** قبل أسبوعين، وقبل مناقشة هيئة كبار العلماء لموضوع " الغرامات " على أصحاب الاراضي البيضاء غير المطورة داخل النطاق العمراني، شرحت في هذه الزاوية الفرق بين الزكاة والرسوم والغرامات، وقلت (إن فرض الغرامات، هو ما تحتاجه المملكة بشكل ملح لحل مشاكل الاسكان، وهو ما يمكن تفعيله عمليا لتحقيق مصالح البلاد والعباد، وأنه من المؤمل من هيئة كبار العلماء الموقرة عدم الخلط بين موضوعي الغرامات والزكاة، إذ إنهما أمران مختلفان، ولا يكفي أحدهما فقط، كما نرجو منها تلمس معاناة المواطنين ومعايشة واقعهم، عبر سرعة البت في الموضوع في اجتماعها المنتظر، وعدم تأجيل البت لأي سبب، كما يتوقع المتابعون، وبخاصة أن الهيئة لا تجتمع إلا كل ستة أشهر). * وقد حدث ما تخوف منه المتابعون، وهو التأجيل، ما أحبط المواطنين العاجزين عن شراء اراض بأسعارها الخيالية الحالية، وبدأت تصدر تصريحات من بعض أعضاء هيئة كبار العلماء، وعدد من المهتمين، توضح أنهم غير مؤيدين لفرض الرسوم، لأنها قد تؤدي إلى ارتفاع أسعار الأراضي، مع سوء فهم أو خلط بين موضوع الغرامات التي ستفرض فقط على من لا يقوم بتطوير اراضيه، وبين موضوع جباية رسوم سنوية من جميع أصحاب الاراضي التي تتجاوز مساحة معينة. * إن فرض غرامات سيؤدي بكل تأكيد إلى زيادة المعروض من الاراضي، ففي مدينة الرياض مثلا نحو نصف مساحة المدينة هي اراض بيضاء، لو تم الاستعجال في تطوير ربعها فقط، فمن المؤكد نزول الاسعار، وليس هناك أي احتمال أن تسهم هذه الخطوة في ارتفاع الاسعار، أما فرض الرسوم السنوية على جميع الاراضي التي تتجاوز مساحة معينة، فإنه بالفعل يحتاج تحليلا اقتصاديا دقيقا، فهناك احتمال أن يؤدي التطبيق غير الجيد إلى تحميل الرسوم على المشتري النهائي وبالتالي ارتفاع الاسعار، كما يحتاج فتوى شرعية حول فرضه مع فرض الزكاة في نفس الوقت. * الآن بما أن هيئة كبار العلماء أحالت الموضوع للمجلس الاقتصادي الاعلى بحكم الاختصاص، فإننا نرجو من المجلس إقرار هذه الغرامات، وبخاصة أن خطة التنمية العاشرة للفترة 2015 - 2019 التي وافق عليها مجلس الشورى، واعتمدها مجلس الوزراء، الاثنين قبل الماضي، نصت على عدة سياسات لحل مشكلة السكن، ابرزها ( تشجيع زيادة المعروض من الأراضي السكنية ووضع تنظيمات للحد من ظاهرة الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني) وعدم حسم المجلس للموضوع بسرعة، سيعطي انطباعا غير صحيح عن عدم الجدية في تنفيذ أهداف خطط التنمية المعلنة، وإيجاد حلول عملية لمشاكل الإسكان، لا تحتاج كل هذه اللفة الطويلة بين المجالس والهيئات.