لكل أنواع الأمراض البسيطة والمتوسطة والمستعصية مؤشرات حيوية تدل على معالمها عند بدايتها وعند انتشارها وتفشيها، ولعل أبسط أنواع المؤشرات الحيوية للأمراض ارتفاع درجة الحرارة واختلال الضغط وصعوبة التنفس والقيء والإسهال ناهيك عن انعكاسات المرض نفسه سواء كان بكتيرياً أو فيروساً أو فشلاً كلوياً أو مرض سكري أو مرض سرطان أو جلطة أو غيرها من الأمراض التي لا تحصى ولا إن وحدة الصف ووحدة الكلمة والوقوف خلف القيادة صفاً واحداً كلها تصب في مصلحة الفرد والجماعة والمجتمع وتحفظ له أمنه وأمانه وتهزم الإرهاب ومفرداته الذي لا يعشعش إلا في المجتمعات المتفككة التي فقدت بوصلة الإبحار نحو مرتكزات القوة والمنعة وفقدت القيادة الحكيمة التي تقودها إلى بر الأمان تعد والتي يتراوح تأثيرها بين الإصابة الفردية المحدودة أو تفشي وانتشار المرض وتحوله إلى وباء كما هو حاصل مع فيروس إيبولا الذي تتضافر الجهود للقضاء عليه حيث تعمل جميع الدول والمراكز البحثية على محاصرته والحد من انتشاره لأنه لا يفرق بين إنسان وآخر ولذلك فالكل حريص على القضاء عليه (على الرغم مما ينتاب توقيت ظهوره من شكوك) بعكس مرض الإرهاب الذي يوجد من يعاني منه ويوجد من يعمل على نشره واستفحاله ذلك لأن الإرهاب والتطرف والطائفية والتحزب والتفرقة العنصرية على أساس الدين أو المذهب أو اللون أو العرق أو الانتماء الفكري لا تعدو أن تكون أمراضاً مزمنة اختصت بها الدول الفقيرة مثل الدول الإفريقية وغيرها والدول النامية مثل الدول العربية والإسلامية. وهذه الأمراض ظلت كامنة حتى وجد من يحييها بوسائل وفعاليات متعددة، بعض منها ذات مصادر داخلية والبعض الآخر له أبعاد وصلات ودعم خارجي وجد في البيئة المحلية للدول العربية حاضنات يمكنه استغلالها والتلاعب بأفكارها واجتذابها طبقاً لميول ومتطلبات كل فئة فهو لا يدعم ويخطط لفئة معينة بل هو يسعى لخلط الأوراق والعمل على حدوث الصدام ومن ثم ضمان استمراره.. ولعل أهم المؤشرات الحيوية للإرهاب ومفرداته السابقة الذكر كما هو مشاهد في العراق وسورية واليمن وليبيا وإلى حد ما في مصر وغيرها يتمثل في: * العمل على القضاء على مقومات الدولة التي تتمثل في هدم النظام العام ومؤسساته الأمنية والقضائية والتعليمية والصحية والعسكرية والاقتصادية وغيرها. * نسف كل مقومات الدولة الاقتصادية والاجتماعية بما في ذلك البنى التحتية والفوقية بواسطة الهجمات الإرهابية المتنوعة من تفخيخ وتفجير وهجمات صاروخية ومدفعية وبراميل متفجرة وغيرها ناهيك عن إرهاب الدولة الذي تمارسه إسرائيل. * الاغتيالات التي طالت رجالات الدولة وعلماءها ومفكريها من قادة الرأي والفكر والكتّاب والقضاة والأطباء وأساتذة الجامعات جنباً إلى جنب مع تفجير التجمعات البشرية بصورة عشوائية في الأسواق والمساجد والمجمعات الحكومية والتجارية وغيرها. * إنشاء المليشيات الحزبية والعشائرية وتحويل كل منها إلى دولة داخل الدولة تتحكم بها وتفرض أجندتها على بقية مكونات الشعب مستخدماً الإرهاب ومقوماته من قتل وتفجير وتصفيات جسدية ومادية وذلك كما يفعل حزب الله في لبنان والقاعدة والحوثيون في اليمن والمليشيات والتنظيمات المختلفة مثل قوات بدر وأبو الفضل وداعش والنصرة في العراق وسورية وحدّث ولا حرج، فهل يقبل عاقل مهما كان توجهه وانتماؤه ان يحصل مثل ذلك في بلده ولأهله وأسرته ومجتمعه؟ * هذه الإرهاصات أدت إلى فقدان الأمن والأمان وتحول الوضع إلى فلت واختلط الحابل بالنابل وأصبح الوضع فوضى يدس أنفه فيه كل عميل ومجرم ومنحرف ومأجور ناهيك عمن يتم تكليفهم من خبراء المخابرات المعادية الذين يقف في مقدمتهم جهاز المخابرات الإسرائيلية الموساد وجهاز المخابرات الإيرانية الشباك وأجهزة المخابرات الغربية المتعاضدة معها. * ترتب على ما سبق قتل وتصفية أعداد كبيرة من الأفراد والأسر والنساء والأطفال والشيوخ من خلال العمليات الانتحارية ومن خلال التفجيرات العشوائية أو من خلال إلقاء البراميل المتفجرة التي يقوم بها نظام الأسد أو من خلال تفشي الحرب الأهلية التي قضت على الأخضر واليابس بحيث تحولت الشعوب المسالمة إلى مشردة فقدت السكن والملبس والمأكل والمشرب والأمن والعمل والمدخرات ومن يجادل في ذلك فلينظر إلى حال الشعبين السوري والعراقي المغلوبين على أمريهما وغيرهما ممن فتك الإرهاب ومفرداته بوحدته وأمنه وأمانه ومكتسباته. * إن مرض الإرهاب مرض عضال مزمن تعيش فيروساته وجرائمه بيننا تنتظر الفرصة المواتية التي يتمثل بعض منها في انخفاض قدرة الأمة على التوحد بسبب تخلف قادة الفكر عن تنوير المجتمع وتخلف قدرة العلماء عن بيان الحق وانخفاض الوعي العام بالإضافة إلى عدم مواكبة وسائل الإعلام لمستجدات العصر ووسائله الفاعلة في كشف الغموض بدلاً من أن تكون كالببغاء تردد ما تقوله وسائل الإعلام المغرضة في تحليلها وتفسيرها واتهامها واستنتاجها وحكمها حتى أصبحوا هم القاضي والحكم وقبل ذلك وبعده قوة النظام ومدى صرامته. * إن استقصاد الأقليات المسيحية والايزيدية وغيرها بالقتل أو التهجير أو الجزية أو الإسلام عمل مخابراتي مئة بالمئة الغرض منه تشويه صورة الإسلام الذي يشهد تاريخه المشرق الناصع.. انه احتضن جميع الأقليات المسيحية واليهودية وغيرها من الملل والمعتقدات دون تمييز.. إن تشويه صورة الإسلام يسير على قدم وساق ويتدرج من السيئ إلى الأسوأ وذلك مثل ما قام به سلمان رشدي ثم الرسوم الكاريكاتيرية ثم مشاكل الحجاب في بعض الدول الغربية ثم محاولة حرق القرآن ومرافقة ذلك لبعض الأعمال الإرهابية مثل أحداث 11 سبتمبر (2001) وانتهاءً بما تفعله المنظمات المفتعلة مثل داعش وأخواتها من تشويه صارخ للإسلام وما يرافق ذلك من هدير لآلة الإعلام الغربية التي يملكها ويديرها زبانية بني صهيون ممن تمكنوا من اختطاف القرار ومراكزه ومراكز دعمه ووسائل اتخاذه في مجمل دول الغرب بصورة عامة وفي أمريكا بصورة خاصة. * المستغرب أن تفسير ظاهرة الإرهاب وتنظيماته لازالت لغزاً، كل يلقي باللائمة على الطرف الآخر كما ظل الإعلام والكتّاب والمراسلون والمحللون يراوحون مكانهم دون الخوض في جوهر المشكلة التي تتمثل في الإجابة على مجموعة من الأسئلة المستحقة التي يمكن أن نذكر بعضاً منها: * من كون داعش والقاعدة وحزب الله والحوثيين والنصرة وغيرها من المنظمات الإرهابية. * من دعم ويدعم تلك المنظمات بالمال والمعدات والعتاد العسكري والتدريب وما هي مصادره؟ * لماذا تسرح المخابرات المعادية وتمرح وتصل إلى بغيتها بكل سهولة ومن يساعدها على فعل ذلك؟ وأين العمل المضاد الذي يفشل جهودها؟ * لماذا قرارات الدول العربية دائماً ردة فعل وليست الفعل نفسه؟ ولماذا لم تتم الاستفادة من التجارب السابقة والتهديدات المبطنة والتلميحات والتصريحات التي لا تلبث أن تصبح واقع حال؟ نعم لازال العرب والمسلمون يديرون دفة الصراع بنفس الأساليب القديمة التي أكل عليها الدهر وشرب. وهذا سبب امتهان الأعداء لهم وقدرته على التلاعب بمقدراتهم وحاضرهم ومستقبلهم ووحدتهم واستقلالهم ومعاضدة نشر الإرهاب في ديارهم. نعم إن اللوم لا يقع على الأعداء فقط بل يجب أن يقع على من تخلّف عن تحصين نفسه بالوعي والإدراك والثقافة وأهمية وحدة الكلمة ووحدة الوطن وتحمّل المسؤولية وعدم السماح بمرور الأعداء أو وجود نوافذ يعبرون منها إلى داخل نسيج الوطن. إن وحدة الصف ووحدة الكلمة والوقوف خلف القيادة صفاً واحداً كلها تصب في مصلحة الفرد والجماعة والمجتمع وتحفظ له أمنه وأمانه وتهزم الإرهاب ومفرداته الذي لا يعشعش إلا في المجتمعات المتفككة التي فقدت بوصلة الإبحار نحو مرتكزات القوة والمنعة وفقدت القيادة الحكيمة التي تقودها إلى بر الأمان. إن المؤامرة موجودة منذ الأزل وسوف تظل كذلك إلى الأبد والمتآمر لا يوقفه إلا قوة ومنعة المتآمر عليه فلنكن أقوياء بالله ثم بقوة وحدة الكلمة، وهاتان تمثلان الجناحين القويين لوحدة الوطن والسد المنيع أمام الأعداء بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وولي ولي العهد - حفظهم الله - واصطفاف الشعب خلفهم وتفويت الفرصة على المغرضين.. والله المستعان.