يعيش المجتمع منذ إنشاء هيئة الإسكان ومن ثم وزارة الإسكان حالة من الأمل والترقب تجاه قضية الإسكان علها تجد طريقها إلى المعالجة حيث تشكل حيزاً هاماً وكبيراً ومتناميا من هاجس شريحة كبيرة من المجتمع السعودي ورغم الأمل المدفوع بالدعم والإمكانات اللا محدودة التي وفرتها حكومة خادم الحرمين الشريفين من الأموال والأراضي وبرامج التمويل والتشريعات المساندة إلا أن ضبابية مشروع واستراتيجية الإسكان دفعت جميع الأطراف إلى حالة من الترقب أحدثت نوعا من الارباك التي أضافت عبئاً كبيراً على قدرة المجتمع بفئاته المختلفة التعامل مع هذه القضية، فالراغبين بشراء مساكن وخصوصا ذوي الإمكانات المحدودة تمثل لهم التوجهات الاستراتيجية للإسكان أمرا مهما في قرار الشراء أو البناء والاقتراض أو خيار الانتظار ومع مرور الوقت تتعقد القضية ويكبر حجم الخسائر على كل ذوي العلاقة ويصبح القرار أصعب لما للمعلومة الدقيقة والواضحة وتوفرها في الوقت المناسب والوضوح في الرؤية لاتخاذ القرار من أهمية لا تخفى على أحد. وقد وصلت حالة الترقب إلى شيء من الإرباك في بعض الأحيان لدى فئات المجتمع المختلفة وسبب طول انتظارها بتراجع النشاط في قطاع الإسكان حيث لا نتائج ملموسة في هذه القضية رغم الدعم والاهتمام السخي من الحكومة. وقد أُغرقنا جميعا بحديث طال وتشعب حول الرسوم على الأراضي والذي ليس من الحكمة أن نعلق قضية الإسكان برمتها وحلولها بجزئية تفاوتت الآراء حول تأثيرها مما زاد من ارتباك الحراك العام في كل ما هو متعلق بالإسكان وخدماته المساندة. ولأن المأمول من المشروع الإسكاني أن يكون مشروعاً وطنياً يحقق تنمية شاملة ليس في توفير مسكن فقط ولكن برنامجا وطنيا يشمل توفير السكن وبيئة الإسكان ويحفز وينسق للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مناطق المملكة المختلفة بتوفير البيئة الأساسية لها ويسهم في التنمية المتوازنة ويساعد على التوازن في التوزيع الإسكاني في مناطق ومدن المملكة. كما أن الإسكان يمكن ان يستخدم كأحد أهم المحفزات للإنتاج والعمل والتفوق وبهذا المشهد الشامل للإسكان وما وفرت الدولة لهذا المشروع من موارد يكون هذا البرنامج الوطني أحد أهم مقومات ومحركات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وأحد الحلول الشاملة المستقبلية التي تتطلع لها حكومتنا الرشيدة. ولكي يتحقق الحل الشامل وتعظم الفائدة الوطنية من مشروعنا الإسكاني الوطني فإن هناك خمسة مرتكزات أساسية: والتي هي في صلب قضية الإسكان على المدى القصير والمتوسط والطويل وهي الضمان بإذن الله لمواجهة هذا التحدي وخلق سوق متوازن يصحح جميع التشوهات ويوجد التوازن بين العرض والطلب والإمكانات ويمكن تلخيصها فيما يلي:- - المرتكز الأول: وزارة الإسكان مشرع ومنظم ومحفز وميسر: أن يكون دور وزارة الإسكان تطوير التشريعات وبرامج التحفيز في مواجهة قضية الإسكان وتيسير ضخ أنماط مختلفة من المساكن التي تتناسب والمتطلبات الاجتماعية والإمكانات المالية للفئات المستهدفة وتتخلى عن البناء المباشر لتكون المحرك الأساسي لصناعة الإسكان وتفعيل وتنشيط دور العديد من الجهات المختلفة ودفعها لتشارك في توفير المساكن. - المرتكز الثاني: مركز وطني لأبحاث الإسكان: إنشاء مركز وطني لأبحاث الإسكان يقوم بالدراسات العميقة الفنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية ويوفر المعلومات لكل من أراد اتخاذ قرار يخص الإسكان ويوفر بدائل وحلول للتحديات التي تواجه هذه القضية الهامة وينقل الخبرات العالمية. - المرتكز الثالث: إنشاء بنك إسكاني للحفاظ على استدامة التمويل: يجب إنشاء بنك للإسكان تودع فيه المبالغ التي وفرتها الدولة للإسكان لكي يصبح الممول المستدام للإسكان من عوائده الاستثمارية ويوسع قاعدة التمويل الإسكاني بتوفير حوافز تمويلية للقطاعات المالية والتطويرية المختلفة. - المرتكز الرابع: مشاركة القطاعات الحكومية والشركات في الإسكان: نظراً لضخامة حجم الطلب وتنوعه وانتشاره فإنه من المهم جداً مشاركة قطاعات مختلفة في توفير المساكن ولعل برنامجا تقوم به وزارة الإسكان لتحفيز ومساعدة بعض الجهات الحكومية والشركات الكبيرة لبناء مساكن لموظفيها سيحقق فوائد عديدة وولاء وإنتاجية تضاف إلى توفير السكن. - المرتكز الخامس: بناء أحياء متكاملة الخدمات: فالإسكان مشروع تنموي متكامل والمسكن يمثل وحدة في منظومة إسكانية ولا يمكن أن تحمل هذه الوحدة المعنى الحقيقي للمسكن إذا لم تكن ضمن هذه المنظومة الإسكانية والبيئة المحيطة على شكل أحياء توفر فيها جميع الخدمات بمعايير متوازنة، فتوفر الخدمات التعليمية والصحية والترفيهية والبيئية وموقع المسجد ودوره وعلاقتها بمواقع العمل والإنتاج هي ما تحدد تكامل المسكن ومستوى تحقيقه للهدف المنشود. إن هذه المرتكزات الخمسة مكون أساسي لمشروعنا الوطني في التنمية الإسكانية وهي أساس لتنمية شاملة تحقق الأهداف المرجوة من الإمكانات الضخمة التي وفرتها الدولة والمسكن هو قاعدة الانطلاق لشبابنا لتمكينهم من المساهمة الجادة في بناء مجتمعهم وخدمة بلادهم. راجياً من الله التوفيق والسداد للجميع رافعاً يد الضراعة لله عز وجل أن يديم على هذه البلاد أمنها واستقرارها ونموها في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وولي ولي العهد حفظهم الله. * متخصص إسكان رئيس فريق الإسكان بمجلس الغرف السعودية