رجل أمن يرش رذاذ الماء البارد على حجاج بيت الله الحرام ليخفف عنهم حرارة الجو، آخر يحمل عجوزا مسنة لترمي الجمرات بعد أن أعياها التعب وشدة الازدحام، طفل بملابس الإحرام يغفو في أحضان شرطي. من بين الصفوف معاق يحاول الاقتراب لتقبيل الحجر الأسود فيتسابق إليه رجال الأمن لحمله ومساعدته في الوصول إلى الكعبة. تلك المشاهد وتلك الصور هي ما عهدناه وتعودنا عليها من أبناء هذا الوطن الذين شرفهم الله بخدمة وحماية حجاج وزوار بيت الله الحرام، والتي تعكس ما نحن عليه والمعدن الأصيل الذي يمثل أجمل ما فينا كسعوديين. ينتهي موسم الحج ويعود ضيوف الرحمن إلى بلدانهم حاملين معهم الهدايا والذكريات الطيبة عن هذا المكان المقدس وهم يرفعون أكف الدعاء للمملكة قيادة ًوشعباً على ما بذلوه في سبيل راحتهم وأداء مناسكهم بيسر وسهولة. وبعد هذا كله تتناقل المواقع مقطعا مصورا لفرد واحد من رجال الأمن وهو يحاول منع حاج وزوجته لأنهما أرادا أن يختصرا المسافة بإزالة أحد الحواجز المنصوبة لتنظيم حركة الحجاج في الساحات المحيطة بالمسجد الحرام. شخصياً لم أكن لأصدق ذلك ولبادرت بالقول بأن هذا الفيديو مفبرك، وأن الهدف منه الإساءة لجهود رجال الأمن الذين تعودنا منهم أعلى درجات الانضباط في التعامل الراقي مع الحجيج في كل عام، ولكن تصريحا لقائد التوعية والإعلام بقوات أمن الحج أكد هذه الحادثة النادرة. وكما هو متوقع تعهد المسؤول بمحاسبة هذا الفرد وفق النظام. العقوبة ليست غاية مهما بلغت لتكون كافية في نظر الآخرين، لذا أعتقد - أيضا - أن الوصول إلى ذلك الحاج الذي تم منعه والحصول على مسامحته وفعل كل ما يلزم من أجل تغيير صورة موقف واحد لديه لتكون ضمن عشرات المواقف المشرفة التي عاشها خلال أدائه لمناسك الحج. في الأخير.. رسالة مختصرة لهذا الفرد الذي لا نعرف اسمه أو رتبته أو المبرر لطريقة منعه الذي رأى فيه الحق حفاظا على نظام سير مئات الآلاف من الحجاج: هناك تصرفات لا تمثلنا كمواطنين ولا تمثل الذين جعلوا في خدمة ضيوف بيت الله الحرام، الذين جاؤوا جميعهم لأداء واجب سيظلون يؤدونه بكل عزيمة وصبر على التفاني والإخلاص في أدائه.