كل عيد ووطننا بخير، كل عيد وأنت أيها القارئ الكريم بألف خير، كل عيد وأنت أسعد، كل عيد وأنت أكثر رضا وتصالحاً مع نفسك.. كل عيد وابتسامتك تنبع من أعماقك.. وتشرق بها حياتك.. كل عيد ونحن ننعم بأمن وسلام. في العيد تتداخل الأفراح بين لقاء وآخر وهدية وأخرى.. في العيد تتداخل المشاعر بين فرح بحاضر وحزن لتذكر مفقود أو غائب.. ولكن يبقى العيد ابتهاجاً وفرحاً.. ولكن تبقى أفراحنا ناقصة، بل يعتصرها ألم من نوع آخر، ألم قادم من هنا وهناك.. حيث طفل عربي بلهجته الشامية يسأل أين ذهب أبوه وأين اختفت أمه ولماذا احترقت أخته في طريقها للمدرسة؟.. وسيدة عراقية تبكي موت أخيها ومن بحانبها تبكي ترمُّلها.. وطفل بجانبها ينعى يتمه.. وعجوز في الصومال بجانب شيخ تنوعت قسوة السنين بجوع عليه بفقدان ابنه في حرب لا هدف لها.. في مكان وآخر.. بامتداد خريطة عالمنا العربي.. تتناثر الدماء هنا وهناك.. يتنقل الإنسان من ألم لألم.. دماء تعلن عن رخص قيمة الإنسان واتساع قاعدة التراجع والتخلف ليزداد الجهل والمرض والفقر في عالمنا العربي والإسلامي. يزداد ألمنا ألماً وخجلاً ونحن نرى بعض شبابنا العاق لنا ولوطننا وديننا شريكاً في سكب الدماء.. نرتكز على دين يؤكد على البناء والنماء واحترام كرامة الإنسان ومع ذلك نجدهم يختزلون علاقتهم بدينهم وببعضهم بالفتنة والقتل والترويع تحت مظلة وأخرى.. في عالمنا العربي والإسلامي ينحرون الشباب تسلية ويقتلون الأطفال انتقاماً ويسبون النساء باسم الجهاد.. ثم يغتسلون للصلاة والتكبير وقد تلوثت أيديهم بدماء طاهرة.. ؟ عيد الأضحى تشرق شمسه في عالمنا العربي يستعد الشيخ لشراء أضحيته والتوجه نحو القبلة ليقدم دمها فداء لأحبة منهم راحل ومنهم من يشاركه الأمل والحياة.. وتستعد السيدة لارتداء ثياب العيد.. مع استمتاع الطفل بأغانيه البريئة عن عيد يصنع الفرح حيث حل.. ولكن في عالمنا العربي فقد العيد بهجته، بات مصدر ألم ليس لأن الشاعر تساءل بأي حال عدت ياعيد؟، ولكن لأن العيد يأتي وأنهار الدماء تسيل في طرقاتنا العربية نحراً بأيد عربية ومسلمة.. تتدحرج الرؤوس بين أقدامهم وتسيل الدماء بين أصابعهم، يتفاخرون بتهجير وسبي النساء.. فيأتي العيد حزيناً كئيباً يأتي العيد وقد بات يوماً شمسه باردة وابتسامته باهتة.. الأطفال فيه لايستمتعون بألعابهم والنساء لا يتباهين بفساتينهن.. فهناك ألم وهناك جرح وهناك إخوة تموت بقنابل إخوة، وإخوة تنحرهم سكاكين إخوة..! تتدحرج كرة الفتنة في نطاقها الجغرافي تكبر وتكبر وتتسع وتلتهم الكثير ويبقى الجرح مفتوحاً ينزف الدم والألم والحيرة. يأتي العيد بدون ابتسامة وبدون قلوب دافئة.. البرودة تلتهم الجميع.. والخوف يتربع في قلوب الصغار والكبار.. الغد خطوة تائهة لا أحد يعرف أين هي وكيف الوصول لها.. الكل يعيش لحظة الخوف والترقب والقلق.. فبين كل هذا الصخب وبين كل تلك المخاوف نحمد الله كسعوديين على متانة أمننا، وعلى نجاح أداء مناسك الحج لكل مسلم.. نحمدالله أن زرع أبناؤنا العقلاء الصالحون داخل هذه الملايين فرحة بقضاء حجهم بأمن وسلام.