حذر أكاديميون مختصون من حدوث أزمة في المياه خلال السنوات القادمة في المملكة نتيجة للهدر الكبير في استخدام المياه مع ما تعانيه المملكة من شح الأمطار في السنوات الأخيرة. وأكدوا خلال الندوة التي أقيمت بعنوان "الأمن المائي واقتصاديات الماء في المملكة" في ديوان دحام العنزي الأدبي والثقافي في الرياض أن الأمر خطير جدا ويتطلب إيجاد حلول عاجلة، ووضع خطط إستراتيجية لاقتصاديات المياه في البلاد، والعمل على توفير كميات كبيرة من المياه النقية بأقل تكلفة. وأكد الباحث في المياه والأستاذ الجامعي البروفيسور عبدالعزيز الطرباق أن المملكة منطقة صحراوية لا توجد فيها أنهار جارية ولا توجد فيها مصادر مائية طبيعية ضخمة ما عدا مياه جوفية قابلة للنضوب. وقال مع الأسف الشديد ومن خلال الأربعة عقود الماضية استنزف أو أهدر كثير منها وأصبحت في حالة حرجة في بعض مناطق المملكة. وأضاف لو نظرنا إلى موضوع التحلية مثلاً كحل أساسي على الأقل لتأمين مياه الشرب نجد أنه حل بدأت فيه المملكة العربية السعودية منذ أربعين سنة طبعاً، وهو من الحلول التي تضطر لها الدول التي مثل المملكة، لأنك لا تستطيع تأمين مياه الشرب بكميات هائلة خاصة مع الزيادة المطردة للسكان خلال الأربعة العقود الماضية. وأيضاً تحسن مستوى المعيشة إلى درجة كبيرة بحيث أنه أصبح استهلاك الفرد يتزايد بشكل كبير جداً حتى وصلنا إلى 500 لتر للفرد في اليوم في بعض المناطق. وتابع لاشك أن موضوع تأمين مياه الشرب موضوع مكلف جداً ويندرج تحت اقتصاديات المياه التي تجمع بين المسائل التقنية العلمية والمسائل الاقتصادية وهي مسائل جميعها مشتركة مع بعض. وأضاف الطرباق إذا نظرنا إلى القطاع الزراعي نجد أن هناك استهلاك مفرط لزراعة محاصيل قيمتها الاقتصادية متدنية واستهلاكها للمياه كبير جداً مثل الأعلاف والحبوب والتمور وهذه الأشياء تشكل من 80 إلى 85% من استهلاك القطاع الزراعي وهي ليست مجدية وليس لها أي مردود اقتصادي. وأضاف الأمن المائي لن يتحقق في بلادنا إلى إذا وضعت إستراتيجية واضحة لاستخدامات المياه في كل القطاعات سواء البلدي أو الصناعي أو الزراعي وكذلك ربط إستراتيجية المياه بإستراتيجية زراعية مرشدة تركز على القطاع الزراعي المنتج الذي يستخدم المياه بفاعلية عالية وينتج منتجات زراعية اقتصادية عالية القيمة. وأكد المتخصص في أبحاث المياه والأمن المائي المهندس عمر الأيوبي أن التوسع في الأنشطة الصناعية يشكل خطراً على المياه وعلى الأمن المائي لا سيما عندما تكون مجال هذه الصناعات صناعات تحويلية مثل الصناعات الثقيلة التي تحتاج إلى تبريد وقبل فترة قريبة سمعنا عن نية المملكة عمل ستة عشر مفاعلا نوويا وهذه المفاعلات تحتاج أيضاً إلى كمية ضخمة من المياه لتبريد المفاعلات وقد نكون بهذه الطريقة وفرنا الطاقة المطلوبة ولكن على حساب المنسوب المائي ولا بد هنا من إجراءات عامة عاجلة تضع في الاعتبار الحاجة الماسة في النظر إلى الماء كمصدر قابل للنضوب والحاجة الماسة لحمايته من الألف إلى الياء من خلال التقنيات الحديثة التي تصدر عنها تقارير نوعية لم تكن في السابق توضح نسبة التدفق المائي ونسبة التسربات والتي أصبحت في متناول اليد وبأسعار وليست باهظة. مشيراً إلى أن استخدام الطاقات البديلة وتفعيلها هو من أفضل الخطط الإستراتيجية للمحافظة على المياه على المدى البعيد. تجدر الإشارة إلى أن وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله بن عبدالرحمن الحصين أشار في تصريح له قبل عامين أن معدل استهلاك المياه في المملكة تجاوز أول مرة (8) ملايين متر مكعب يومياً، أي قرابة (800.000) صهريج حمولة (10) أطنان، وبمعدل استهلاك للفرد قدره (265) لترا، وهو ما يعادل ضعف استهلاك الفرد في الاتحاد الأوروبي، وتشكل مياه البحر المحلاة (60%) من هذه الكمية، بينما ينتج قرابة (40%) من الآبار الجوفية، وقد سجلت كافة مناطق المملكة أرقاما قياسية في الاستهلاك. م. عمر الأيوبي د. الطرباق دحام العنزي