جاءت فكرة "الكرمانية" في محور صراع الأجيال وتوزعيها بين صراع العادات والتقاليد والقيم الاجتماعية. هكذا هي الافكار في صناعة المسرح الذي يمثل ثقافة شعب كامل، قد تحتوى على تفاصل اخرى كالدراما التقليدية المغلفة بالفكاهة والتعرج بين الاضحاك والبكاء. في ذلك المبنى التاريخي والذي هدّ من الرأس ومُحي من الزمن "قاعة المحاضرات – المربع" استبشر الناس في مطلع سنة " 1402ه" بمسرحية تناسب توجهاتهم وعلاقتهم بالفنون، هناك كان الجميع يلبس الفن بشكل جعل من ذاك الجيل مخلداً في سماء الفنون والإعلام قبل ان تجيء كارثة الصحوة التي هدمت قوانين الفنون وعلاقتها مع الناس. "الكرمانية" ساهمت في توزيع محاورها الثلاثة بين الاجتماعية والتاريخية والنزعات البشرية بين الخير والشر. يلتمسون أن ما بين الخير والشر هي " شعرةُ معاوية"، الخير في وجهة نظر الكاتب أحمد عبدالرحمن انه ثابت بينما الشر يحمل منه شوائب عدة ويختلف من زمن إلى آخر حتى لو تم تعريته فإنه باقٍ..باقٍ..باقٍ.! بكر الشدي – رحمه الله – ابن يوسف الكرمائي الضارب بكل القيم لم يكن الا فلتة جيل الثمانينيات وراشد الشمراني الذي لعب دوراً منسباً لما كان يطمح إليه عند الكبر في التربية الصالحة للنشء. تلعب تلك السنين دوراً مبهجاً وثرياً في تكوين المسرح السعودي المتنوع والذي كانت تقوم عليه جمعية الثقافة والفنون، حتى بدا ذاك الصرح حضارة معمارية وأشياء جسدها التاريخ في ذاكرة المخضرمين والعاشقين للماضي الجميل في حقبة الثقافة الفنية، ربما تحولت وراحت مع تعرية الزمن في ملاحقة الحضارة المعمارية الجديدة. خلال بداية الثمانينيات ظهر ناصر القصبي نجماً في مسرح "الكرمانية" هناك كانت البداية التي جعلته لامعاً متيماً بالفكاهة والنقد الخفي، ذاك الامعة الخادم كان محط انظار الجمهور المحتشد لمتابعة المسرحية، من هناك بدت ظواهر الاشراق والتميز لذاك الجيل "الشمراني والقصبي وعبدالمحسن الرشود وبشير الغنيم وخالد سامي" و"صالح الزير وبكر الشدي –رحمهم الله " وممثلين آخرين. تسترجع ذكريات سمعان العاني أن هناك مسرحاً عملاقاً بدت ملامحة قبل هدمه من عدّة جوانب، يسمونه في ذاك الحين النحلة التي لا تهدأ، كان يعاني أن تسقط هذه المسرحية كمثل التي قدمها "سقوط الحساب" لم يحسبها من تاريخة الناصح في المسرح، كانت "الكرمانية" مختلفة مبشرة أن مافات قد مات.! سيطر ذلك الطموح على الاغلبية في تقديم "الكرمانية" بشكل يجعلها ضمن التاريخ المهيب للمسرح السعودي، كان في فترة مثلت مرحلة عظيمة في صناعة المسرح التي بدأت معالمها تنهض في الامارات بعد رحيل صقر الرشود «1941 - 1978» من الكويت إلى الامارات وشهدت بداية صناعة المسرح والدراما وتكوين الاستديوهات. لم تنجح تلك المحاولات والافكار هناك.!، لكنها نجحت في المربع بغية المنافسة وجلب الاهتمام على المستوى العربي. في كل مرحلة من مراحل التطوير يتصدر المشهد رجال مبدعون، هي ذاكرة المخرج التلفزيوني الراحل سعد الفريح، تقول ان له في "الكرمانية" اشياء مهولة قدمها وكأنما لم يقدم غيرها عبر التلفزيون، بعيداً عن احداثها وتقلباتها وابتكارات نجومها، كان خلف كواليسها ثُلة من القادرين المبدعين في التصوير الموسيقي الرائد حمزة بشير والايحاءات الإيقاعية التي جلبت التوثيق والتاريخ، لم يكونوا وحدهم قدموا "الكرمانية" كان معهم الفنان التشكيلي عثمان الخزيم الذي ابدع كما تعيده الذاكرة في لملمة التاريخ وجلبه لحاضرهم الجميل. يمثل ذلك الطموح البناء من اللبنة الاولى، عندما التحمت كل هذه المواهب وجسدت مرحلة رائدة في تاريخ المسرح السعودي، كان من اسياد بنائه الراحل محمد العلي، ثقافتهم الفنية تمثل عظمة التاريخ والذكريات المناهضة للفكر المُضاد. "الكرمانية" مثلت التحام العربة السابعة من مسيرة المسرح السعودي عبر جمعية الثقافة والفنون، تبقى تلك المرحلة المهمة هي المحك الرئيسي للإنسان المتمسك بعقيدته ومبادئه وقيمه مواجهاً كل التحديات التي خالفت مجتمعه وبناءه بالشكل الصحيح، كان لها هدف سام مخالف عن ما يعرض على خشبة المسرح العربي من استشراقية وتعريبة. قد تبدو ذاكرة المخضرمين لينة وجاهزة في استرجاع رحلة البناء بين الكرمانية/ وقطار الحظ / وثلاثة النكَّد/ وتحت الكراسي. مثلت ذاكرة جيدة للفن من ابتكارات وجلد الذات وتنفس المجتمع من أنف الفنان. في سنة " 1402ه" .. كانوا ثُلة من المبتكرين مثلوا حاضرهم بإطار التاريخ والتوثيق. بكر الشدي وناصر القصبي في الكرمانية