مساء يوم أمس الأول الأربعاء ألقت بطولة كأس الخليج الثانية والعشرون عصا التنقل والترحال بين الفِرق، وودعت موسمها بتفوق المنتخب القطري وفوزه على المنتخب السعودي بهدفين مقابل هدف، وحصوله على الكأس، وقد أشرتُ في لقاء الجمعة الفائت إلى أن من غرائب هذه البطولة مقاطعة الجماهير السعودية حفل الافتتاح ونكوصهم عن تشجيع المنتخب بشكل تراجيدي محزن، غير أن الجمهور السعودي انتصر على خيباته وتجاوز أحزانه، وحضر للمؤازرة، وكانت النتيجة أن باء بمزيد من سوء الحال والآمال. ومن عجائب هذه البطولة التي لا تخطئها عين المتأمل ذلك الإحراج الكبير الذي سبَّبَهُ المنتخب اليمني لجميع الفرق التي قابلها في البطولة؛ حيث فاجأها بذلك الترتيب والمستوى الفني الرفيع والأداء المدهش داخل المستطيل الأخضر. لقد كان المنتخب اليمني - بحق- هو بطل هذه الدورة في الالتزام بأدبيات الفن الكروي، يليه المنتخب العماني وبخاصة في مباراته أمام المنتخب الإماراتي لتحديد المركزين الثالث والرابع، وهذا -دون ريب- لا يعني أبداً أن الفرق الأخرى لم تكن تتمتع بنسب متفاوتة من الأداء المتقن والتنويع الراقي في التعامل بأبجدية السلم الرياضي الحقيقي وإنزال الكرة بالجمال كله في مكانها الصحيح. ومن الصعب جداً أن نقول: إن الفكر الرياضي والتفكير الكروي كان حاضراً؛ لسبب بَدَهي هو أن التنظير والتوجيه خارج المستطيل الأخضر شيء، والاندغام في المعمعة والمواجهة والتكيف مع ما يفرضه الطرف الآخر شيء آخر وبحث مختلف، تماماً مثل أن نحاول أن نوائم بين الفترات المسترسلة واللحظات الخاطفة. والمنتخب اليمني يجعلنا بشكل جدلي حتمي نستحضر ظاهرة الجمهور اليمني العجيب الذي شكل أعجوبة فريدة من أعاجيب هذه البطولة، وأخجل الجماهير الأخرى، وجعلها تعيد التفكير في علاقتها بمنتخباتها. ومن مفاجآت هذه البطولة كذلك فوز المنتخب الإماراتي على المنتخب العراقي في نهاية النصف الأول بهدفين دون مقابل !!. أما أعجوبة العجائب وغريبة الغرائب في هذه الدورة فهي هذه المعادلة الرباعية المثيرة: (خمسة.. في الكويت.. من عمان.. دون مقابل.) !! كيف صارت ؟! وكيف كانت ؟! أتمنى من أكثر المحللين والمفسرين ذكاءً وعبقرية أن يحل عقدة هذه الإشكالية الرياضية. أين مَعْقِدُ الإشكالية ؟ معقد الإشكالية أن المنتخب الذي فاز بخمسة أهداف نظيفة هُزِمَ في مقابلته التي جاءت بعد مباراته الاستثنائية بثلاثة أهداف!! وأُخْرِجَ من المنافسة بهدف!! كيف يمكن استيعاب ذلك؟ لا بد أن في الأمر حدثاً لا نتبينه، إنه حدثٌ يغيب عنه المنطق ولا يقترب منه المعقول الرياضي.. هذا.. وقد اخْتَتَمَتْ هذه البطولةُ جملةَ عجائبها وغرائبها بأن انتزعت الكأس من المنتخب السعودي وهو على أرضه وبين جمهوره وأهدته إلى المنتخب القطري، ليسجل بذلك فوزه الثالث بكأس هذه البطولة، وبهذه المناسبة نقدم التهنئة والمباركة إلى النجم العربي (جمال بلماضي) وإلى فريقه وإلى(قطر) الشقيقة، ونتمنى للمنتخب السعودي أن يحقق البطولات التي تعيد الثقة إلى الجماهير المحبطة، كما نتمنى على الاتحاد السعودي لكرة القدم أن يجيد اختيار المدربين الذين يقفون بجدارة خلف إنجازات المنتخب.. (بصدق، "لوبيز" لا طعم ولا لون ولا رائحة). **-- خاتمة لاتغيب: غريق بليل الهزائم سيفي ورمحي جريح.. ومهري على شاطئ الزمن العربي .. يلوك العنان.