توصلت دراسة سعودية حديثة إلى مصطلح أطلقت عليه "خط الكفاية "لقياس معدل انتشار الفقر كما جاء في الخبر الذي نشر في "الرياض" في العاشر من إبريل 2014م. وكشفت الدراسة التي تبنتها مؤسسة الملك خالد الخيرية ونشرت نتائجها المطبقة على عشرة آلاف أسرة في مناطق المملكة عن أن مصطلح "خط الفقر" المستخدم على نطاق واسع ليس مجدياً في المجتمع السعودي .. ولا يعكس بدقة الأوضاع المعيشية للأسر المحتاجة.! ويعرف الباحث السعودي الدكتور سلمان عبدالعزيز الدامغ مصطلح "خط الكفاية"بأنه "الحد الذي يمكن عنده للأفراد أن يعيشوا حياة كريمة .. ولا يحتاجون إلى أي مساعدات إضافية .. ولايمكنهم دونه العيش حياة تغنيهم عن استجداء المحسنين أو التردد على الجمعيات الخيرية التي تقدم مساعدات أو التسول".! والواقع أن أهم مايلفت في الدراسة هو أن "خط الكفاية" للأسرة المكونة من خمسة أفراد هو مبلغ (8926) ريالا شهرياً من خلال قياس خط الكفاية الذي قام به الباحث بوضع 10مكونات تمثل الاحتياجات الأساسية للأسرة وهي (السكن، والأكل، والملبس ، والرعاية الصحية، والحاجات المدرسية، وحاجات الأطفال الرضع، والكماليات، واحتياجات أخرى" والمواصلات، والخدمات الأساسية، والترفيه). ويشير الباحث إلى أن أهمية هذه الدراسة تنبع من أن ظاهرة الحاجة تزداد باستمرار في المملكة، وأنها ستمكن الجمعيات الخيرية في المناطق المختلفة من معرفة حاجات الأفراد والأسر الذين تقدم خدماتها لهم معرفة دقيقة مايمكنها من أن تصبح أكثر فعالية ، كما تمثل هذه الدراسة تقويماً لنظام الضمان الاجتماعي الحالي في المملكة نظراً لوجود جوانب نقص كثيرة فيه أبرزها عدم كفاية مخصصات الضمان الاجتماعي لحاجات الأفراد المستحقين! منذ شهرين كتبت مقالا ًعن خط الفقر وتناولت فيه أن من دخله 6000الآف يصنف على خط الفقر أو مادون وأن الراتب إن قلّ عن ذلك لأسرة من أربعة أفراد فهي تحت خط الفقر بكثير. تأتي هذه الدراسة لتؤكد أن هنالك عددا كبيرا من المواطنين تحت خط الفقر لأن حد الكفاية كما توصل إليه الباحث"8926" والواقع أن الوظيفة لنصف الموظفين أو أكثر من ذلك لاتوفر هذا المبلغ. فمن يعملون في القطاع الخاص كرجال أمن ومستخدمين وموظفين في المحلات أو الشركات لاتزيد رواتبهم على 4000 أو5000 الآف ريال بعد التعديل ورفع الرواتب، وهو لايتماشى مع الحد الأدنى للحياة الكريمة وخاصة إذا كان أفراد الأسرة أكثر من خمسة أفراد. خاصة أن الدراسة ربطت خط كفاية"8926" بخمسة أفراد، والواقع أن أغلب الأسر السعودية أكثر من ذلك أبناء وأقارب يعيش أغلبها وهو ما يمثل المأساة تحت خط الفقر بكثير ما يضطرها للاقتراض أو اللجوء للجمعيات الخيرية التي تظل إمكاناتها محدودة جداً ولن تسد العجز الذي يخلفه الراتب غير الكافي ..فهي قد تمنح هذه الأسر مواد غذائية أو تساهم بمبلغ بسيط مساعد قد لايتعدى500ريال شهرياً وهي لاتلام لضعف الإمكانات وكثرة المحتاجين والذين يعتقدون أنها ستسد حاجاتهم. أتفق مع الباحث في أن ظاهرة الفقر تزداد، وأختلف معه في دور الجمعيات لأنها تظل محكومة بإمكاناتها المادية والبشرية، وأيضاً ارتباطها بالمدن الكبرى، فمثلا ً يتبع مدينة جازان 5000 الآف قرية وجمعيتان أو ثلاث في مدينة جازان . هل بالإمكان أن تفي باحتياجات الآف القرى؟ أو تصل إليهم وتوفر الحد الادنى لهم من الحياة الكريمة والتي هي في الأصل مسؤولية الدولة، وليس الجمعيات الخيرية أو المحسنين؟ في قرى جازان البعيدة أو على خط الأتوستراد بداية من الدرب والشقيق لو دخلت الى تلك القرى لاعتقدت أنهم خارج نطاق الخدمات، أسر بأطفال كثيرين، وبيوت بسيطة، يعيشون على معونات الضمان الاجتماعي وبعضهم بدون.. المشكلة أن الضمان الاجتماعي كما قال الباحث تشوبه الكثير من النواقص ولعل أبرزها عدم كفاية مخصصاته لحاجات الأفراد المستحقي فماذا تفعل 950ريالا لفرد أو لامرأة فقيرة؟ أعرف كثيرا من النساء يعشن على ذلك حياة فقر كامل، هل تكفي 950ريالا لمأكل وملابس وعلاج ومواصلات واحتياجات أخرى؟ السؤال لايحتاج الى إجابة؛ لإن إجابته عملية هذه الايام والأسر تواجه احتياجات المدارس وقبلها العيد وقبلها رمضان، و لتزامات الإجازة .. كل ذلك ضمن رواتب محدودة وارتفاع في الأسعار.. ! السؤال من لديه ستة أو ثمانية مع والدته أو آخرين وراتبه 9000هل يكفي؟ هو يحتاج الى ضعف هذا المبلغ، أو يكمل الشهر مقترضاً أو يتنازل عن الكثير من الأساسيات.. الكارثة في ذلك العلاج في ظل ارتفاع أسعار الأدوية كيف سيوفر ذلك؟ أو سيدخل مستشفى لحالة طارئة ؟ أعرف سيدة كريمة تتقاضى الضمان 950ريالا أرادت أن تعمل عملية في عينيها في مستشفى خاص فاضطرت إلى عمل جمعية 500 ريال لمدة عام على أن تمد يدها للناس، وأرتأت أن تعيش ب450ريالا في الشهر؛لأن الضمان لايوفر العلاج، وليس هناك ضمان صحي..! وهل وبنظري هذا هو الأهم يعاد النظر في مخصصات الضمان الاجتماعي، وزيادتها وبالذات للنساء الفقيرات "لأن الفقر أنثى"، رغم التحسن الطفيف في النظام في السنوات الأخيرة والمعونات التي خصصها خادم الحرمين الملك عبدالله لمستفيدي الضمان في رمضان لتغطية الاحتياجات وهي تساعد وتسد النقص لكن لامناص من زيادة المخصص حتى نحفظ كرامة المحتاج قبل أن تكتفي حاجته، والتي أعتقد أنها ستظل تلك الحاجة التي لاتسد بزيادة مقننة ومحدودة يقابلها ارتفاع في الأسعار !!!