تناولت قناة «العالم» الإيرانية خبر حادثة الاحساء بروح طائفية كريهة حمّلت خلالها قواتنا مسؤولية الحادث المؤسف وقالت بالنص إن «السعودية أطلقت النار على مجلس عزاء في الاحساء!» في كذب صريح وتزييف للحقيقة وسقوط مهني فادح تحركه دوافع طائفية لا تريد خيراً ببلادنا. وذلك على الرغم من شفافية وزارة الداخلية وتوفيرها للمعلومة أولاً بأول وإعلانها الفوري لكل تطورات ملاحقتها للجناة الذين ارتكبوا الجريمة. ليست قناة «العالم» استثناء في الكذب والتحريض والتجييش الطائفي, بل تقف معها جملة من القنوات الدينية الشيعية والسنية التي اتخذت من وتر الخلاف المذهبي وسيلة للتكسب المادي. قنوات مثل «الأنوار» و»صفا» تبث صباح مساء برامج طائفية بامتياز تدعو صراحة لكراهية الآخر وتصفيته فكرياً ونفسياً. وتزعم من خلال ما تبثه أنها تقوم بمهمة رسالية نبيلة غرضها المحافظة على عقيدة المذهب والدفاع عنها أمام خصومها من المذهب الآخر. هذه القنوات مأزومة, تعمل بنفسية «الحرب», وتتغذى على كتب تراثية قديمة كتبها أصحابها في أزمنة الصراعات المذهبية, وتريد تصدير هذه النفسية المأزومة إلى الجمهور العريض من عامة الناس, وقد نجحت على مدى سنوات من البث المتواصل من أن تجعل الخلاف المذهبي على رأس اهتمامات البسطاء. من يوقف هذه القنوات عند حدها؟ ولماذا ننتظر وقوع الفأس في الرأس حتى ندرك خطورة التحريض الطائفي؟ هل يعقل أن قناة «دينية» بثت قبل نحو العامين فيلماً وثائقياً يحرض بشكل صريح ضد «الشيعة» دون محاسبة؟ وهل يعقل أن كثيراً من القنوات الشيعية التي تحرض ضد أمن الوطن لا تزال تبث من أقمار عربية مثل نايلسات دون أن نتحرك في اتجاه إغلاقها؟! هذه القنوات الدينية السنية منها والشيعية خطر على وحدة الوطن بممارساتها الإعلامية غير المسؤولة التي لا تدرك عواقب خطابها الطائفي. عندما تبث قناةٌ ما برنامجاً يُكفّر فيه الشيخ الشيعي أهل السنة, أو يكفر الشيخ السني أهل الشيعة, فلا تحتاج القناة عندها أن تطلب من مشاهديها أن يقتلوا خصومهم, إذ يكفي أن تقول لهم إن خصومهم كفار ويكفي أن تصفيهم فكرياً ليأتي الحركيون المتشددون ويقومون بالتصفية الجسدية. وهذا للأسف ما يظهر في كثير من برامج هذه القنوات. إن حماية المجتمع من خطر هذه القنوات مسؤولية هيئة الإعلام المرئي والمسموع التي لا بد أن تضع قوانين صارمة للممارسة الإعلامية تُجرّم من خلالها الخطاب الطائفي بمختلف درجاته واتجاهاته, وتمنع استخدام الألفاظ والتعبيرات الطائفية التي تستخدم عادة في الصراع المذهبي من كل الأطراف, وأن تغلق القنوات التي تتبنى هذا الخطاب, لأن الأمر يتعلق بوحدة وطن وسلامة مواطنيه من مختلف الأطياف والمذاهب. نطالب بهذه المطالب ونحن نرى ما أثمر عنه الصراع الطائفي في العراق وسورية الذي أحرق الأخضر واليابس في حرب عبثية الكل فيها خاسر.