يعاني مجتمعنا وللأسف من ثقافة النقد السلبي أكثر من الإيجابي حيث يرى البعض أنفسهم وكأنهم كاملون (والكمال لله سبحانه) وأن بقية المجتمع في عينيه مجرد سلبيات متراكمة مليئة بالعيوب التي لا يمكن معها حلول ولا يمكن أن تصل لمستوى الإشادة والرضا. الكثير أغفلوا ما يسمى بالنقد البناء، وهو ما يحتاجه مجتمعنا لصناعة وتعزيز الثقة بالنفس وبناء الطموح، ولو نهج الإيجابية من كان ديدنه النقد السلبي لتحول مجتمعنا إلى مجتمع فاضل، وتحول الكِبر إلى تواضع، والحسد إلى حُب ولأصبح هدف الإنسان أسمى وأعلى مما هو عليه الآن. ولا تتوقف المسألة هنا فقط على النقد السلبي ومحاولة الاستنقاص بل يعقبها كارثه إضافية، وهي أن من يمارس سياسة النقد السلبي تجده أول من يمارس ما ينهى عنه وينتقده، ومع ذلك تجده وبكل نرجسية مقيتة يلتمس العذر لنفسه بفعله هذا، ويصبح ذلك النهي البغيض أمراً محمودا، ليس لشيء وإنما لأنه فعل ذلك وهو يرى في نفسه الكمال. ومن هنا لن يتقدم الفرد ولا المجتمع خطوة للأمام لأن تلك الفئة المتعالية صاحبة (الأنا) لن تنظر إلى ما يفعله غيرهم بنظرة عدل وإنصاف وحب وشفقة ورحمة، بل تتمادى وبكل أسف بالرد عليهم بكل مفردة حاقدة ناقدة ناقمة لهدم الروح المعنوية للمجتمع وذلك بسبب إحساسهم بالنقص والدونية، لذلك فهم مستمرون في إكمال نقصهم عن طريق استنقاص غيرهم حتى يرضوا ذواتهم المريضة. ومما يؤلمنا حقاً ما نراه في الدول المتقدمة والتي نسأل أنفسنا وفكرنا وعقولنا لماذا هي دائما متقدمة؟ بالرغم من أنها دول لا تنتهج الدين الإسلامي في نظامها وكان أولى بها أن تكون هي من يزاول تلك الثقافة الهدامة (النقد السلبي).لديهم وجدنا العدل والإنصاف والنقد البناء الذي ساهم في بناء مجتمعهم والنهوض بأفرادهم.. ونجحوا بذلك لأن الإنسان سبب الحضارات. ولو أن المجتمعات المسلمة طبقت تعاليم الدين الاسلامي الحنيف وساروا على نهجه ونهج السيرة النبوية وما تحويه من قصص وعبر في هذا المجال لما أصبح حال الأفراد والمجتمعات المسلمة كما هو الآن، ولما وصلوا إلى هذه الحالة من الضعف والنقص والإجحاف بحق الغير بسبب الغيرة والحسد ومحاولة إرضاء نفس أمرت صاحبها بأن يكون لبنة سيئة في نسيج مجتمع مليء بأفراد إيجابيين منتجين.