، من يحكم من؟ هذا سؤال قديم متجدد وقابل للاستمرار طالما استمرت العلاقة الاستثنائية بين أمريكا وإسرائيل. كيف ينظر العالم إلى هذه العلاقة؟ في أمريكا ينظر الأمريكي (الرسمي) إلى هذه العلاقة في إطار مصالح الوطن الأمريكي، وسياسته الخارجية التي تبحث عن النفوذ والتفوق في مواقع متعددة من الكرة الأرضية. أما المواطن الأمريكي فيدرك سيطرة اللوبي الصهيوني من خلال منظمة (إيباك) لكنه لا يستطيع أن يفعل شيئاً تجاه هذه السيطرة التي تملك التأثير القوي في مسار العملية الانتخابية بكافة مستوياتها. هذا إذا كان المواطن له اهتمامات سياسية، إذ ان نسبة كبيرة من الأمريكيين يتركز اهتماهم على التعليم وفرص العمل والمسار المهني، تهمهم القضايا الداخلية أكثر من الخارجية، وهذا مناخ ساعد مراكز القوى على توجيه دفة السياسة حسب مصالحها. العالم الآخر يعتقد بوجود عوامل سياسية واقتصادية ودينية خلف هذه العلاقة. وقد انتقلت حماية إسرائيل إلى أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية بدعم من دول أوروبية خضعت للابتزاز الإسرائيلي تعويضاً عن (الهولوكوست). العالم العربي يرى أن إسرائيل هي أكثر من حليف بالنسبة لأمريكا، هي ذراع استعمارية ولذلك فإنها تدعمها بكل الوسائل لضمان استمرار الاحتلال ووقف أي محاولات عربية للنهوض واللحاق بركب الأمم المتقدمة. يمكن القول إن علاقة أمريكا بإسرائيل هي أقوى اختبار لمصداقية أمريكا في خطابها الذي تنصب فيه نفسها زعيمة للعالم الحر، وحارسة للديموقراطية وحقوق الإنسان. أمام هذا الاختبار تاريخ طويل من الفشل الأمريكي كان آخر حلقاته العدوان الإسرائيلي الوحشي الأخير على غزة بدعم أمريكي سياسياً وعسكرياً. تقتل إسرائيل أطفال فلسطين يومياً وتهدم البيوت على رؤوس ساكنيها وتملأ المستشفيات بالجرحى، وتقصف الأطفال في الشواطئ، وأسطح المنازل، وفي مقرات الأممالمتحدة. مشاهد مؤلمة ومروعة تهز الضمير الإنساني في كل مكان من العالم مهما كانت الجنسية أو الديانة أو التوجهات السياسية. أما الإدارة الأمريكية فكان لها رأي آخر حيث تفرجت على تلك الصور المأساوية وحرب الإبادة ثم أصدرت بياناً تطالب فيه بالإفراج الفوري عن الجندي الإسرائيلي الأسير. هذا الفشل (العار) الأمريكي يدفع إلى التفكير بأن العلاقة بين أمريكا وإسرائيل تطورت حتى وصلت إلى توفر المعايير والظروف التي تجعل إسرائيل ولاية أمريكية، وليس مجرد حليف أو دولة ترتبط بعلاقة استراتيجية. إسرائيل تحصل على دعم مالي أكثر مما تحصل عليه بعض الولايات من الحكومة الفيدرالية، إسرائيل تبني المستوطنات داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة فتندد أمريكا (إعلامياً) ويستمر الاستيطان. أمريكا تفشل في مفاوضات السلام لأن السلام لا يتحقق إلا بالعدل، وهي الخصم والحكم. إسرائيل (أمريكا) تهدد بضرب إيران لخدمة المفاوضات النووية. أمريكا (إسرائيل) تطالب فلسطين بأن تخضع للاحتلال وتكون منزوعة السلاح. ما سبق جزء صغير من قضية كبيرة تقتل فيها القيم، وتغيب المصداقية والعدالة حيث يبحث الإنسان عن الحرية وقد يجدها إلا في فلسطين حيث لا يعرف الفلسطيني من هو العدو ومن هو الوسيط؟