أقل ما يمكن أن يوصف مهرجان بريدة للتمور الذي بدأ في استقبال شحنات (طعام الشتاء والصيف) خلال الأيام الماضية أنه حرك أركان اقتصاد المنطقة المترامية الأطراف، وشد من اهتمامات مستثمريها، بعد أن كادت المنطقة أن تفقد (نفسها الفلاحي) بعد عقود من زراعة القمح. ويقول المتابعون لوضع السوق إن المهرجان أعاد الاهتمام بنخلة القصيم التي كانت على مدى قرون بنت الفلاح ورأس ماله، ويحسب للمهرجان أنه قضى على عقبة التسويق التي كانت تلقي بظلالها على المزارعين، حيث كانت طرق التسويق التقليدية هي المسيطرة خلال السنوات الماضية، وهو ما أفضى لأن يصبح المهرجان هو المنصة الأهم في البلاد لهذه السلعة. بل إنه يلقى اهتماما من دول الخليج العربية. وجود المنصة التسويقية لم يوجه جهود المزارعين فقط إلى النخلة لرفع انتاجيتها، بل جذب استثمارات كبيرة نحوها، تمثلت في صفقات شراء كبرى لمزارع نخيل في المنطقة، فضلا عن ضخ استثمارات أخرى من قبل الملاك الأصليين، ودفع كثير من جيل الأبناء إلى إحياء مزارع آباءهم وأسرهم التي كانت مهملة في السابق. آخرون كان المهرجان فرصة لهم في الدخول من خلال تأجير الأراضي والنخيل. المنافسة الشرسة في سوق التمور السعودية، دفعت الجيل الجديد إلى العمل على أسس اقتصادية من خلال التركيز على تقليل التكاليف، وترشيد المياه، وابتكار طرق جديدة لمتابعة النخلة لمدة أكثر من عام لحين جني (خرف) محصولها. وكأي نشاط اقتصادي، فإن للأمور اللوجستية أهمية كبرى، وهو ما تنبه له المهرجان عبر إدارته المحترفة من خلال تنظيم عمليات الشراء والبيع وفق آليات واضحة ومشجعة، وتهيئة الأجواء للشباب للدخول في الأنشطة المساندة مثل السمسرة (الدلالة)، التبريد، الحفظ، التغليف، والنقل. ففي كل هذه الأنشطة برع شبان سعوديون تحولوا مع الوقت إلى رجال أعمال، فتح لهم المهرجان آفاق العمل والإنتاجية في مهن مختلفة. النجاح المتجدد للمهرجان السنوي للتمور في بريدة الذي يحسب لإمارة المنطقة وأمانتها (المنظمة)، تحول مع الوقت إلى قاطرة صناعة التمور السعودية، وأصبح فرصة نادرة للدراسة والتحليل عن وضع هذه السلعة، وهو ما دفع إدارة المهرجان إلى استحداث إدارة متخصصة لرصد وتحليل كل أنواع التمور التي تدخل السوق، وأوقات دخولها، ووسائل هذا الدخول، وأسعارها، وحتى نوعيات المشترين، وتحقن هذه المعلومات في بنك المعلومات في المهرجان، لتكون سهلة للمهتمين بهذا الاستثمار، ودارسيه، والجهات الحكومية والأهلية المعنية بذلك. مهرجان بريدة زاد من تسويق التمور حركة صيفية ساخنة تمور بريدة حركت اقتصاد المنطقة