كشف نائب رئيس الهيئة الوطنية لحماية النزاهة الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز العبدالقادر أن أكثر المجالات اتصافاً بالإهمال، أو سوء التنفيذ، أو التأخير في التنفيذ، مما يمكن اعتباره داخلاً في مفهوم الفساد، هو مجال المشاريع الحكومية، والخدمات المباشرة للمواطنين، تخطيطاً، وتصميماً، وإشرافاً، وتنفيذاً، وتشغيلاً، كما أظهرت المؤشرات الأولية للهيئة أن كل جانب من هذه الجوانب يعتريه ما يعتريه من الإهمال والتجاوزات والمخالفات، وسوء التنفيذ، وأن هذه الممارسات قد أثرت تأثيراً سلبياً على وضع المشاريع الحكومية من عدة أوجه، ووجدت الهيئة أن أكثر الأسباب التي يشكو منها الوضع هي عدم الحرص على التخطيط الجيد، والتصميم وإعداد المواصفات والمخططات ومحيط العمل، وجداول كميات المشروع، وعدم الاهتمام بموضوع الإشراف، واختيار المكتب الهندسي المؤهل في مجال طبيعة المشروع، إلى جانب عدم التأكد من قدرة المكتب الاستشاري الفنية للإشراف على المشروع، وعدم انشغاله بالإشراف على عدد من المشاريع تفوق قدرته. نائب رئيس مجلس الغرف: القطاع الهندسي يعاني.. وبحاجة إلى تطوير الأنظمة الإدارية والمالية والرقابية رئيس مجلس إدارة هيئة المهندسين: المكاتب الاستشارية الهندسية أمنت العقوبة فأساءت الأدب جاء هذا خلال كلمته التي ألقاها نيابة عن رئيس الهيئة محمد الشريف ورشة عمل «دور القطاع الهندسي في حماية النزاهة ومكافحة الفساد»، والتي نظمتها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة)، بالمشاركة مع الهيئة السعودية للمهندسين، في مدينة الرياض، بحضور أكثر من 107 مشاركين من ذوي الاختصاص في مجال القطاع الهندسي من الهيئة السعودية للمهندسين، والهيئة الملكية للجبيل وينبع، ومجلس الغرف السعودية. وزاد العبدالقادر، أنه لشعور «الهيئة»، بأهمية دور المهندسين والمكاتب الهندسية الإشرافية في تنفيذ المشاريع الحكومية، ومدى دقة مخططاتها ومواصفاتها، ودورهم في متابعة أعمال المقاولين، والتأكد من تنفيذ المشاريع وفق العقود والمواصفات المتفق عليها، خلال مدد العقود، فقد رأت الدعوة إلى ورشة العمل هذه لإطلاعكم على الواقع، والاستعانة بآرائكم وتجاربكم في إلقاء المزيد من الضوء على هذه الجوانب، والتعرف على ما يعتريه من سلبيات وأسبابها، وتبادل الرأي حول كيفية تلافيها، للوصول إلى تطوير دور القطاع الهندسي، وتأكيد أهميته وتفعيله، لتحسين مستوى تنفيذ المشاريع الحكومية. من جهته، أقر نائب رئيس مجلس الغرف السعودية صالح العفالق بأن القطاع الهندسي بمكوناته الأساسية التي تتمثل في أصحاب المشاريع، والمهندسين، والمقاولين، ومكاتب الاستشارات الهندسية، والعمالة الفنية يعاني مشكلات أساسية، ويظهر ذلك في قلة كفاءة وتعثر المشاريع، أو تأخر إنجازها، أو تكرار التعديل والتغيير في المشروع أثناء التصميم أو التنفيذ. ورأى أن القطاع يحتاج إلى تطوير الأنظمة الرقابية والإدارية والمالية التي تسير هذه المنظومة، والتركيز بشكل أساسي على تطبيق الجودة في القطاع الهندسي، وتجاهل هذه المعايير سيضعف الكفاءة والأهداف الأساسية من إنشاء المشاريع. وزاد أن جهود الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وحدها لم تعد كافية، وأن الحاجة باتت ضرورية إلى مشاركة وتعاون جميع فئات المجتمع، وجميع القطاعات المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للقضاء على هذه الظاهرة، ويمثل تنظيم هذه الورشة نموذجاً لهذا التعاون الذي يعكس اهتمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بالتوعية بمخاطر الفساد، والإطلاع بدورها في ترجمة مضمون الإستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، وتعزيز السلوك الأخلاقي، وتنمية الشعور بالمواطنة، والتوعية بأهمية حماية المال العام والمرافق والممتلكات العامة. ويعكس كذلك اهتمام الهيئة السعودية للمهندسين بهذا التوجه، واهتمامها بتسخير إمكانياتها المهنية والاستشارية والفنية والإدارية لمكافحة الفساد وأشار العفالق أنه يجب ألا ننسى في جانب آخر اهتمام مجلس الغرف السعودية كممثل للقطاع الخاص ومبادرته الطيبة في تنظيم بعض الفعاليات حول مكافحة الفساد، ومساهمته الفاعلة في نشر الوعي بين مؤسسات القطاع الخاص بأهمية مكافحة الفساد، وتعزيز هذا السلوك، وما من شك في أن مثل هذه اللقاءات من شأنها مد الجسور وبناء قنوات التواصل والتعاون بين الهيئة وشركائها من المواطنين ومؤسسات القطاع الحكومي والقطاع الخاص كما أن التأثير السلبي لظاهرة الفساد لم يعد قاصراً على المؤسسات والشركات المتضررة اقتصادياً فقط، بل تعداه ليؤثر على حياة المواطن، وعلى الاقتصاد الوطني ككل، ولا نستطيع أن نتجاهل تأثيره السلبي على الحس الوطني والرغبة في الإبداع والابتكار في ظل غياب الأنظمة الرقابية والمالية والإدارية، وضعف حماية النزاهة. بينما أكد رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين المهندس حمد ناصر الشقاوي، أن هناك تعثراً لعدد كبير من المشاريع، ولكي نعرف المسببات يجب أن نعي حقيقة مهمة جدا بأن الجوانب الرئيسية التي تساهم في نجاح أو فشل مشروع ما تتمثل في المحاور الثلاثة الرئيسية للمشروع وهم المالك والاستشاري والمقاول، ويطلق عليهم أضلاع مثلث المشروع، فلكل ضلع دور رئيس في نجاح المشروع أو فشلة والعلاقة هنا تعتمد على بعضها البعض بين الأطراف الثلاثة، أن أي خلل في أداء أي ضلع يؤدي إلى فشل أو تعثر المشروع حتى لو كان أداء الضلعين الآخرين جيد. وأبان أن هناك مكاتب استشارية هندسية تسعر المشاريع الواردة إليها بأقل من قيمة تكلفتها لكي تفوز بالمشروع وهي على يقين تام بأن ذلك السعر لا يمكن له أن يكفي لتقديم منتج هندسي متكامل ولكن ليقينه التام انه لن يجد من يحاسبه على ما سيقدمه سواء كان ذلك المنتج الهندسي مكتملا أم لا، وهنا يكمن أول الخلل في ضلع من أضلاع المشروع، كذلك المالك، مجرد قبوله بأقل الأسعار من الاستشاري ارتضى لنفسه أن يقبل منتج هندسي يعلم يقينا انه لن يكون مكتملا ولا يوجد لديه من يراجع ذلك المنتج لكي يتأكد من جودته وهنا نتحدث عن مهندس على درجة عالية من الخبرة المهنية والتدريب ومقدر تقديرا مادياً عادلاً ويطلق عليه هنا ممثل المالك، وهنا يكمن الخلل في الضلع الثاني من أضلاع المشروع، وأخيرا وليس آخرا المقاول الذي يقوم بتسعير مشروع وهو يدرك يقينا أن المشروع غير مكتمل هندسيا ويقبل ان يقوم بالتسعير على مشروع يعلم يقينا بسوء ذلك المنتج الهندسي ويسعره كيفما اتفق وهنا نستطيع القول أن ما بني على باطل فهو باطل فبالتالي يسقط آخر الأضلاع في الخلل، كما ذكرنا آنفا أن من أهم أسباب تعثر أو فشل مشروع ما، هو خلل في احد أضلاع المشروع الثلاثة لتكون النتيجة لا محالة تعثر أو فشل ذلك المشاريع. وقال م. الشقاوي، إن الفساد يحتاج إلى أرض خصبة لكي ينمو ويترعرع، وما تم ذكره من الخلل في الأضلاع الثلاثة يؤدي إلى فوضى تنظيمية بطريقة أو أخرى وكلنا يعلم أن الفوضى مؤسسة للفساد، لذا يجب علينا جميعا الوعي تماما بأهمية القطاع الهندسي في حماية النزاهة ومكافحة الفساد كأحد الأطراف المهمة جداً في فشل أو نجاح مشروع ما فالمنتج الهندسي يعتبر الأهم فمتى ما كان منتجا مكتملا وعلى أعلى المعايير الهندسية فإنه أول خطوات النجاح وإن كان العكس ذلك فإنه أول خطوات التعثر والفشل للمشروع فما بني على باطل فهو باطل، لكي يكون للقطاع الهندسي الدور الإيجابي في حماية النزاهة ومكافحة الفساد يجب علينا في هذه الورشة الوقوف على الحلول التي توجد البيئة السليمة الصحية التي تكافح الفساد وتحمي النزاهة. في الجانب الآخر، شارك نائب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أسامة بن عبدالعزيز الربيعة برئاسة جلسة «المقترحات التطويرية وآراء المختصين في القطاع الهندسي في الأنظمة الرقابية والمالية والإدارية»، المهندس محمد بن عبدالله القويحص، عضو مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين برئاسة جلسة «دور القطاع الهندسي في حماية النزاهة ومكافحة الفساد». وناقش المختصون في الورشة ظاهرة الفساد في القطاعات الهندسية وآثاره والأضرار المترتبة عليه وسبل الحد منه، إضافة إلى المقترحات التي تساهم في مكافحة الفساد في العقود الهندسية، وتطوير دور القطاع الهندسي، وتحسين مستوى تنفيذ المشاريع الحكومية. يذكر أن هذه الورشة تأتي تنفيذاً لما نص عليه تنظيم الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، من اختصاصاتها، بإقامة الندوات والمؤتمرات حول النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد، والتي تهدف لترسيخ مبادئ النزاهة والأمانة ومكافحة الفساد، ومد جسور التواصل والتعاون مع القطاعات المختلفة في مجال تعزيز النزاهة ومكافحة الفساد. حضور أكثر من 107 مشاركين