كم نظلم انفسنا عندما نتسخط ونحن نتمتع بصحة الاجسام والعقول، وكم نظلم انفسنا حينما نتبرم من الحياة ونحن نملك ايدي نبطش بها وارجلا نمشي بها، واعينا نبصر بها، واذانا نسمع بها فنستغني عن الناس ولا نحتاج لمنة من احد غير المنعم المتفضل سبحانه ؟!! كلامي هذا للبعض كالطلاسم او كالرسم بلا معنى، ولكنه لمن جرب فقدان احد اطرافه او حواسه فهو يعني لهم الكثير، وكذلك الحال لمن تعرض لحادث او امر طارئ فكسرت يده او تمزقت اربطته او رض ذراعه ، فاضطر لان ينادي من حوله ليساعدوه في اموره العامة والخاصة، عندها يتمزق قلبه بمنة البشر عليه وتفضلهم الثقيل في خدمته وتبرمهم من كثرة طلباته وحركته، فيتوجه قلبه الى الله بخضوع المحتاج، وأمّن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ، فيناديه بأن يارب رد علي صحتي وعافيتي لاستغني عن الناس ومنّتهم علي وانكساري وتذللي امامهم لطلب حاجتي .. لقطات بسيطة في اعيننا تعني الكثير لمن فقدها، فدخولك لحمامك واكتفائك بنفسك في تنظيف نفسك، يالها من نعمة، لبسك لملابسك وزر ازرارك وتسريح شعرك لوحدك، يالها من نعمة، طبخك لطعامك وسكبه في صحنك ورفع الطعام الى فمك دون مساعدة من احد، يالها من نعمة كريمة من رب كريم.. كل هذا ونحن نتحدث عن نعمة الصحة الظاهرة، فكيف بمن فقد كليتيه، او تعطل بنكرياسه، او اختلت عضلات قلبه، او تقرحت امعاؤه؟ ومابالنا لو تحدثنا عن بقية العافية في المال والممتلكات، او العافية من الجوع والعوز، او العافية في الامن والاستقرار والامن من الخوف .. اذا كنت تملك كل هذه النعم ومازلت تتسخط، فتلفت حولك مرارا وانظر الى البلدان من حولك وتذكر قوله تعالى (أو لم نمكن لهم حرما آمنا، ويتخطف الناس من حوله، أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يجحدون) . اللهم لك الحمد لا نحصي ثناء عليك، وعلى دروب الخير نلتقي ..