«المنبر» قدم صدق تغشاه السكينة.. وعروة وثقى ينتهي حبلها اتصالا بالنبوة إذ «المنبر» ميراث رسالي ذلك أن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما، و«وارث النبوة» مشتغل في التوكيد على مقاصد «الوحي» من: التوحيد.. والشريعة.. والتزكية.. والعدل.. والحرية. ولئن كان الخطيب ممن يضطلع بمهام «النبي» في تبليغ رسالته فإن شمولية هذه الرسالة بمقاصدها الكلية قد استوعبها (الأمن) على هذا النحو: – قوام البدن: «الطعام» في حين أن قوام النفس والروح والعقل والقلب هو: «الأمن» ومن هاهنا كان الامتنان الرباني على قريش: «الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف» وبهذين القوامين تترسخ قيم «العبودية» لله تعالى. – لم يكن هذا في شأن قريش وحسب وإنما جاء في سياق الامتنان به على المؤمنين: «وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون». إنه: «الأمن» الذي تترتب عليها المآلات في الناس وحيواتهم. – الاهتداء ضرورة توحيدية لنشوء الأمن إذ به تتشكل حالة الاستقرار الديني قبل أن يكون متطلبا سياسيا تقتضيه الدولة: «أولئك لهم الأمن وهم مهتدون» والالتياث ب»الظلم» ذلك الذي مبدؤه الشرك وانتهاؤه بالجور على حقوق الآخرين إنما علاجاته في: «الأمن» وحده بوصفه: هديا بالغ السعادة.. – ومن لم يجد له في موطنه أمنا كان عرضة للاستقواء من كل أحد جراء استضعاف الآخرين له: «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ». – وأيما أحد يؤم البيت الحرام فإنما يتجدد لديه فقه الأمن من حيث ضرورته ديانة «وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا» ففي الاتجاه للقبلة أمن. وبكل.. فمن يستبدل الشغب بالأمن ويورث أهله خوفا فقد ضل سواء السبيل ديانة ووطنية، إذ «الأمن» من معاني كلمة التوحيد.