليه وسلّم) يستعمل المكبرات في عهده لدعوة الناس إلى الصلاة، وكانت تتحدث عن مشكلة واجهتها بعد ليلة قضتها مداوِمَة في المستشفى، عندما منعتها مكبّرات الصوت لأحد المساجد المتاخمة لبيتها من النوم، وكانت مكبرات الصوت آنذاك تنقل خطبة الجمعة، فيما المفروض حسب بوراوي، أن تتوجّه الخطبة إلى من كانوا داخل المسجد وليس خارجه. وسرعان ما وجد كلام الناشطة السياسية طريقه إلى الصحافة قاد إلى إيقاظ غضب ممثلي التيار الإسلامي المتشدد في الجزائر على رأسه زعيم ما يسمى "جبهة الصحوة الحرة الإسلامية السلفية" الشيخ عبد الفتاح حمداش زيراوي، الذي راح يصف الطبيبة بكل النعوت ويقول عنها "مارقة وخارجة عن الملّة"، فيما أخذت القضية أبعادا أخرى على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو إلى عدم محاكمة وتجريم الذين يخالفوننا الرأي أوتكفيرهم، وما تزال القضية تسيل الحبر لحد الساعة. الطبيبة أميرة بوراوي أميرة بوراوي في واحد من الاعتصامات التي كانت تنشّطها بالعاصمة الجزائر سجّلي أنا مسلمة.. ولا أحد يحتكر الدين والتقت "الرياض" بالناشطة أميرة بوراوي، وسألتها كيف تعيش هذه الحلقة الجديدة من الصدام بينها وبين من تخالفهم الرأي فترّد: "يزعجني أن يحتل هذا الموضوع الذي تم تحريفه عن موضعه كل هذه المساحة في الصحف الجزائرية وكل هذا الحجم، في حين أن الأولى هو التركيز على حالة الانسداد السياسي الذي تشهده البلاد" ورفضت بوراوي وصفها ب "المارقة" وتقول ل "الرياض": "بعض الجهلة يتحدثون باسم الإسلام والأخير منهم براء، ويرغبون في العودة بالجزائر إلى العشرية السوداء، من خلال المناورة وتوجيه الرأي العام، هؤلاء يرون في كل حديث عن الديمقراطية أنه حديث ضد الدين والإسلام. سجلّي.. أنا مسلمة وأحترم المجتمع الجزائري ذي الأغلبية المسلمة، لكن هذا لا يمنعني من النضال من أجل فصل الدين عن السياسة، حتى لا يظل الدين رهن السياسة" وتضيف: "لا أحد يمكنه احتكار الدين أو الحديث باسمه، ولم يمنع الدين يوما المسلم من التعبير عن رأيه، بل العكس ظل الإسلام يدعو إلى الحوار والشورى والمعاملة بالحسنى وليس التطرف!! إسلام "حمداش" لا أعرفه ولا يعنيني وفي إجابتها على السؤال: "أنت تدخلين في مواجهة مع زعيم حزب سلفي متشدد.. المعركة ليست سهلة؟ تقول أميرة، وهي من اسرة جزائرية مناضلة، والدها مجاهد معروف: "لن أدخل في أي مواجهة مع أي كان، ومعركتي الوحيدة هي مع الشمولية والتسلط، أناضل من أجل إقرار الديمقراطية، وهذا منذ سنوات، ولست أناضل ضد الإسلام رغم أن الإسلام الذي شربته منذ ولادتي يختلف عن الإسلام الذي يصدّره المدعو عبد الفتاح حمداش للجزائريين.. إنه إسلام لا أعرفه ولا يعنيني، ثمة أشخاص من أصحاب النوايا الفاسدة لا يستعملون نفس الأدوات التي استعملها في النضال، هم يستعملون أدوات وسخة، استغلوا صوري واسمي وعائلتي لأغراض خطيرة، أسوأ من ذلك، صار هؤلاء يقوّلون أميرة بوراوي ما لم تقل، وينسبون لها كلاما لا يتناسب مع ثقافتها كمسلمة، فقط لإيقاظ الفتنة وتحريك المتطرفين ضدي لإيذائي وإيذاء عائلتي ". صحافة الدعاية توقظ الفتنة ودعت الناشطة السياسية التي حرّكت الشارع الجزائري طيلة الفترة التي سبقت وأعقبت انتخابات الرئاسة في 17 أفريل الماضي الذين ينتحلون اسمها عبر صفحات على الفايسبوك بالكّف عن ذلك، وترّد على السؤال: "ما الذي تخشاه أميرة أكثر؟ بأنها تخشى على حياتها وحياة عائلتها وترى في الصور التي يتم ترويجها عبر صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي تنتحل اسمها وتنشر صور عائلتها أنها تدخل في إطار "جنحة التزوير واستعمال المزور" وتقول إنها لن أسكت عن هذا الوضع وستلجأ إلى العدالة. واتهمت أميرة بوراوي بعض الصحافة الجزائرية بتأليب المتطرفين ضدها عندما قالت: "أنا أتعرض لهذه الحملة منذ قرابة السنة يجب أن تكّف صحافة الدعاية عن تأليب المتطرفين ضدي بنقل وتحريف كلامي، ويجب أن يفهم هؤلاء أن نضالي الوحيد هو من أجل إقرار الحريات والديمقراطية وليس موجهّا ضد اشخاص. وأن الحوار والنضال من أجل تكريس ذلك ليس قضية أشخاص بل قضية أفكار. لنكّف عن تجريم الناس لأنهم يعبرّون عن قناعاتهم.. لنكّف عن المساس بسمعة الناس لأنهم يدينون يختلفون في الرأي عنّا".