لا تزال الجريمة الإرهابية، التي وقعت في قرية "الدالوة" في الأحساء، وامتدت ذيلوها إلى شقراء في منطقة الرياض وبريدة في منطقة القصيم، تكشف عن الأبعاد الخطيرة التي استهدفها الأرهابيون، وخابت مطامعهم الخبيثة، بفضل الله ثم بفضل يقظة أجهزة الأمن، ووعي المواطنين... فالخلية الارهابية التي نفذت "جريمة الدالوة" لم يكن هدفها "اثبات" وجودها من خلال محاولة إرباك الأجهزة الأمنية، ولكن مقاصدها أبعد من ذلك بكثير، إذ استهدفت الوحدة الوطنية، وزرع الفتنة، وشق الصف الوطني. هذه الأهداف السوداء سرعان ما اكتشفها المواطنون، وزادت قناعتهم عندما أحاط رجال الأمن في وقت وجيز بفلول الخلية الإرهابية، والقبض على منفذي الجريمة واتباعهم في عمليات متزامنة أسكتت رصاص الغدر والفتنة، وقدمت فيها أجهزة الأمن نجاحاً قياسياً. الجرائم الإرهابية على خبثها، وقساوة ما يسفر عنها من ضحايا أبرياء، هي باستمرار تكشف عن نقاء معدن شعب المملكة، وصلابته وتماسكه بوحدته، وأنه دوماً يستعصي على الاستهداف.. فإذا كان القصد من جريمة "الدالوة" ضرب التضامن بين شرائح المجتمع، وتمزيق نسيج المجتمع السعودي، فما وقف عليه العالم إثر تلك الجريمة من إجماع وطني على إدانة المخطط الذي قادته الخلية الإرهابية، والتأكيد على أن أهدافهم مفضوحة، هو بمثابة رد عملي يلقم حجراً على من يتوهم إمكان استهداف الوحدة الوطنية. ومشاعر التراحم والتآزر التي تظلل أسر الشهداء من المواطنين ورجال الأمن هي أيضاً من المبادىء الأصيلة لمجتمعنا المسلم.. فالقيادة باستمرار تضع هؤلاء الرجال الميامين في المكانة السامقة التي يستحقونها.. والقيادة الأمنية ممثلة في الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، وزير الداخلية، وكذلك أمراء المناطق يواسون أسر الشهداء ويعيشون مشاعرهم، ويكفكفون دموع الصغار، ويطمئنونهم بأن الوطن يحملهم في الحدقات. إن جريمة "الدالوة" درس عميق، إذا كان للإرهابيين أن يعوا ما أفضت إليه محاولتهم اليائسة.. فالهدف لم يتحقق، بل تكسر على تماسك المجتمع، وتشتت بفعل الوعي الراكز لمعنى الاستقرار والمحافظة على النعم التي أنعم الله بها على بلادنا، وقافلة التنمية التي ستواصل المسير. لافتات في التشييع تؤكد على عمق الحب لهذا الوطن