وضع السعوديون أيديهم على قلوبهم بعد المستوى المتواضع الذي ظهر به الأخضر في مباراته الودية مع استراليا في لندن والتي انتهت بفوز الأخير 3-2، ولم يكن منتخبنا مقنعاً في تلك المباراة إذ لم يقوَ على مجاراة خصمه إلا في الربع ساعة الأخيرة من عمر المباراة وبالتحديد بعد أن غيّر مدرب استراليا معظم لاعبيه الأساسيين، وأعاد مدربنا ترتيب صفوفه وصحح جزءاً من أخطائه. الأداء السعودي كان غير مطمئن إطلاقاً ولا ينبئ بأن هنالك عملا كبيرا قام به المدرب الأسباني لوبيز كارو، بل على النقيض تماماً "كارو" قدم المباراة على طبق من ذهب للأستراليين من خلال طريقة لعبه والأسماء التي بدأ بها المباراة، إذ ساهم ذلك في ظهور "الأخضر" بمستوى سيئ أثار حفيظة المتابعين. التنظيم الدفاعي كان سيئاً للغاية وهو ما ساهم في استقبال منتخبنا لهدفين في وقت باكر وبالتحديد في أول ست دقائق من عمر المباراة، ويُحسب على كارو زجه بلاعب الوسط وليد باخشوين على حساب ابراهيم غالب الذي احتفظ به إلى جانبه فترة طويلة بالرغم من أنه أحد أفضل لاعبي المحور في الكرة السعودية إن لم يكن أفضلهم على الإطلاق، ليس كذلك فحسب بل إن إشراك ياسر الشهراني في وسط الملعب وبالتحديد في الجانب الأيمن يؤكد على تخبط المدرب، فليس من المعقول أن الكرة السعودية لا تمتلك لاعبا مميزا في وسط الملعب حتى يضطر المدرب لإشراك ظهير في هذه الخانة، وهو ما وضع علامات استفهام كثيرة حول الطريقة التي يفكر بها. لا يزال منتخبنا يعاني كثيراً من الكرات العرضية والتي تسببت في أهداف كثيرة هزت شباكنا، ولم ينجح الجهاز الفني طوال الفترة الماضية في إيجاد حل لها، لا بالأسماء المختارة ولا بالتنظيم الدفاعي الذي يعتبر مهماً للغاية في هذا الجانب، ففي مباراة أستراليا تلقت الشباك السعودية هدفين من كرات عرضية وكادت أن تستقبل أكثر بالطريقة ذاتها. دكة البدلاء السعودية كانت مليئة باللاعبين المميزين، فلاعب الوسط يحيى الشهري على سبيل المثال يستحق أن يبدأ المباراة أساسياً بدليل الفارق الذي عمله بعد إشراكه من المدرب، أما تغييرات كارو التي أجراها في الشوط الثاني فحدث ولا حرج، كانت تغييرات عادية وبدائية وهي إشراك لاعب بدل آخر في ذات الخانة بالرغم من تأخر منتخبنا بفارق هدفين، ففي وقت كان عليه أن يغير طريقة لعبه ويزج بمهاجم آخر إلى جانب ناصر الشمراني لتقليص النتيجة وتعديلها فاجأ الجميع بإدخال مختار عوضاً عنه، ليس كذلك فقط بل أنه حتى صافرة النهاية لم يلعب بمهاجمين وكأنه راض عن النتيجة. تيسير بذل مجهوداً كبيراً في خط الوسط مثل هذه المباريات الودية القوية مهمة جداً وطالبنا بها مراراً وتكراراً لأنها تكشف للمدرب السلبيات والأخطاء بعكس الوديات التي كان يلعبها المنتخب في وقت سابق مع منتخبات متواضعة وهذه نقطة تحسب للمدرب وللجهاز الإداري والمسؤولين عن منتخبنا، لكن في المقابل ستنعدم الفائدة وسيصبح ضرر هذه المباريات أكثر من فائدتها إن لم يستفد منتخبنا منها ويصحح أخطاءه مستقبلاً، فمن غير المعقول أن يخسر "الأخضر السعودي" من أستراليا بالثلاثة ويعود في أقرب مباراة سواءً كانت ودية أو رسمية ويظهر بذات الأداء ويرتكب لاعبوه ومدربه الأخطاء ذاتها، هنا تصبح الفائدة من المباريات الودية معدومة. الانتقادات اللاذعة التي تعرض لها ولا يزال المدرب الأسباني كارو تعتبر منطقية، فالجماهير وقبلهم النقاد والمحللون يأملون في مشاهدة منتخبنا في أبهى مستوياته خصوصاً وأن كأس الخليج الذي يعني لهم الكثير بات قريباً، لكن من غير المنطقي أن نسمع أصواتاً تنادي بإقالة المدرب في هذه الفترة والاستعانة بآخر، فالوقت قصير والمدرب الجديد يحتاج لوقت أطول حتى يتعرف على اللاعبين وإمكانياتهم، وبرأيي أن إبعاد كارو في هذه المرحلة هو خطوة للخلف وسيعود منتخبنا لنقطة الصفر، وإن كانت معظم الأصوات التي تنادي بإبعاد المدرب فعلت ذلك من باب "التعصب" لأنديتهم كونه أختار فلان واستبعد علان، وأشرك (س) أساسياً وأبقى (ص) احتياطياً. الأخضر السعودي تنتظره في الفترة المقبلة مباراتين وديتين مع منتخبي الأورجواي ولبنان، وعلى كارو أن يعمل من أجل تصحيح الأخطاء التي وقع فيها أولاً قبل اللاعبين في مباراة أستراليا الأخيرة، وعليه أيضاً أن يوجد التوليفة المناسبة للمشاركة الرسمية الأقرب (كأس الخليج) حتى يخلق الإنسجام بينهم، لاسيما وأن مباراة أستراليا أظهرت بأنه شبه معدوم سواءً بين المدافعين أو لاعبي الوسط والهجوم. إدارة المنتخب السعودي والمسؤولين عن كرة القدم عليهم أن يناقشوا الأسباني كارو في أخطائه وأن يجلسوا معه على طاولة واحدة للحديث حول تلك الأخطاء خصوصاً البارزة منها، مثل عدم استدعائه للحارس عبدالله العنزي الذي تضاربت الأنباء حوله وظهرت في وسائل الإعلام أحاديث متناقضة للمدرب ومدير المنتخب زكي الصالح، بالإضافة إلى إشراكه للاعبين في غير مراكزهم خصوصاً في ظل وجود أسماء مميزة في تلك الخانات، وغير ذلك من الأخطاء التي تخص منتخبنا، ولا يمكن أن نبرئ اللاعبين من الظهور بالمستوى المتواضع إذ على الإدارة أن تكون صارمة معهم، فهنالك لاعبون لا يقدمون مع المنتخب ربع مستوياتهم مع أنديتهم وهذه مشكلة باتت تعاني منها الكرة السعودية منذ فترة طويلة وبالتحديد مع طفرة الملايين.