سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
رسالة ولي العهد إلى بوش قبل (11 سبتمبر) لم يكتب مثلها زعيم عربي من قبل في وضوحها وصراحتها نائب رئيس الوزراء ووزير الإعلام الفلسطيني د. نبيل شعث في ندوة حوارية مع «الرياض»:
وصف نائب رئيس الوزراء ووزير الإعلام الفلسطيني الدكتور نبيل شعث مبادرة السلام العربية التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ورئيس الحرس الوطني بالرائدة والشاملة منوهاً بالرسالة التي بعثها سمو ولي العهد إلى الرئيس الأمريكي جورج بوش قبيل هجمات 11 سبتمبر 2001م معتبراً أنه لم يكتب أي زعيم عربي على مر التاريخ ما هو أقسى وأوضح من هذه الرسالة.. واعتبر شعث أن الفلسطينيين يمرون بمرحلة انتقالية.. ووصفها بأنها انتقال إلى المجهول مؤكداً أنه لا ضمانات أكيدة في هكذا مرحلة إلا ضمان وحيد وهو صمود الشعب الفلسطيني، وقال شعث الذي زار جريدة «الرياض» في جلسة حوار مع أسرة التحرير إنه مع نظرية تسميم الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات مشيراً إلى أن إثبات هذا الأمر صعب نظراً للجهل ببعض أنواع السموم الموجودة في الطبيعة. ونفى وزير الإعلام الفلسطيني صحة مقولة أن إسرائيل تحكم أمريكا وتسيطر على مقاليد الأمور فيها معتبراً أن العكس هو الصحيح ومشيراً إلى أن أمريكا تستخدم إسرائيل لتحقيق مصالحها، ودعا شعث العالم العربي إلى التوقف عن التشكيك في «الهولوكوست» معتبراً هذا الأمر لا يخدم قضايا العرب داعياً إلى استخدام هذه القضية في إدانة الغرب واقناعه بأن إصلاح الخطأ لا يكون بارتكاب خطأ أكبر. وفي بداية الندوة الحوارية رحب رئيس التحرير بالدكتور نبيل شعث مؤكداً أن الحوار سيكون مختلفاً هذه المرة إذ هو حوار مع صديق لا خصم وغايته إيضاح الحقائق وعرض الواقع الفلسطيني والاحتياجات الفلسطينية للآخرين وللمواطن السعودي حتى يكون الجميع مدركاً لأبعاد المأساة الفلسطينية وتفاصيلها.. وأشار الأستاذ تركي السديري إلى أن الشعب الفلسطيني يحتاج إلى ما هو أكبر من المؤازرة.. ألا وهو حاجته إلى الحياة والتعايش وإدراك معاناته وظروفه الصعبة. بعد ذلك ألقى وزير الإعلام الفلسطيني كلمة قال فيها: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد المرسلين وشكراً لكم على دعوتكم لنا وشكراً للأخ والصديق والزميل الأستاذ تركي السديري على دعوته لنا وترحيبه بنا وهو صديق وأخ عزيز، وشكراً لصحيفة «الرياض» ورجالها، وهي بالفعل جريدة رائدة ومتفوقة كما هو شعاركم مع الحق، ودائماً اتتبعكم كلما كنت في مكان يسمح بالحصول على «الرياض». حيث اننا في فلسطين محاصرون ولا تدخلنا جرائد يومية وبالكاد نتتبع هذه الصحف من خلال الانترنت، وأحياناً من الصعب الحصول عليها بتتبع طريقة أخرى. وسأحاول قدر الإمكان وضع عرض مختصر يسمح لكم بأكبر قدر من الأسئلة في الوقت الذي خصص لنا. ونحن نمر الآن في فلسطين بمرحلة انتقالية، والانتقال يتم بين شكل من أشكال النضال إلى شكل آخر من أشكال النضال، وهذا الانتقال ليس أحادياً وإنما انتقال متعدد الأشكال، يتراوح ويتبادل الفلسطينيون الأدوار فيه من انتشار السلاح وحمل البندقية واطلاق الصاروخ والمواجهة بالروح والجسد إلى المواجهة السياسية والإعلامية بأشكالها المختلفة، حيث مضى قرن كامل من الزمان على الشعب الفلسطيني وهو يناضل ويقاوم حفاظا على وطنه وعلى حقه في هذا الوطن، وحقه في تحرير هذا الوطن واقامة دولته المستقلة عليه، واستعادة درته الغالية القدس وحقه في عودة أبناء شعبه الذين أجبروا على الرحيل ومنعوا من العودة إلى أوطانهم، وهذه المجموعة من الحقوق هي حقوق يقر بها القانون الدولي والمجتمع الدولي والقرارات الدولية، لكنها تبقى غير منفذة في وجود تفاوت كبير في موازين القوى بين الشعب الفلسطيني وأنصاره بداية بالحكومات والشعوب العربية والأمة الإسلامية وأصدقاء في أماكن عديدة وبين القوة الإسرائيلية العسكرية ونفوذها السياسي خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية. مائة عام.. والمعاناة لم تنته ويتابع د. شعث: «لذلك مئة عام لم تكف، بينما شعوب في جنوب شرقي المحيط الباسفيكي قد أصبحت أعضاء في الأمم المتحدة وشعوب في الكاريبي أو في أدغال أفريقيا السوداء أصبحت دولاً مستقلة لها كياناتها ولها تمثيلها الدولي، والشعب الفلسطيني وحده الذي يصارع ويقاوم ويناضل طيلة قرن من الزمان ولم يستطع حتى هذه اللحظة أن يحقق آماله وطموحاته، ويقيناً ذلك ليس سببه قلة أهلية الشعب الفلسطيني على قيادة دولة ولا قلة ما قدمه الشعب الفلسطيني من تضحيات وما تحمله من معاناة ولا هو ناتج عن الشك في حق هذا الشعب أو الشبهة حول ما إذا كان لأعدائه حق أكبر في الأرض التي طرد منها وفرض عليه الاحتلال لها. وإنما هو ناتج حقيقة عن عدو صعب جدا بامكاناته وبتحالفاته القوية مع أقوى دول العالم وصعب بما طرحه على العالم من عقدة الذنب عما فعل المجتمع المسيحي الغربي باليهود عبر قرون من الزمان خصوصاً في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، يتحمل العالم الغربي هذه العقدة ويحاول حلها على حسابنا نحن، وليس على حساب الذين ارتكبوا هذه الجرائم، وإنما على حساب الشعب الفلسطيني، لذلك كل ازدواجيات المعايير في الدنيا تطبق علينا، ما يحدث عندما يتم غزو دولة لا يحدث بالنسبة لنا ما يحدث عندما ترتكب جرائم الحرب في مكان لا تحدث عندما ترتكب إسرائيل جرائم الحرب في حقنا وإلى غير ذلك، حيث باع الإسرائيليون للعالم صورة الضحية ونحن أصبحنا ضحية الضحية في عالم فعلا ازدواجية المعايير فيه تسمح بهذا الشيء عندما يتعلق الأمر باليهود وبالتصاقهم بالعقل الغربي».وأضاف د. شعث قائلاً: «وكان هناك أمثلة مشابهة لفلسطين فيما يتعلق بنمط الاحتلال الاستيطاني، والاحتلال أنواع في العالم، هناك استعمار ثقافي واستعمار اقتصادي، وهناك استعمار يؤدي إلى احتلال كامل، ولكنه يبقى مستغلاً ويستخدم نفوذه في قضايا محددة وهناك احتلال استيطاني يأتي بمستوطنين ويضعهم على افضل الأراضي وأفضل الأماكن، وهناك احتلال استيطاني إجلائي لا يكتفي بالاستيطان وإنما يقرر انه يريد أن يستبدل كل سكان البلد الذين يستوطنون في أرضهم بدلاً منهم ويطردونهم إلى خارجها واعتقد ان الأمثلة قليلة جداً جداً على هذا الأخير، ويكاد أن يكون في القرن العشرين المثال الوحيد لهذا الموضوع هو ما فعلته إسرائيل والعالم الغربي بالشعب الفلسطيني، وكان هناك احتلال استيطاني في جنوب افريقيا وقد أخذ قرناً من الزمان إلى ان استطاع الجنوب افريقيون ان يزيحوه عن كاهلهم بمشروع للإدارة الديمقراطية بمعنى انهم ألغوا التفرقة العنصرية والاستبداد العنصري ولكن البيض والسود بقوا في جنوب افريقيا وحدث شيء مماثل في زيمبابوي وزامبيا وكينيا والجزائر، ولكن البيض في الجزائر وكينيا تركوا البلدين بعد أن فقدت القدرة الاستعمارية السيطرة عليهما، أما في فلسطين فما زال هذا الاحتلال الاستيطاني يعمق بالاستيطان وبالجدران وبكل أساليب الضغط وفي نسف البيوت الفلسطينية، وهناك خمسون ألف منزل نسفت نسفاً كاملاً، وفي مدينة رفح وحدها هناك سبعة آلاف منزل تم نسفها كاملاً وإذا اعتبرنا ان البيت الواحد يقطنه في المتوسط عشرة أشخاص فمعنى هذا ان سبعين ألفاً في رفح جرى تشريدهم من بيوتهم وبعضهم للمرة الثالثة في العمر في 1948 و1967 وأخيراً في هذه الأزمة، فالوضع صعب جداً لكن الشعب الفلسطيني كافح بثورات ست ما بين العام 1917 - 1948م ثم قاوم النكبة الكبرى في العام 1948م ثم النكسة عام 1967م وقبل ذلك لجأ إلى ما يسمى بالأعمال الفدائية في العامين 1964 - 1965 وبعد ذلك انطلقت الثورة الفلسطينية في العام 1965م واستمرت إلى فترة طويلة ثم الكفاح من الداخل ومن الخارج إلى الداخل ثم قامت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في العام 1987م ثم الانتفاضة الأخيرة في العام 2000م والتي استمرت «4,5» سنوات، دفع الشعب الفلسطيني خلالها ثمناً غالياً «3400» شهيد و«70» ألف جريح ومعوق وعشرة آلاف أسير سياسي وضياع نصف الدخل القومي الفلسطيني ودمار كبير أحاط بالشعب الفلسطيني. فرصة سلام محفوفة بالمخاطر ويضيف وزير الإعلام الفلسطيني: ومع ذلك أن الشعب الفلسطيني صامد، والشعب الفلسطيني ثابت على مبادئه في التحرير والعودة وبناء الدولة المستقلة واستعادة القدس وإنهاء الاستيطان، ويراوح هذا الشعب كلما اتيحت له فرصة نضال سياسي، وأذكر في مراحل عديدة من حياتنا وفي العام 1939م نادى الشعب الفلسطيني بدولة ديموقراطية تجمع بين المسلمين والمسيحيين واليهود، وعدنا وكررناها في العام 1969م، ثم طالبنا بدولة فلسطينية مستقلة جنباً إلى جنب مع ذلك الجزء من فلسطين الذي أصبح (إسرائيل) في العام 1948م وثم دخلنا في اتفاقية أوسلو التي أعادت جزءاً مهماً من القيادة الفلسطينية وحوالي (200) الف فلسطيني إلى الأرض الفلسطينية المحتلة ووصلت قمتها فيما سُمي بمفاوضات (كامب ديفيد) ثم مفاوضات طابا في العام (2000م) ثم فشل ذلك أدى إلى اندلاع هذه الانتفاضة بالشكل الذي نراه، والآن قد تكون هناك فرصة محدودة تشوبها المخاطر والظنون والشكوك حول امكانية العودة إلى عملية سلام تسمح بتحقيق هذه الآمال الفلسطينية وهذه الحقوق الفلسطينية، وليس هناك أي ضمان بذلك، وإسرائيل ستنسحب من قطاع غزة وهو يشكل (5٪) من مساحة الأرض الفلسطينية التي احتلت في العام 1967م ولكنها تُعمق من احتلالها للضفة الغربية وتعمق من احتلالها للقدس وحصارها لها ومحاولة خنق مدينة القدس وتهويدها ونزع عروبتها وصيغتها الإسلامية والمسيحية. مرحلة انتقالية.. إلى المجهول ويتابع د. شعث بقوله «فإذن عندما بدأت أقول نحن في مرحلة انتقال هي عملياً إلى المجهول وليس هناك ضمانات أكيدة، إلا ضماناً واحداً وهو أن هذا الشعب لن يتنازل عن حقه في العودة إلى الكفاح المسلح إذا فشلت كل جهوده في حقن الدماء وفي العودة إلى طريق السلام، وهذا الإصرار على هذا الحق هو الضمان الوحيد الموجود وغير ذلك هناك صعوبات بالغة، والشعب الفلسطيني سيستمر في المحاولة لاختراقها وتحقيق أحلامه وحقوقه.. وهذا هو الوضع الاستراتيجي، والآن هناك أسئلة عديدة ستسألونها تتعلق بالعلاقات الفلسطينية - الفلسطينية والعلاقات الفلسطينية العربية والعلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية والعلاقات الفلسطينية الدولية، وسأكتفي بنقاط سريعة في كل منها.. فلسطينياً نحن نلتزم بقانون اللا صراع فلسطيني - فلسطيني وألا يكون هناك صراع فلسطيني - فلسطيني أبداً مهما اختلفت الرؤى ومهما تفاوتت التقديرات للمستقبل لن يكون هناك صراع فلسطيني - فلسطيني، وهناك حالة من التفلت الأمني ما زالت تشوب الساحة الفلسطينية سببها أن المواجهة التي حدثت بين الفلسطينيين وإسرائيل في الانتفاضة لم تكن مواجهة جيش بجيش وإنما كانت مواجهة جيش بناس مستعدين للتبرع بأرواحهم مستخدمين مواد مؤخوذة من السماد الكيماوي، وكل المتفجرات الفلسطينية تم استخراجها من النترات الموجودة في السماد الكيماوي المستورد، والذي استخدم في التفجير، وأسلحتنا الخفيفة كلها مشتراة من إسرائيل أو من تجار في إسرائيل أو بالتهريب عبر الحدود مع مصر وعبر الانفاق التي سمعتم عنها كثيراً، ولكن كلها أسلحة خفيفة وبالتالي كان هناك الآلاف يحملون بنادقهم ويضعون أرواحهم على أكفهم ويقومون بالعمليات، والسلطة الفلسطينية حقيقة لم تكن هي المخطط لكل هذه العمليات وبالتأكيد لم تكن هي مسيطرة على كل توقيتاتها وعلى كل أهدافها، لكنها أصابت الإسرائيليين إصابات عالية نتيجتها (1300) قتيل إسرائيلي و(20) الف جريح إسرائيلي، وخسارة كبيرة تتراوح ما بين (25 - 30) مليار دولار من الخسائر الاقتصادية وتضاؤل نسب النمو الاقتصادي الإسرائيلي، ووضع سياسي غريب وعجيب لم تر مثله لإسرائيل في حياتها وخسائر مادية لم تواجهها إسرائيل في كل الحروب العربية الإسرائيلية مجتمعة، لذلك هذا الإيلام الذي حصل لهم كما حصل لنا ترتب عليه فقدان السيطرة الأمنية الحقيقية للسلطة على كل القوى المسلحة، ولولا الحس السياسي الفلسطيني ولولا التكافل والتعامل الفلسطيني والرفض الفلسطيني للصراع السياسي الفلسطيني - الفلسطيني لكانت الأمور مختلفة، وهذا لا يعني أنه ليس هناك تفلّت أمني يأخذ أحياناً شكل جرائم لم ترها فلسطين في حياتها ولكنها موجودة الآن وهي تستدعي إعادة بناء القوة الأمنية الفلسطينية وهو أمر صعب لأن إسرائيل تمنع إعادة تسليح الأمن الفلسطيني بالبنادق والذخائر وتمنع حتى دخول معدات حمائية للقيادات الفلسطينية،.. و(حماس) هي الحزب الأقوى في المعارضة الفلسطينية والحكومة الفلسطينية هي حكومة (فتح)، و(فتح) خسرت قائدها وشهيدها القائد أبوعمار - رحمه الله - ولا شك ان إسرائيل بشكل أو بآخر تمكنت من تسميمه، ولكن ليس لدينا اثبات، والفرنسيون الذين استعملوا معاملهم الجنائية قالوا ان ما لدينا من سموم لم نستطع تحديدها أو معرفة الطريقة التي سمم فيها الرئيس، ومحمود درويش شاعرنا الكبير لما أبّنه قال: إن لم يسمموا جسمه فقد سمموا حياته.. خاصة انه وضع تحت حصار دام ثلاث سنوات ونصف السنة وهذا شيء ظالم جدا، وهذا القائد العظيم الذي قاد نضال الشعب الفلسطيني في النهاية لم يستطع جسمه المقاومة واستشهد - رحمه الله - والآن لدينا الأخ أبومازن وهو القائد التالي له وقد اُنتخب من اللجنة المركزية لحركة فتح ثم جدد انتخابه في الساحة الفلسطينية بانتخابات حرة شهدها (1000) مراقب دولي وبالتالي هو يقيناً القائد الشرعي الفلسطيني الآن وما زالت حركة فتح بقيادته تقود الساحة الفلسطينية وقامت بانتخابات رئاسية ثم انتخابات محلية وهي بصدد القيام بانتخابات تشريعية تنتظر إصدار قانون جديد في المجلس التشريعي الفلسطيني يسمح بالقوائم النسبية في (50٪) من المقاعد مما يتيح الفرصة للأحزاب الصغيرة أن يكون لها تمثيل في المجلس التشريعي، وهناك انتخابات في مؤتمر قادم لحركة فتح نفسها ولقيادتها بالطريقة الديمقراطية، لكن جملة هذه الخطط الانتخابية والإجراءات الانتخابية والإصلاحات الإدارية والأمنية تتم في ظرف ما زال الاحتلال فيه مهيمناً، وما زالت الصعوبات بالغة وما زال الحصار مستحكماً على كل منطقة من المناطق التي يسكنها الشعب الفلسطيني، وما زال الاستيطان محموماً وبناء الجدران مستمراً وذلك يحتاج لرؤية العين حتى يستطيع الإنسان أن يقدر ما يُفعل بشعب كامل (3,5) ملايين هم تحت الاحتلال في الضفة الغربية وغزة. وأعتقد أن الانتخابات كلها ستتم قبل نهاية العام الجاري وأن حماس ستخرج ب(35 - 38٪) من الأصوات وهذا سيعطيها صوت معارضة كبيرة، ولكن لن يكون هناك صراع، على الرغم من وجود خلافات، والخلاف الآن هو حول موعد الانتخابات وحول إعادة الانتخابات المحلية وعن موعد الانتخابات التشريعية وليس على القضايا الساسية المركزية. أما علاقاتنا بأشقائنا العرب علاقة الجزء من الكل ونحن جزء منهم ونحن ننتمي إلى هذه الأمة، وهذه الأمة تنتمي إلى فلسطين، بقلبها وعقلها وتاريخها ومقدساتها الدينية ، وبالعدو المشترك الذي تصدى لكثير من أمنياتنا في التوحد والنمو وذلك باحتلاله المستمر والذي شد العالم كله إلى ما يقارب الحرب العالمية مرات عديدة. مبادرة الأمير عبدالله.. الشاملة ويستمر وزير الإعلام الفلسطيني في عرضه قائلاً: وبالتالي أن أمتنا العربية تتمنى أن تجد حلاً، حاولت بالحرب ولم تستطع وحاولت بالسلم وكانت التجربة الرائدة في محاولة الحل بالسلم هي مبادرة سمو الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ورعاية المملكة التي أصبحت المبادرة العربية وتمت قبل ذلك مبادرات جزئية تتعلق بما تم الصلح بين مصر وإسرائيل لكن لم يؤد إلى تحرير الأرض الفلسطينية وكذلك ما حصل بين الأردن وإسرائيل وأيضا لم يؤد الى تحرير الأرض الفلسطينية، إن المحاولة العربية شاملة ترتكز على مبادلة كل الأرض التي احتلت في العام 1967م بسلام يعقد بين كل الدول العربية وبين اسرائيل وقد أدت في بداية انطلاقها إلى تأييد شعبي إسرائيلي ولكن عبر السنين وعبر سياسة شارون وعبر ما حدث في سبتمبر/ أيلول 2001م واتهام الأمة الإسلامية كلها بالإرهاب أدى إلى تقليص نفوذ هذه المبادرة فهي إلى حد كبير في الانتظار وليست في التأجيج وفي التقدم كما كانت سابقاً. أما علاقاتنا بالعالم فهي علاقة إيجابية، فالعالم من خلال محكمة العدل الدولية ومن خلال مجلس الأمن والجمعية العامة يقف إلى جانب قضايانا، وثلاثة من أربعة فيما يسمى باللجنة الرباعية الدولية والتي هي أوروبا وروسيا والأمم المتحدة تقف عملياً إلى جانب مطالبنا. روما الجديدة ويضيف شعث «أما الولايات المتحدة الأمريكية فتقول إنها تقف إلى جانب مطالبنا، ولكن العلاقات الاستراتيجية والايديولوجية التي ربطت دائما بين أميركا وإسرائيل وتربط بشكل خاص بين الإدارة الامريكية الحالية وبين شارون تجعل من الصعب على أمريكا أن تتخللى من هذه الرابطة وأن تتصرف كوسيط أمين أو وسيط نزيه، ونحن قبلنا وساطتها ونحن نعرف أنها لم تكن وساطة نزيهة باعتبارها الدولة الأكثر قوة في عالمنا فهي روما الجديدة. ولا بد لروما أن تتحمل مسؤولياتها وليس فقط أن تتمتع بسلطاتها، ومن باب تحميل أميركا المسؤولية فتحنا الباب أمام كل حوار فلعب الرئيس كلينتون دوراً إيجابياً في لحظات عديدة من إدارته ولكن ظل الفكر الذي يجمع إسرائيل بأمريكا والرؤية التي تجمع إسرائيل بأمريكا والقدرة الإسرائيلية في مغازلة أمريكا وفي خطب ود قطاعات كبيرة منها والتداخل ما بين الإسرائيليين والأمريكان خصوصاً في الصراعات التقنية المتقدمة وفي الإعلام، هي الراجح في إعلاء كفة إسرائيل، وهناك أكثر من أربعين طائرة (جامبو) يومياً تقلع من تل أبيب إلى مدينة نيويورك وحدها، وان هناك مابين مليونين ونصف المليون وثلاثة وربع المليون إسرائيلي ينتقلون بين أمريكا واسرائيل سنوياً وهناك مليون وربع المليون إسرائيلي أمريكي يحملون الجنسيتين ويعملون في البلدين ولهم مواقع في إسرائيل وأمريكا، وهذا التداخل الكبير وهذا الدور الداخلي لإسرائيل في أمريكا والأدوار التي لعبتها إسرائيل لحساب أمريكا أثناء الوجود السوفياتي في المنطقة والآن ما تدعيه من دورها في مواجهة الإرهاب الإسلامي في المنطقة يجعل هذه العلاقة صعبة جداً لا تجعلنا نكل أو نمل من محاولة اقتحامها والتأثير فيها والدخول إليها، وأمتنا العربية تواجه هذه الصعوبة كلها. ولكنا مهددون من هذه (الروما) ورؤيتها حول العالم، ومن جرؤ منا وتحدى روما بالسلاح كان مصيره خطيراً ولكن أيضا من استسلم لروما استسلاماً كاملاً لم يكن مصيره أفضل بكثير من سابقه، وبالتالي علينا أن نتعامل مع روما بما لا يسمح بالمواجهة المسلحة وبما لا يسمح بالاستسلام، وبينهما علم السياسة الدولية. وأنا رجل لايفقد الأمل بالله سبحانه وتعالى ولا يفقد الأمل بشعبه وبحقوقه، ولذلك ليس لدي أي قدر من اليأس وأعتقد أن إمكانات عديدة في أمتنا وفي حكومتنا وفي قدراتنا وفي هذا الشعب الفلسطيني الصامد ستستعيد الحق.. وشكراً لكم» بعد ذلك بدأ وزير الإعلام الفلسطيني في إجابة على أسئلة الحاضرين، وفيما يلي رصد لأهم ما دار في الحوار: ٭ الرياض: هل ما زال الإعلام الفلسطيني إعلاماً عربياً يعيش في حقبة الخمسينيات أم أن الاتصال مع أمريكا خلال السنوات الأخيرة سبب انفتاحا لدى هذا الإعلام في تناوله للقضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي؟ وقلتم ان مذابح اليهود في أوروبا عمقت علاقة إسرائيل بأوروبا، باعتقادي أن هذه النقطة قد انتهت منذ زمن، والآن أصبحت العلاقات علامات مصالح، ما قولكم؟ وهل لكم أن تعلقوا على الساعات الأخيرة من مفاوضات (كامب ديفيد) وهل صحيح أن ياسر عرفات قد أضاع الفرصة لعدم وضوحه؟ - د. شعث: أقول إن الهلوكوست إن لم يكن هو السبب فهو الذريعة وهذا مهم جداِ. والعالم لا يعيش فقط على الحقائق وإنما بالطريقة التي يرى فيها العالم هذه الحقائق. والآن يموت العالم رعباً من الاتهام باللاسامية وأقصد العقل المسيحي الغربي والذي كوّن نتيجة تفاعلات داخله ونتيجة دور خاص لعبه اليهود، عقدة أثرت على رؤيته التي تنمو ولا تتضاءل، وربما يقول السائل ان الأجيال الجديدة لا تتذكر ما فعله هتلر باليهود، لكن من يتتبع الثفافة الشعبية في الولايات المتحدة وغرب أوروبا، سيرى أن اسرائيل تنجح سنوياً في إضافة تعميق جديد للخوف من الاتهام بالسامية ودور العقل الغربي والديني فيها، حيث لم تجرؤ اليهودية العالمية في الحديث عنها في السنوات السابقة، بما فيها اتهام الفاتيكان وإجبار البابا القديم والجديد على الاعتذار والتحدث عن أخطاء الكنيسة الكاثولوكية بأنها لم تقف إلى جانب اليهود عندما واجهوا الحملة الالمانية، وهناك متاحف للهلوكوست تنتشر بسرعة النار في الهشيم. والآن أهم منطقة في برلين أصبحت معرضاً للهلوكوست وكذلك في واشنطن، وفي كل مكان من أوروبا أصبحت هناك قوانين جديدة تعاقب من ينكر الهلوكوست بما فيها محاكمة جارودي الذي شكك بالعدد الذي ذكره اليهود لضحاياهم وهو ست ملايين، وشخصياً لا أعبأ بهذه المسألة ولا داعي لإنكار الهلوكوست مهما كان العدد وشخصياً أهاجم كل من يشكك في الهلوكوست، لأنها ليست مشكلتنا. ومنذ فترة كان لي نقاش مع الشيخ المديرس في فلسطين وكان قد ظهر في خطبة الجمعة على التلفزيون الفلسطيني وقال «إن اليهود هم فيروس الايدز لكل شعوب العالم ويستحقون كل ماحصل لهم. ويقال إنه قتل منهم ستة ملايين والواقع لم يقتل منهم سوى المليون وليتهم خسروا الملايين الستة كلها، وما فعله بهم الروس في القرن السادس عشر والانجليز في القرن السابع وغير ذلك..إلخ» فأقول إن هذا هو العقل الإجرامي الغربي الذي خلق الذريعة لتحويلنا إلى ضحية، فكل الكلام عن الأعداد كلام خاسر تماماً، وأعتقد أن علينا أن ننتقم من كل شخص مسيحي غربي قتل اليهود في العالم.. ونحن لو رجعنا إلى تاريخ العلاقة النازية الصهيونية لوجدنا أن النازيين تمنوا أن تؤدي الهلوكوست إلى تهجير اليهود من ألمانيا إلى فلسطين، لأن الغرب هم من قتلهم وألقوهم علينا لكي يقتلونا.. وكانت هناك لفحات من المواجهة في بعض الشخصيات الأمريكية قد تم تصنيفها جميعا من قبل اليهود، وكل شخصية أمريكية سياسية تصدت لهم قتلوها في السياسة والإعلام، لذلك المسألة هي مسألة نجاح أقلية صغيرة في العالم في أن تصل إلى مواقع الفكر والثقافة والإعلام ومن خلال هذه المواقع استطاعت أن تعمق نفوذها لدى هذه المجتمعات التي في يوم من الأيام ذبحتها وتصدت لها، وفي قلبها مازالت العنصرية تنبض في كراهية اليهود، ولا يجرؤ على الحديث عنها لأن حضارتهم وثقافتهم يبنيها هؤلاء اليهود الذين يعيشون بين ظهرانيهم ويهددونهم بها ولا يجرؤ الفكر الغربي على مناقشتها مناقشة موضوعية تبدأ في الاعتراف بالذنب، بحيث يعترفون بارتكاب جريمة بحق اليهود، ولكن هذا لا يحلل لليهود في دولة إسرائيل أن يرتكبوا نفس الجريمة في حق الفلسطينيين. وهذه هي المعادلة، وكل محاضرة ألقيتها على اليهود كنت أبداً بها بالهلوكوست الذي يعتبر أكبر جريمة ارتكبت في تاريخ البشرية في العشرين قرناً الماضية، ولكن هذه الجريمة الكبرى ارتكبها المسيحيون الغربيون ولم يرتكبها المسلمون العرب، وهذا لا يبرر لهم دعم دولة يهودية في أن تعامل الفلسطينيين كضحية بعدما عاملهم العقل الغربي كضحية قتلهم في الهلوكوست. وأنا شخصياً أعرف تفاصيل الهلوكوست بالتفصيل الدقيق وأعرف تماماً ما فعل بهم وأتحدث عنهم كأنني واحد منهم، لكن هذا لا يعني أن يفعلوا بنا الذي فُعل بهم، ويا ليت العالم العربي ينتهي من قضية التشكيك في الهلوكوست ويقبل هذا المنطق، ويعترف بأن هناك جريمة كبرى قد ارتكبت، ولماذا ندافع عن الغرب في ارتكاب الجرائم؟ بل يجب أن نرتكن إليها وأهاجم ما فعلوه بالشعب الفلسطيني، وللأسف في المجتمع العالمي كم من ضحية تحوّلت الى جلاد، فلننظر الى ما فعله الصرب بالمسلمين في البوسنة والهرسك خاصة إذا علمنا أن الصرب والكروات عانوا من النازية الشيء الكثير، فنحن ندين الجلاد الأول ثم ندين الضحية إذا تحولت الى جلاد. وأيضاً اقول انني مع القول بأن القضية ليست كلها بالرؤى وانما في المصالح ايضاً، وإسرائيل كانت دائماً تبحث عن أدوات تربطها بالغرب من محاربة الشيوعية ومكافحة النفوذ السوفياتي ووعودها للغرب بتصديها للإرهاب الإسلامي كما تدعي وغير ذلك. ما ذكرته يؤكد أن إسرائيل لديها سلع وخدمات وهي قادرة على استنباطها من أجل اقناع العالم الغربي أن لهم مصلحة استراتيجية لأمريكا في المنطقة. وأقول أمراً آخر غير مقبول عربياً، وهو أن إسرائيل ليست هي من تحكم أميركا، بل أمريكا هي من تحكم إسرائيل وليس العكس، فإسرائيل صحيح أنها استطاعت أن تقنع أمريكا بأن مصلحتها في دعم إسرائيل التي استطاعت أن تؤثر في العقل الأمريكي فأرهبته وحفزته لكي يعمل في خدمة مصالح إسرائيل، لكن دائماً ذلك بإقناع أميركا على أن ذلك في مصلحتها، ويوم خاطبه الأمير عبدالله الرئيس بوش خاطبه بنفس المنطق، وقال لبوش: «يا سيادة الرئيس بوش نحن أصدقاؤكم وحلفاؤكم في هذه المنطقة وأنتم لم تخدموا مصالحنا، ومصلحتنا الرئيسة هي في إنهاء قضية فلسطين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ونطلب منك أن تتعامل معنا مصلحة بمصلحة، لا توجد الصداقات ولا تبنى على جانب واحد يستفيد، وجانب آخر يضار، وإنما الصداقات تبنى بمصالح مشتركة، وإن لم يحدث هذا فلكل منا طريقه، نحن نبحث عن مصالحنا في مكان آخر اذا أنتم غير قادرين على رؤية أين مصلحتنا»، وأشهد بالله أنه لم يكتب زعيم عربي واحد في التاريخ مقالة للرئيس بوش أقسى ولا أوضح من تلك الرسالة التي كتبها سمو الأمير عبدالله في يوليو 2001م وقبل شهر ونصف الشهر من أحداث سبتمبر عام 2001م، لذلك أقول نعم المصالح عامل مهم والطريقة التي يرى بها الناس المصالح والطريقة التي تغذى بها الرؤية الفكرية والإعلامية لدعم هذه المصالح، ولما قرر بوش الأب أن يجبر شامير على الحضور إلى مدريد أصبح اللوبي اليهودي يهاجم بوش الأب، فوقف بوش الأب أمام وسائل الإعلام الأمريكية وقال: «انظر ايها الشعب الأمريكي (1000) لوبي حطوا على عاصمتك ليضغطوا على رئيسك من أجل مصلحة هي ليست مصلحة الولايات المتحدة الأميركية» وبعد ذلك قال الإسرائيليون تبنا وأصلحنا ومثلما تريد سوف نعمل وسنذهب الى مدريد ونقبل بعملية السلام. وأمريكا قادرة دائما على الضغط على إسرائيل، وأمريكا لإسرائيل علاقة وجودية وليس علاقة سياسية، وأمريكا توفر لإسرائيل كل حماية مادية وقانونية وإعلامية وسياسية واقتصادية، وأمريكا تعطي إسرائيل أربعة مليارات دولار في السنة، والدخل القومي الإسرائيلي (100) مليار دولار في السنة، وأمريكا لا تعطي لإسرائيل سوى (4٪) من دخل إسرائيل القومي فقط، لكن بالنسبة لإسرائيل فهو دليل الرباط الذي لا ينفصل والعروة الوثقى التي تربط بينهما. والانتفاضة كادت أن تقتل إسرائيل بهروب (الصناعات العالية التكنولوجيا) من منطقة الإسرائيلي سيلكون فالي الى الأمريكان سيلكون فالي، وكل صناعة (الهايتك) رحلت الى امريكا، وعندما تتهدد إسرائيل فإنهم يفرون الى امريكا، وعندما ترتاح إسرائيل تعود الشركات الى إسرائيل قادمة من أمريكا. وحول سؤال هل ارتكب ابو عمار حماقة في حق الشعب الفلسطيني عندما اضاع الفرصة الذهبية التي لم تمنح لقائد فلسطيني قبله كما قال كلينتون وباراك، الحقيقة هي غير ذلك تماما، ولكن الحقيقة هي نصف ذلك، والذي حدث في (كامب ديفيد) هو أكثر مرة حصل فيها تقدم في الحديث عن الحل النهائي. حيث قال الإسرائيليون نحن على استعداد لاقتسام القدس ولأول مرة قالوا نحن على استعداد للانسحاب من جزء كبير من الضفة الغربية. ونحن منذ 1992م في مدريد ثم في واشنطن الى العام 2000م لم نتخاطب مع اليهود إلا حول الحلول الجزئية الانتقالية ولم نتحدث عن الحل النهائي ابداً، وقسموا الحلول الى حلول انتقالية وحل نهائي، فالحلول الانتقالي بالتراكم والحل النهائي بالطرح، لأن الحل الانتقالي هو من نوع خذ وطالب، ونحن لسنا مطالبين بالتضحية بالباقي من الاراضي ونحن نراكم الأجزاء، وعندما نصل الى الحل النهائي تبدأ عملية الطرح لأن الذي لم نحصل عليه في الحل النهائي تم طرحه من الحقوق الى الأبد. ولذلك كل مفاوضاتنا كانت انتقالية حتى (كامب ديفيد) التي كانت الاجتماع الأول للحل النهائي، وهذا الحل النهائي تأخر كثيراً نتيجة (نتنياهو) الذي رفض استكمال مفاوضات الحل النهائي، الذي من المفترض أن تبدأ في الاسبوع الأول من حكمه في العام 1998م، لذلك كانت (كامب ديفيد) أول فرصة لمناقشة الحل النهائي، وباراك فرضها على كلينتون، ونحن كنا نطالب بالإعداد لمفاوضات اقل من القمة تصل بنا الى مفاوضات قمة، ورفض هذا باراك، وقال: (لا أريد للفلسطينيين ان يفرضوا علينا التراكم مرة اخرى في الحل النهائي، ولكن نجتمع مرة واحدة بوجودك ياكلينتون وعندئذ سأضع كل اوراقي على الطاولة ولا اغادر الا بتحقيق اتفاق اوقع عليه، لأن الشعب الإسرائيلي اذا عرف انني تقدمت بتضحيات كبيرة ولم احصل على اتفاق فسيذبحني الشعب الإسرائيلي عند عودتي، لذلك لا اطيق الا حلاً بأسبوعين. فذهبنا رغماً عنا ونحن نعرف ان الأمور غير جاهزة وغير معبدة وغير محضرة وإن الوفود الامريكية اليهودية التي كانت تحكم وزارة الخارجية كلهم يهود مثل مارتن اندك، دينس روس، ارون ميلر وساندي بيرغر. ولم يكن في (كامب ديفيد) مسيحياً الا كلينتون، وفي (كامب ديفيد) قال اليهود لكلينتون، هؤلاء الفلسطينيون كل الذي يريدونه هو شيء يضحكون به على امتهم، وكل ما يريده الرئيس ياسر عرفات هو شيء رمزي في القدس، ولذلك كان كلام كلينتون في الأسبوع الأول كله: نعطيك يا عرفات قصراً في القدس القديمة مربوطاً بجسر مع الضفة الغربية حتى تأتي بضيوفك فيروا علماً فلسطينياً يرفرف في مكان ما من القدس، فتستطيع ان تقول لأمتك انك حافظت على القدس، وهذا هو ما تم عرضه علينا. وحتى هذا العرض الذي عرض علينا في القدس كان يمكن ان نأخذه على سبيل (النكتة) ولكن عندما طرح مقابلاً لها ان السيادة على المسجد الأقصى هي لليهود اصبحت المسألة صعبة جداً. وطلب كلينتون من الرؤساء العرب جميعهم اقناع ابو عمار بهذا المطلب الإسرائيلي، وللتاريخ ان ابو عمار لم يرد على اي مكالمة تلفونية، ولكن انا من تحدث بالتيلفون مع سمو الأمير عبدالله ومع البابا ومع كل الزعماء العرب والمسلمين، وأبو عمار لم يكن يريد ان (يورَّط) او (يورِّط) ولا قائد من هؤلاء القادة طلب مني التخلي عن القدس حتى البابا لم يطلب مني ذلك، ولكن نحن تنازلنا عن الحي اليهودي الذي جرى احتلاله في العام 1967م ووافقنا على التنازل عن حائط المبكى ووافقنا ايضاً على ان القدس العربية التي ستكون العاصمة الفلسطينية تكون مفتوحة الحدود بينها وبين القدس الغربية التي ستكون عاصمة اسرائيل.. وكذلك اتفقنا على بلدية مشتركة، ولكن لم نتخل عن السيادة على القدس. وقالوا لكلينتون لو اعطيت للفلسطينيين (60٪) من الضفة لفرحوا كثيراً، ونحن لم يكن في جعبتنا سوى مبادلة (2 - 3٪) لبعض الأراضي داخل الضفة مقابل اراض داخل اسرائيل، وهذا الاتفاق توصلنا اليه مع الإسرائيليين في العام 1996م، ولكن هم اتوا لكي نتخلى مجاناً عن (40٪) من ارض الضفة، وبالمناسبة افضل ما وصلوا اليه هو (71٪)، والكلام الكاذب لدينس روس بأن اسرائيل اعطتنا (97٪) في (كامب ديفيد) هذا كذب، واسرائيل اعطتنا (97٪) في (طابا) وليس في (كامب ديفيد) وكان ذلك بعدها بما يقارب ستة اشهر، ولكن في طابا هم الذين اوقفوا المفاوضات لأن انتخاباتهم كانت بعد اسبوع. وفي (كامب ديفيد) عرض كلينتون بخصوص اللاجئين ان يعود خمسة آلاف لاجئ الى ديارهم فقط من لبنان ممن هاجر على اقدامه، وطلب الاسرائيليون السيطرة على السماء والماء الجوفي والبحار وكل مناطق الحدود اضافة الى استئجار منطقة الأغوار لمدة خمس وعشرين سنة، والدليل على رفضنا لهذه المطالب هو قيامنا ما بين الشهر السابع والشهر واحد بعمل (55) جولة تفاوضية، والانتفاضة مشتعلة، وانتهت (بطابا) حيث تراجعوا الى (97٪) من الأرض وتراجعوا الى (350) الف لاجئ والى انهاء وجود الإسرائيليين على الحدود بالإضافة الى كل القدسالشرقية عربية ما عدا الحي اليهودي، ولكن لم يوقعوا على ذلك بسبب الانتخابات آنذاك، وأكدوا لنا بأنهم سيعودون الى اكمال هذه المفاوضات في حال فوزهم بها وهذا لم يحدث، وعلى كل حال لقد اضر كلينتون بنا ضرراً شديداً على انه كان افضل رئيس امريكي حتى الآن في تفهمه للحق الفلسطيني.والمشكلة في (كامب ديفيد) ليست فيما رفضه ابو عمار، ولكن مشكلتنا هي: هل كان يجب ان نسمح بتحول الانتفاضة من انتفاضة سلمية الى انتفاضة عسكرية ام لا؟ اعتقد ان هذا هو المحك، لأنه عندما انطلقت الانتفاضة السلمية كان يمكن للعالم ان يتحمل انتفاضة سلمية كالانتفاضة الأولى سنتين او ثلاث سنوات او اكثر وتستمر المفاوضات اثناءها ونستمر في المحاولة كما حاولنا مابين (كامب ديفيد) و(طابا)، لكن تصاعد الانتفاضة وتصاعد القمع الإسرائيلي لها خلق وضعاً ساعد شارون على ان يكسب الانتخابات وبعدها اتت احداث 11 سبتمبر (ايلول) فخلقت وضعاً جعلت المقارنة بين الانتفاضة وبين الإرهاب امراً نجحت اسرائيل في تلويث صورة الكفاح الفلسطيني به، وأعتقد ان هذه هي المشكلة الأكبر وليس رفض ما حدث في (كامب ديفيد). «الرياض»: هناك من يقول ان الانسحاب من غزة سيكون نهاية المطاف بالنسبة للقضية الفلسطينية، خاصة ان الإسرائيليين يريدون مقايضة قطاع غزة بالضفة الغربية، ما قولكم؟ - الوزير: الانسحاب من غزة سوف يحدث دون شك وإسرائيل تريده نهاية المطاف، ونحن بنضالنا وبدعم الأشقاء والعالم ستكون غزة البداية وليست النهاية. وقد كان ذلك في العام 1994م عندما اخذنا غزة وأريحا اولاً، وبالفعل كنا قد تقدمنا بعد غزة الى اجزاء كبيرة من الضفة وأعتقد ان هذه المرة لو نجحنا لوجب ان تكون الانطلاقة من غزة بداية وليس نهاية. والآن الولايات المتحدة تقول لن نقف مع الرفض الإسرائيلي وبعد الانسحاب من غزة سنقف الى جانبكم، وكذلك الأمر قاله الأوروبيون والروس والأمم المتحدة. فعلينا ان نستخدم كل ما لدينا من امكانات حتى نصل بإذن الله. وأمريكا هي أس البلاء لأنها هي الدولة الأقوى في العالم وليس لخبث شعبها، فالقوى العسكرية والاقتصادية تفسد الأخلاق عادة، والأمريكيون موضوعياً هم اصحاب هذا العالم، حيث ان لهم التكنولوجية والاقتصاد والعسكر والثقافة والإعلام والنفوذ، وهم قادرون على فرض ما يريدون، فأحياناً تداعبهم خيالات القوة العسكرية فيستخدمونها ويفشلون، وما من مرة استخدمت امريكا القوة العسكرية الغشماء الا وخسرت، بينما لو تعقل امريكا وتسمع نصيحة البرفيسور ناي من جامعة هارفرد الذي يقول لها «استخدمي القوة الناعمة تكسبي واستخدمي القوة الخشنة تخسري واستخدمي قدرتك في التكنولوجيا والاقتصاد والنفوذ السياسي والتخويف..» لأن العالم قادر على التغلب عليها بأساليب بدائية وكما هو حاصل الآن، فأمريكا موضوعياً على أنها روما لديها إغراء الهيمنة والعلمنة والعولمة، وهذا الإغراء يجعلها تتصرف بطريقة عارية عن إخفاء مصالحها، فمصالحها واضحة جداً وهي تريد أن تشكل العالم على رؤيتها. فأمريكا لأنها القوة المسيطرة والمهيمنة في عالمنا لديها الكثير من الاغراءات فهي تختار سياسات لا تتفق مع القانون الدولي ولا مع المصلحة. ولكن أستطيع أن أقول إن هناك دولاً عرفت كيفية التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية، وأدعي أن بداية انطلاقة سمو الأمير عبدالله كانت من هذا المنطق، حيث انه لم يرد قتال الولايات المتحدة بالتأكيد، ولكنه حاول أن يضع موازنة بين مصالحها ومصالح العرب، عندما بعث برسالة إلى أمريكا، فرد عليه بوش بأن أمريكا تحت أمركم ولا يمكن أن نفصل مصالحنا عن مصالحكم ونحن منذ روزفلت لغاية الآن سنظل الأوفياء لكم ولحكومتكم ولشعبكم، وكانت عبارة عن رسالة من الود والحب ما لم يخطر بها على بال، إلى أن جاءت أحداث 11 سبتمبر بعدها بشهر تقريباً وتغير العامل تغيراً جذرياً. وكذلك لا أخفي اعجابي بأردوغان رئيس وزراء تركيا، والتي يحكمها الآن حكم إسلامي مستنير ليبرالي ديمقراطي، واستطاع أن يضغط على أمريكا بشطارتهم ومهارتهم، حيث رفضوا ادخال القوات الأمريكية عن طريق تركيا إلى العراق، ولكن تفاهموا مع الأمريكان على أشياء أخرى، وما زال لهم علاقة كبيرة بإسرائيل، ولكنهم سحبوا سفيرهم من إسرائيل وطلبوا من السفير الإسرائيلي أن يعود إلى وطنه بعد موقف إسرائيل تجاه الانتفاضة وأوقفوا مناوراتهم العسكرية مع إسرائيل وسحبوا طائراتهم ودباباتهم التي تقوم إسرائيل بإصلاحها وأعطوها إلى أوروبا من خلال صفقة دخولهم للاتحاد الأوروبي، ففتحوا علاقة جديدة مع أوروبا وضغطوا بها على أمريكا، والآن أردوغان في أمريكا وواضح أنه يريد خلق علاقة معها ولكن لم يذهب لكي يسلم ويقول للأمريكان نحن تحت أمركم، والآن الأمين العام للمؤتمر الإسلامي تركي، والأمانة العامة للمؤتمر الإسلامي في تركيا وعلاقاتهم مع الدول المستقلة في الاتحاد السوفييتي قوية جداً وكذلك الأمر مع روسيا، وتريد الدخول إلى الاتحاد الأوروبي بكرامتها وشرفها، لذلك توجد طريقة للتعامل مع الولايات المتحدة دون محاربتها.. والنموذج الثاني هو لولا داسلفا رئيس جمهورية البرازيل والذي كان مناضلاً ومكافحاً ورئيساً لاتحادات العمال في البرازيل لفترة طويلة والتقيته وأبو عمار في الجزائر وتونس وفي أماكن عديدة، وهو يعشق فلسطين وقلبه مع قضيتنا، وأصبح رئيسا للجمهورية البرازيلية رغم كل ما دفعه الأمريكيون في الانتخابات لكي يخسر، ولكنه مجرد أن أصبح رئيساً للجمهورية عمل تفاهماً مع الأمريكان بأن بلاده على استعداد بإيقاف تجارة الكوكائين والهيروين، والبرازيل قادرة على أن تلعب دوراً مهماً في ذلك، ومقابل ذلك نريد أن نتحرك سياسياً دولياً وسياسياً اجتماعياً في دولتي واتصدى للفقر في كل مكان، وأطالبكم بشطب الديون على الدول الفقيرة وأعمل تحالفاً لاتينياً عربياً واتحرك مع جنوب افريقيا والحكومة الهندية في احياء دول عدم الانحياز.. والنموذج الثالث فابو رئيس جمهورية جنوب افريقيا وهو صديق عزيز من أيام نضاله ونفيه الطويل وكنت التقيه كل سنة مرتين أو ثلاث مرات، حيث يملك الآن الذهب والألماس والقنبلة الذرية وهو صديق لأمريكا ولكنه يلوي ذراعها لمصلحته كلما عنّ له الأمر في ذلك، وخلق وجوداً في أفريقيا تحدى الوجود الأمريكي فيها. ولهذا أقول ليست أمريكا قدراً، فأمريكا ثقل قوي لا يمكن الاستسلام له ولا محاربته، وبينهما يجب مبادلة المصالح، وفي المقابل من ذلك لا يجوز أن تدوس أمريكا علينا ولا نسمح لها في ذلك، خاصة أنها غير قادرة على تحقيق كل ما تريده، فلديها مشكلات اقتصادية مع أوروبا ونووية مع إيران وكوريا الشمالية ولديها مشكلات عسكرية مع أفغانستان والعراق. فمصالحنا يجب أن تكون هي الأساس. ٭ «الرياض»: هل أن الجغرافية والديموغرافية تلعبان دورهما في المستقبل البعيد بين العرب وإسرائيل، أم أن ذلك ليس له دور وإنما الدور للعقول والمجتمعات الحضارية المتطورة؟ - الوزير: البعد الديموغرافي يخيف إسرائيل خوفاً شديداً، لولا أن الهجرة التي تأتي إلى إسرائيل وقد تقلصت جداً من الاتحاد السوفياتي السابق ومن الفلاشا وغيره، لنقص عدد اليهود إلى حد بعيد، والهجرة المضادة التي تخرج من إسرائيل إلى أمريكا تزيد الآن زيادة بضعف الهجرة التي تأتي إلى إسرائيل، ونسبة زيادة السكان فيها (1,1٪) ولذلك عدد الطلاب العرب المسلمين والمسيحيين الذين يدخلون المدارس الرسمية الإسرائيلية هو أكثر من عدد الطلاب اليهود الذين يدخلونها. وبالتالي ما يشكل الآن (23٪) من سكان إسرائيل هم عرب مسلمون ومسيحيون وخلال أربعين عاماً سيصبحوا نصف سكان إسرائيل وإسرائيل تدرك تماماً الخطر الديموغرافي، والآن جملة الفلسطينيين بما فيهم فلسطينيو 1948م أصبح عددهم أكثر بنصف مليون نسمة من جملة اليهود الذين يعيشون على أرض فلسطين 1948م، إذن الخطر الديموغرافي خطر مخيف للإسرائيليين، ولكن اختلافنا معهم هل يُحل بالحرب والاستيطان أم يُحل بالسلام؟ فإسرائيل قطعت نصف مليون شجرة زيتون في الانتفاضة فزرعنا عشرة ملايين شجرة زيتون جديدة، ونحن بالأطفال والزيتون سنزرع هذه الأرض إن شاء الله، وإسرائيل ليس لها إلا السلام.