المخيف والمخجل في آن واحد أن العالم العربي لم يعد يعيش واقع خلافات بين دولة وأخرى، وإن كان هذا واقع منطلقات خصومات ثم عداوات بين دولة وأخرى، لكن ما حدث عبر استمرار تألق وجود العداوات وما حدث من تفرع جزئي خرجت به العداوات من داخل دولة واحدة ليكون ما هو شائع وجود العداوات الجزئية.. عداوات القتل الشنيع والانقسامات القذرة النتائج داخل الدولة الواحدة.. تأمل الآن كنموذج ما يحدث في العراق، ومثله ما يحدث في سوريا، وستجد ما هو قريب من هذا النموذج في شرق أفريقيا وتكرر ما يحدث أيضاً في مناطق أخرى.. هذا الواقع المؤلم لم يعد فقط وجود عداوات عربية وإنما أصبح يشغل الدول النزيهة كالمملكة العربية السعودية ومصر مثلاً في البحث عن محاولات تعيد العالم العربي إلى فضيلة افتقدها، وشيء من منطق يمكن التعامل بواقعية ما تعنيه اتجاهات السلوك.. لا شيء من ذلك التدمير يوسّع الانتشار ويوجد منطلقات عقل تعيد بعض الكل إلى منطق تعامل.. الحقيقة أنه لم يعد هناك مجال وجود لمنطق ووجود لشيء من أمن.. هل كل ما حدث في العالم العربي لم يوجد إلا الخلافات العربية؟.. لم يوجد إلا بشاعة حروب الفئات؟.. لا.. ما حدث هو الأسوأ.. والصارخ جداً في جزالة ما تضاعف من مخاطر ضد اتساع المساحات العربية في آسيا وأفريقيا ليكون وجود دويلة إسرائيل التي سكانياً أقل عدداً من الفلسطينيين والتي حدوداً وعلاقات دولية أصغر مما هو عليه وجود ما سمي بدول عربية.. إسرائيل لم تعد تقوم بمهمة حرب.. أو بمهمة استعادة حقوق.. لا شيء من ذلك.. لكنها أصبحت تؤدب كل جوار فلسطيني لها.. بل كل وجود فلسطيني حولها.. وحشية تحدث بممارسة القتل المتعمد ليس ضد قوة فلسطينية تعارضها، وإنما ضد كل وجود لطلبة في مدارس أو عائلات في سكن متعدد.. وعبر هذا التوحّش لم يحدث أن توفر موقف دولي وبالذات من أوروبا أو أمريكا يهدد بإمكانية تنفيذ حرب ردع وتأديب ضد هذه التجاوزات.. ما يحدث يبدو كما لو كان مباركة رؤية لتصاعد طبيعة مخاطر إسرائيلية وسط غياب فلسطيني مضطهد عبر متابعة أي محاولة صعود من قبله، وفي نفس الوقت طبيعة ما تحوّل إليه العالم العربي من حروب سيئة ضد بعضه وليس ضد إسرائيل..