في مطلع القرن الهجري الماضي وقبل مائة وخمسة عشر عاماً وبالتحديد عام 1319ه أراد الله سبحانه وتعالى بهذه الأمة خيراً بعد ما عانته من خلاف وتخلف لقرون عديدة ووفق هذه البلاد المتناثرة والمتنافرة والتي تشبه القارة في مساحتها من أن يجمع شتاتها ويوحد كلمتها ويغربل ويصقل طاقاتها الكامنة.. فقيض لها الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - وأحسن مأواه فجمعها على الأخوة والمودة والمساواة تحت مظلة العدل والمحبة والأمان.. لقد فتح عبدالعزيز وهكذا كان يسميه الآباء والأجداد لأن هذه التسمية كانت أقرب طريق إلى قلبه ونفسه لتواضعه وورعه يرحمه الله.. لقد فتح الرياض وليس معه سلاح يذكر ولا يملك قوة قاهرة يركن إليها أو ثروة طائلة ينهل منها ولكن كان معه ما هو أهم وأكبر وأغنى وأسمى.. هو سلاح الإيمان بالله والتوكل عليه ثم ما عرف عنه واشتهر به من العزيمة الصادقة والإرادة من أجل تحقيق الهدف الرفيع ومعها القلب الناصح والاخلاص للمبدأ والتجرد من المطامع الآنية الزائلة تحيطه يرحمه الله محبة الناس وثقتهم به والتفاهم حوله.. جاعلاً كتاب الله الكريم وسنة نبي الهدى عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم دستور حياة وعنوان نجاة ودليل خير وهداية لهذه الأمة في حاضرها ومستقبلها في معاشها ومعادها.. وجعل القضاء والشورى ميزاني عدل ترتاح لهما القلوب وتطمئن النفوس وتتحقق المساواة.. لقد رفع قدر العلم والعلماء وفتح الأبواب لكل نافع ومفيد وقضى على الجهل وأهله لتحتل هذه البلاد مكانتها الشامخة والمهيبة بين الأمم العظيمة لتساهم بفاعلية في البناء والنماء والحضارة في عصر لا مكان فيه ولا أهمية للواقف والمتفرج أو المتخاذل والمتردد والضعيف.. وكانت رسالة العلم والثقافة في عهده ومن بعده رسالة خير وبناء ودعوة مفتوحة إلى تنوير العقل والانفتاح على مستقبل أفضل للحياة السعودية بما يليق بمكانة هذه الأمة ويرفع شأنها بين الأمم، إلى هنا ومهما استطردنا وأفضنا في الحديث فلن نوفي أبو الأمة ما يستحقه من إشادة وكفاه فخراً إنه وحد وأقام على العلم والإيمان والمحبة أكبر مملكة في القرن العشرين وبهذا الإرادة أصبح أحد صناع التاريخ ورواد الوحدة العظام بشهادة الأعداء قبل الأصدقاء رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.