قال مراقبون إن القوات الفرنسية وحلفاءها إن أرادوا إبقاء تنظيم القاعدة بعيدا في صحراء شمال مالي فهناك ضرورة لمنعه من الاستيلاء على أكبر الجوائز في بحر الرمال البيضاء وهي الآبار. لذلك علا صخب طابور من العربات المدرعة والشاحنات الصغيرة يقل جنودا من فرنسا وبوركينا فاسو ومالي هذا الشهر وهو يتجه إلى قرية تقع شمالي تمبكتو حيث يسقى الرعاة الإبل والماعز. كان الجنود يبحثون عن أثر لتسلل المتشددين إلى القرية سعيا وراء الماء الذي يحتاجون إليه مثلما يحتاج إليه المقيمون وكذلك لإقناع سكان القرى بأفكارهم. استعملت فرنسا الطائرات دون طيار والطائرات الحربية وطائرات الهليكوبتر في عملية استهدفت ضرب ملاذات الجهاديين في خمس من دول الساحل لكن الجنود يقولون إن كسب تأييد السكان المحليين أساسي لتحقيق الهدف وإن هذا يفرض اتصالا مباشرا بهم. وخلال مصاحبة دوريات استمرت أياما قال سكان لرويترز إنهم راضون كثيرا عن وجود القوات متعددة الجنسيات ويمقتون القاعدة. ولوح السكان بأيديهم مرحبين بالدوريات في كل مكان ذهبت إليه. وتقول القوات الفرنسية إنها تواجه معضلة. فإبعاد المتشددين عن المنطقة يتطلب التزاما طويل المدى والجيش المالي ليس مستعدا لذلك. وقال القائد الفرنسي في مالي الكولونيل جان-ميشيل لوسيتي "هناك مؤسسات في مالي. إنها ببساطة تحتاج إلى أن تعمل". وكانت مالي قد بدأت للتو محادثات جديدة مع المتمردين ومعظمهم من الطوارق في الجزائر العاصمة بهدف إنهاء انتفاضات استمرت عشرات السنين في الشمال. وقال لوسيتي إن الوصول بالمحادثات إلى النجاح يمكن أن يوفر للقوات المالية فرصة محاربة القاعدة. وفي تشاد بدأ رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أمس السبت زيارة تستمر يومين للقوات الفرنسية المشاركة في القتال ضد الجماعات الجهادية في منطقة الساحل، قبل ان يتوجه الاحد الى النيجر. وقالت رئاسة الحكومة الفرنسية ان فالس الذي وصل الى نجامينا يرغب في تأكيد دعمه للاجراءات والعسكريين المشاركين في عملية برخان التي تقودها فرنسا مع خمس دول في منطقة الساحل هي موريتانياوماليوالنيجروتشاد بوركينا فاسو. واطلقت هذه العملية في اغسطس لتحل محل عملية سرفال التي جرت في مالي من اجل وقف تقدم الجماعات الجهادية. ويسعى العسكريون حاليا الى توسيع نطاق برخان لتشمل شمال النيجر وشمال تشاد بالقرب من ليبيا التي تعد "ملاذا" لعدد من الجماعات. وبعد لقاء مع الرئيس التشادي ادريس ديبي في القصر الرئاسي، سيتوجه فالس الى معسكر كوسي القاعدة العسكرية الفرنسية المجاورة لمطار نجامينا والتي يتمركز فيها حوالى 1300 عسكري فرنسي. وتضم هذه القاعدة مقر قيادة عملية برخان. والى جانب تفقد كتيبة سلاح الجو (ثلاث طائرات حربية من طراز رافال) في نجامينا، وجولة بمروحية في محيط العاصمة التشادية، سيلتقي فالس جنودا يعملون في "القاعدتين المتقدمتين الموقتتين" في فايا لارجو وماداما التي يجري اعدادها في اقصى شمال النيجر. وتريد هيئة الاركان الفرنسية الاعتماد على هاتين القاعدتين لقطع طرق اتصال الجهاديين مع قواعدهم الخلفية في ليبيا. وكانت فرنسا خفضت عديد قواتها في مالي الى 1300 لكنها عززت في الاسابيع الاخيرة وحداتها في شمال هذا البلد خصوصا تيساليت وادرار ايفورقاس بعد سلسلة هجمات دامية على بعثة حفظ السلام التابعة للامم المتحدة. وافاد مصدر حكومي ان 3200 جندي فرنسي يشاركون حاليا في عملية برخان، اي اكثر من الهدف الذي كان محددا بثلاثة آلاف رجل. ويعتبر الجيش الفرنسي نجامينا موقعا اساسيا لمحاربة جماعة بوكو حرام الاسلامية المتطرفة التي تبعد معاقلها في نيجيريا بضع عشرات من الكيلومترات على الاكثر غرب العاصمة التشادية. وسيواصل فالس رحلته الاحد بزيارة الى النيجر التي شهدت ثلاث هجمات مسلحة في الاشهر الاخيرة في مؤشر الى تحركات جماعات قدمت من مالي إلى تشاد وخصوصا تنظيم حركة التوحيد والجهاد في غرب افريقيا. وجرح ثلاثة جنود نيجريين على الاقل الخميس في هجوم جديد على ثكنة للجيش تبعد نحو تسعين كيلومترا عن نيامي. وسيتفقد رئيس الوزراء الفرنسي القاعدة 101 في نيامي التي تقلع منها طائرات بلا طيار تابعة للجيش الفرنسي لتقوم بمهمات استطلاعية في كل مناطقة الساحل والصحراء. وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قام برحلة مماثلة الى تشادوالنيجر في يوليو الماضي في اطار جولة في افريقيا. وحرصت رئاسة الحكومة على التأكيد ان زيارة فالس لا تهدف الى تجاوز صلاحيات رئيس الدولة قائد الجيش. وقالت ان "رئيس الوزراء مسؤول عن الدفاع الوطني وهذا وارد في الدستور"، مؤكدة انه "تم تنظيم كل الرحلة بالتنسيق مع الاليزيه" القصر الرئاسي.