ترغب فرنسا بمناسبة تولي الرئيس الاميركي جورج بوش ولاية رئاسية ثانية في انطلاقة جديدة لعلاقاتها مع الولاياتالمتحدة التي تأثرت سلبا بالحرب على العراق، على ان يشكل الملف الاسرائيلي الفلسطيني اختبارا في هذا الاطار. ويقوم الرئيس الفرنسي جاك شيراك بزيارة الى واشنطن قريبا للقاء بوش. وتتواصل المحادثات بين البلدين لتحديد موعد الزيارة. ويلتقي الرئيسان الفرنسي والاميركي في بروكسل ايضا خلال زيارة يقوم بها بوش في 22 شباط/فبراير لمقر حلف شمال الاطلسي ولمؤسسات الاتحاد الاوروبي. وأكد وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه ان «العام 2005 يجب ان يشكل انطلاقة جديدة» في العلاقات بين فرنساوالولاياتالمتحدة. واعتبر ان «الاختبار» في هذا المجال سيكون احياء عملية السلام في الشرق الاوسط. وقال الاثنين للصحافيين ان «تحدي السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين يجب ان يكون في صلب العلاقات الجديدة». وتنوي الحكومة الفرنسية المضي قدما من خلال الاستفادة من الاجواء الجديدة التي خلفها انتخاب محمود عباس رئيسا للسلطة الوطنية الفلسطينية وتشكيل حكومة اسرائيلية جديدة بمشاركة العماليين وعزم اسرائيل على الانسحاب من قطاع غزة. الا ان محللين يقللون من اهمية هذه الآمال كما هي الحال مع باسكال بونيفاس مدير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية والاستراتيجية. وأوضح بونيفاس لوكالة فرانس برس ان «الامر مهم جدا لكن في الوقت الراهن وعلى صعيد هذا الملف هناك هوة فعلية بين الموقف الفرنسي والموقف الاميركي. الفرنسيون يريدون مزيدا من الضغوط على اسرائيل للتوصل الى نتيجة بينما يرى الاميركيون انه يجب عدم الضغط على اسرائيل». ويرغب ميشال بارنييه في التوجه كل ثلاثة او اربعة اشهر الى الولاياتالمتحدة «لتكثيف الحوار«، حسبما اكد وزير الخارجية الفرنسي في مقابلة مع صحيفة «انترناشونال هيرالد تريبيون». واوضح بارنييه ان الحوار يجب ان يكون «منتظما اكثر وعلى اساس اصغاء واحترام متبادلين». لكن القضية العراقية لم تمح بعد. فالمسؤولون الاميركيون يحملون فرنسا مسؤولية فشلهم في الحصول على الضوء الاخضر من الاممالمتحدة لاجتياح العراق ولا يفوتون اي فرصة لانتقاد مواقف باريس. لكن باريس قامت بمبادرات تظهر حسن نيتها على صعيد بعض الملفات لا سيما بشأن العراق ولبنان. فباستقبالها الرئيس العراقي المؤقت غازي الياور في باريس ابدت فرنسا دعمها الجلي للانتخابات في العراق. ووافقت كذلك على الغاء حتى ثمانين بالمئة من الدين العراقي. اما على صعيد الملف السوري-اللبناني فقد عرضت باريس مع واشنطن القرار 1559 في الاممالمتحدة الذي يطالب بانسحاب القوات السورية من لبنان ونزع اسلحة حزب الله الشيعي اللبناني. وتفيد مصادر دبلوماسية ان باريس لا تنوي تغيير سياستها لكنها تريد العمل لتجنب ان «تحول الاختلافات دون قيام حوار». وشدد المصدر ذاته على التعاون الفرنسي الاميركي الجيد في مجال مكفحة الارهاب وبشأن افغانستان وغرب افريقيا وهايتي. ويقول بول بونيفاس لوكالة فرانس برس ان «العلاقات الفرنسية الاميركية تكاد تكون بطبيعتها خليطا من التعاون والتعارض لأن فرنسا تصر على ابراز اختلافها ولا تشاطر الاميركيين كل تحاليلهم لا سيما حول مسألة التعددية».