** خلال الاسابيع الماضية أُصبت - وربما كثيرون غيري - بدوار، وعجز عن فهم ما يجري في موضوع فرض رسوم وغرامات وزكاة على الاراضي البيضاء غير المطورة، وتداخل الاخبار والمعلومات عنها، مع شعور عام "قد لا يكون صحيحا" بأن هناك عدم جدية في التطبيق، وتسويف مستمر منذ سنوات طويلة لقرارات طال انتظارها، وتساؤلات "استنكارية" منطقية، عن عدم جباية زكاة الأراضي والعقارات، وهي أكبر الأنشطة التجارية في البلد، بينما هناك وفود حكومية تجوب القرى والهجر لجمع زكاة الماشية والتمور. ** حتى أفهم بدقة ما يجري، تواصلت مع اصدقاء في جهات ذات علاقة بتلك القرارات، كما لجأت لصديقي المثقف "قوقل" للبحث عن المعلومات حول الموضوع، ووجدت مطالبات بالرسوم والزكاة، منذ أكثر من عشر سنين من متخصصين ومن أعضاء في الشورى، كما وجدت عملاً لعدة جهات حكومية في الفترة الأخيرة يدعو للتفاؤل، ويستحق الدعم، والمساندة الحازمة في التطبيق، واتضح لي التالي: ** أولا: هناك مشروع نظام جديد لجباية الزكاة أعدته مصلحة الزكاة والدخل، ودرسته هيئة الخبراء بمجلس الوزراء، ووافق عليه مجلس الشورى بعد إجراء تعديلات عليه أهمها إضافة جباية زكاة الأراضي المعدة للتجارة، والآن هناك توافق على النظام، ويتوقع صدوره خلال الشهرين القادمين، ولكن هذا النظام، لا يكفي وحده، رغم أهميته، والمطالبة بسرعة إصداره وتنفيذه بفاعلية وحزم على الجميع. ** ثانيا: قبل اربع سنوات أوصى مجلس الشورى بفرض رسوم سنوية على "الأراضي البيضاء" وهي الأراضي غير المطورة والتي لم يجر وضع مخططات لها سواء سكنية أو صناعية، وطالب وزارة الشؤون البلدية والقروية بإعداد لائحة تنظم الضوابط والآلية اللازمة لفرض رسوم سنوية عليها. ** ثالثا: الآن هناك فتوى مطلوبة من هيئة كبار العلماء لفرض "غرامات" تصاعدية على أصحاب الاراضي التي تتجاوز مساحة معينة إذا لم يقوموا بتطويرها خلال فترة معينة، بحيث تكون مبالغ كبيرة تجبر أصحاب الاراضي الكبيرة على تطويرها وبيعها بسرعة، وتحدد وزارتا الاسكان والشؤون البلدية والقروية مقدار الغرامة بما ينسجم مع قيمة الاراضي في كل منطقة بالاستفادة من مؤشر اسعار الاراضي لدى وزارة العدل. ** بعد البحث في الموضوع ومناقشة المتخصصين، اؤكد بكل قناعة أن ما ورد في ثالثا أعلاه، أي " الغرامات "، هو ما نحتاجه بشكل ملح، وهو ما يمكن تفعيله عمليا لتحقيق مصالح البلاد والعباد، ومن المؤمل من هيئة كبار العلماء الموقرة عدم الخلط بين موضوعي الغرامات والزكاة، إذ أنهما أمران مختلفان، ولا يكفي أحدهما فقط، كما نرجو منها تلمس معاناة المواطنين ومعايشة واقعهم، عبر سرعة البت في الموضوع في اجتماعها المنتظر الأحد القادم، وعدم تأجيل البت لأي سبب، كما يتوقع المتابعون، وبخاصة أن الهيئة لا تجتمع إلا كل ستة أشهر. ** ومن المقترح استثمار هذه الغرامات بشكل يسهم في تطوير القطاع العقاري ومن ذلك إنشاء صندوق يتم الصرف منه على إيصال كافة الخدمات للأحياء في أطراف المدن وتحمل نسبة من التكاليف التي يدفعها مطورو المخططات الجديدة، بشرط أن يكون التطوير نموذجيا ومتميزا وليس بالطريقة التقليدية المتبعة في معظم المخططات، وحين تقل كلفة التطوير فإن المستفيد النهائي هو المواطن الذي سيقوم بشراء الأرض المطورة. ** لقد تعب الناس وملوا واحبطوا من التسويف، وخلط الاوراق، وتفاقم كثير من الإشكالات التنموية، التي ثبت أن "الزمن" يعقدها لا يحلها، ومن ذلك مثلا البطء الشديد في حل مشكلة السكن مما "ساهم " في مضاعفة أسعار الاراضي للأسف الشديد، بدلا عن عمل كل الجهات والمؤسسات والوزرات والهيئات في البلد بهمة كفريق عمل واحد، همه "الحقيقي" الوحيد الاسراع في حل تلك الاشكالات، عبر سياسات شاملة، نحو مستقبل مشرق لأجيالنا، والاستثمار الأمثل لثرواتنا، بعيدا عن المماحكات والخبث البيروقراطي، والمزايدات، والمصالح الذاتية الآنية.