ليست مواجهة حربية وتحديد مصير، ولقاء حياة أو موت، أنها مباراة كرة القدم بين الهلال وسيدني في مسيرة التنافس الرياضي عامة والقاري تحديداً، يتنازع فيها الفريقان على اللقب لمدة 90 دقيقة، وربما تصل إلى الوقت الاضافي وركلات الترجيح، الهلال يملك ادوات الحسم أن لعب بمستواه المعروف والتركيز المطلوب، وسيدني لديه الفرص للفوز، من يحصر مستقبل "الزعيم" في هذه المباراة فهو يرى الرياضة وحضور ناديه وتاريخه وقيمته الفنية والعناصرية وجميع ما حققه من ألقاب لم يحصل عليها غيره من زاوية الربح الوقتي فقط من دون الايمان أن الفريق الأزرق كيان شامخ يهتز ولكنه لا يسقط، ربط الفرح والحزن في هذه البطولة لا يليق بكيان تم تشييده بتعب الرجال وتضحيات الجماهير وعطاء اللاعبين ودعم الشرفيين وفكر المدربين واخلاص الاداريين، صحيح أن الفوز مطلب حتى في المباريات الودية ولكن ما هو أهم من ذلك هو مراعاة ورعاية مصالح هذا النادي حتى عندما لاتسير الرياح بما تشتيه السفن. الهلال سلسلة مترابطة من الأجيال المضيئة اداء وخلقاً وعطاء وتاريخاً وتأثيراً في الرياضة وخدمتها على المستوى الوطني، لا تهزها عثرة ولا تسقطها الظروف وقمر لا تحجبه المنغصات والانكسارات ان حدثت، فرز السلبيات والتعاطي مع الايجابيات بمنظار (إن الهلال يبقى شامخاً)، إن خسر اليوم او تعثر غدا، او حاصرته الظروف في الايام الأخرى لابد أن يكون هو الشعار المرفوع في كل وقت، زيادة احمال الضغط على الادارة والشحن على اللاعبين والمدرب، لايمكن أن يدفع إلى البطولات مالم يكن هناك تعاطٍ متعقل مع ظروف المنافسة ومعطيات الواقع، مالم تدرك قيمة فريقك وخطورة الخصم وأهمية اللعب بتوازن واستثمار الامكانات المتاحة بمثالية. إن تحققت «آسيا» فهي إضافة لبطولاته.. وإن لم تأت فالمستقبل كفيل بإحضار جميع البطولات في سيدني خسر الهلال شوطاً، وكان هو الأفضل ولكنه لم يسجل، وفي الرياض ينتظر تكمله الشوط الثاني، ومن يحسن موقفه وتعامله ويقرأ خصمه من واقع من مختلف الزوايا والمعطيات بعيدا عن العاطفة الجياشة والحث السلبي على طريقة (الشيء اذا زاد عن حده انقلب إلى ضده)، ستكون الكلمة له والكأس من نصيبه، وعلى هذا الاساس فلتحضر الجماهير المخلصة التي هي (كنز الهلال وكنز الرياضة) دورها في الملعب وخلال وقت المباراة النهائية، فكثرة مطالبة اللاعبين قبل المباراة و(هي تدرك أن اللاعب لا يدخر شيئاً نحو تحقيق المجد لنفسه وناديه ورياضة بلده) ربما تشحنهم وبالتالي يفقدون التركيز ومن ثم التأثير عليهم سلباً، لذلك على كل هلالي ألا يصدق ولا يثق الا بالعطاء المتزن والاداء المملوء بالكفاح والروح واستثمار الفرص. مسألة التذكير ببعض المواقف ان الفريق فاز في مباراة في اعوام مضت ومن ثم عاد وانتصر هذا أمر انتهى بزينه وشينه، وظروف الأمس تختلف عن ظروف اليوم، الكرة اصبحت فكراً وعزيمة، وتحولت الى فهم صحيح الى كل ما يحيط بها من مؤثرات (حلوها ومرها)، على هذا الأساس فالضغط الأزرق على اللاعبين والمطالبات الجماهيرية وتصوير المواجهة بالسهلة تارة، والصعبة تارة أخرى ليس بالأمر الجيد لأن فيه عدم تقدير مثالي للموقف، خصوصاً أن الإدارة والمدرب واللاعبين عرفوا الخصم جيدا والتقوه على أرض الواقع، ولم يبق الا تنفيذ ماهو مطلوب منهم على المستطيل الأخضر في العاصمة، العاطفة الجماهيرية لا يمكن أن يتحكم بها صاحب القرار في النادي لأن هناك من يهمه الفوز من دون توظيف ادوات الحسم، ولكن على الأقل تواجهها قراءة جيدة من الادارة والجهازين الفني والاداري وعناصر الفريق بذهن صافٍ، وتركيز عالٍ، والاهتمام بالجزئيات والتركيز عليها وعدم الاكتراث بالشحن الاعلامي والجماهيري الذي ربما يكون مفترق طرق، فهناك من يطالب وهذه المطالبة ربما غير مفيدة، وهناك من يحاول أن يخدر تارة ويحبط تارة أخرى، مع يقيننا التام بأن اعضاء الفريق الأزرق يدركون هذا الشيء ويلمون به تماما والفوز بيد رب العالمين قبل كل شيء. الاعداد النفسي والجلوس مع اللاعبين وايضاح ما هو المطلوب منهم بعيدا عن صيحات مشجع عاطفي وآخر اتى لغرض في نفسه، أمر مطلوب، لايمكن ان تطالب اللاعب بما هو فوق طاقته، ولكن تبين له وترسم له المسار الذي يمكنه من تحقيق المأمول فالفريق الاسترالي لا يمكن أن يعتمد على شحن جماهيره وما يطرح في إعلام بلاده، ولكن سيعتمد على ال90 دقيقة التي خاضها في بلاده ومن ثم استثمارها الايجابيات التي جناها في سيدني حتى تعزز من موقفه في الرياض وبالتالي الحفاظ على ماحققه من نتيجة ايجابية هناك، مباريات كثيرة وبطولات متعددة قدمت لنا دروساً لا يمكن تجالها، فرق كانت شبه ضامنة للفوز على الخصم، وأخرى وضعت نتيجة المباراة لصالحها مسبقاً، والنتيجة ماذا كانت؟.. خسرت النتيجة واضاعت البطولة.. كيف؟.. لأنها استجابت للضغط الاعلامي والجماهيري تارة وعدم احترام الخصم تارة أخرى اضافة الى عدم توفر الاعداد النفسي الجيد فكان الظهور غير الايجابي.