إن الاحتفال بذكرى اليوم الوطني لبلادنا الحبيبة، دار المجد التي لاتضاهيها دار ودولة الفخر التي قلما يجود الزمان بمثلها هو تجسيد لمشاعر المحبة والولاء الذي يكنه شعب المملكة لهذا الوطن الشامخ المترامي الأطراف مجداً ورخاءً وعزة. إن الكلمات لاتوفي بلادنا حقها من المحبة والإعزاز،والمشاعر تتقاصر دونها الأسطر نحو قبلة المسلمين ومحط أنظار العالمين. إننا نباهي بهذه الذكرى وبلادنا قد ارتقت في سلم الحضارة درجات عليا في مختلف المجالات التنموية وبخطى راسخة وسياسة حكيمة وضعت منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله واستمرت في عهد الملوك من أبنائه البررة حتى العهد المبارك لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد يحفظهم الله جميعاً . لقد حققت المملكة العربية السعودية بفضل الله تعالى ثم بما تهيأ لها من قيادة رشيدة خلال السنوات الماضية إنجازات يصعب حصرها وتنمية يجل وصفها . إننا إذ نحتفي بهذه المناسبة الغالية فإننا نعايش إنجازات عظيمة شملت تحقيق تطلعات الشعب السعودي الكريم نحو الاستقرار والنماء في دولة عصرية تستصحب مبادئ الدين الخاتم لتقدم للعالم مثالاً حياً لتمازج الحضارة الحديثة والتعاليم السماوية. إن بلادنا اليوم تحظى بمكانة سامية فهي تتمتع بثقل روحي واقتصادي وسياسي جعلها محط احترام وتقدير العالم ،وأضحت رقماً لا يستطيع أحد تجاوزه على الساحة الدولية وهي جديرة بذلك فهي البلاد التي تتوجه نحوها القلوب والوجوه على مدار اليوم وامتداد الساعات. وهي عصب الاقتصاد العالمي كونها المصدر الأكبر للنفط في العالم بما أنشأته من بنية تحتية عملاقة للصناعات في هذا المجال تضمن استمرار تدفق هذه الطاقة الحيوية للعالم، إضافة للسياسة المتوازنة لضمان أسعار عادلة للمنتج والمستهلك من خلال (أوبك). كما أن سياسة المملكة الخارجية الحكيمة وسعيها الدؤوب للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين وماتبذله من جهود مضنية لحل المشكلات الإقليمية وإدارة الأزمات إنهاء العديد من الحروب والصراعات قد أسهم في التأكيد على دورها المحوري والمهم في خارطة السياسة الدولية. وتجدر الإشارة هنا إلى جهودها في المجال الإنساني و في مجال المساعدات الإنمائية لمختلف دول العالم حيث أصبحت المملكة الدولة المانحة السابعة عشرة عالمياً والأولى عربياً لتكون وعن جدارة (مملكة الإنسانية). كما حققت المملكة على الصعيد الداخلي طفرات اقتصادية هائلة بعضها نعايشه ولله الحمد وبعضها نترقبه في المستقبل المنظور إن شاء الله تعالى لقد أضحى الاقتصاد السعودي اليوم الأضخم في المحيط الإقليمي ،والأسرع نمواً بما أسهم في جعله الاقتصاد الأكثر جذباً للاستثمارات العالمية في المنطقة، ويتجه في الوقت ذاته للتنوع في مصادر الدخل بما يحقق الأهداف الاقتصادية الإستراتيجية للمملكة، ولعل عضوية المملكة في مجموعة العشرين أوضح الدلالة على ما ذكرته آنفاً. وبلا شك عند تناول المنجزات الوطنية فإننا سنتوقف طويلاً عند الاستثمار في مجال التنمية البشرية وهو المجال الذي أولته القيادة الرشيدة جل عنايتها واهتمامها وخاصة في مجال التعليم والتدريب، وأعني بذلك المشاريع التعليمية الضخمة سواء في مجال إنشاء الجامعات الجديدة، وتطوير القائمة منها لتجويد مخرجاتها أو في مجال برامج الابتعاث الخارجي المذهلة من ناحية عدد المبتعثين أو الأموال المرصودة لها، هذا بالإضافة إلى تطوير المناهج والاهتمام بجودتها النوعية ومواكبتها لأحدث مستجدات التعليم الأكاديمي. وقد بلغ عدد الجامعات السعودية (27) جامعة حكومية متكاملة ، ومنها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية التي تعد انطلاقة لريادة المملكة في العلوم الحديثة عربياً وإقليمياً، وجامعة الامير نورة بنت عبدالرحمن للبنات الأضخم في العالم بما تهيأ لها من بنية تحتية عملاقة وبما استقطب لها من هيئة علمية متميزة لتحقيق أهدافها السامية. كما خطت المملكة خطوات كبيرة خلال العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله في مجالات تطوير القضاء والاهتمام بحقوق الإنسان من خلال إنشاء هيئة دائمة لها، إضافة إلى تعزيز اللحمة الوطنية وتمتين النسيج الاجتماعي من خلال مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني ، ومكافحة الفساد وبسط الشفافية عن طريق الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. كما سعت القيادة الرشيدة للارتقاء بالمرأة السعودية وتحقيق طموحاتها بتأهيلها وتدريبها بواسطة مؤسسات التعليم العالي والفني، وكذلك تمكينها من خدمة مجتمعها بتعيين الكفاءات النسوية في مجلس الشورى وتوليتها العديد من المناصب القيادية. ولعلي هنا أشير إلى ما حققته المملكة خلال السنوات القلائل الماضية من تطور وإنجازات في مجال الخدمات الصحية، وما شهده هذا القطاع من تنمية مقدرة من خلال إنشاء شبكة ضخمة من المستشفيات المتخصصة والمراكز الطبية إن ما حققته مملكتنا الحبيبة بفضل الله تعالى في مختلف المجالات لم يتأت فقط بما توافر لها من ثروات ، وإنما لما أنعم الله به علينا من قيادة رشيدة جعلت استقرار ورفاهية المواطن غاية تسعى إليها دونما كلل ، وهدفاً سُخرت لأجله الإمكانيات والوقت.