وصف جميل للعقل والذاكرة وجدته بين صفحات كتاب نسيت اسمه، حيث تصف الكاتبة علاقتها بعقلها من خلال تكرار كابوس مؤلم يسطر عليها يومياً، تصف عقلها بالمنزل ذي الغرف المغلقة، حيث تفتح باب حجرة معينة لتأخذ منها غرضاً أو تجلس فيها مستمتعة بالمكان، تحدثت الكاتبة عن تغيير أماكن الأثاث وهي ترمز لتسلسل الأفكار وولادتها وتنقلها من فكرة لفكرة. أعجبني التشبيه فعقلك مليء بالغرف الكثيرة منها ما هو مغلق الباب دائماً ومنها ما تفتح بابه في كل ثانية، ومنها ما تخزن فيه الأشياْ التي لا تحتاجها ومنها ما تحرص على تنظيفه في كل وقت. رغم هوسي "بالدماغ أوالعقل البشري" لم أفكر يوما في أن أنظر إليه بهذه الطريقة، فهو بالنسبة لي مجموعة من الخلايا معروفة الشكل والنوع نتعرف على موروثاتها وبروتيناتها وما يحدث لها في حالة الصحة والمرض! لنتحدث عن "الزهاميرز" كمثال، فنحن نعرف عن تراكم احد المركبات الحيوية عن تطور الأعراض، قد نجسد حالة لمريض من خلال عمل فني أو أدبي، لكن كيف يمكننا أن نفهم ما يجري في عقله، لماذا ينظر لوجه ألفه وعرفه طوال عمره وكأنه لا يراه أو كأنه يراه لأول مرة؟ لماذا يهرب لغرفة من غرف عقله المغلقة والتي خزن فيها ذكريات قديمة جدا؟ لماذا يستحضرها؟ ولماذا يستحضرها بهذه الطريقة؟ لنتحدث عن شيخوخة العقل إن صحت التسمية، لماذا يفقد الإنسان مهارات معينة كلما كبر في العمر؟ هل فقدان هذه المهارات العقلية لها علاقة بتأثر الحواس الخمس بالشيخوخة كأن يضعف النظر ويضعف السمع مثلا؟ كيف تشيخ خلايا العقل؟ لنتحدث عن حالة تشوش عقلي موقتة ناتجة عن هبوط في مستوى السكر أو إصابه على الرأس يصبح الشخص فيها غير واع ببيئته غير متمكن من أداوته اللفظية ورورد فعله، لذلك تصبح إجابته على الأسئلة غير منطقية، قد يصاب بهذيان مثلا مما يدل على أنه يفتح الأبواب الخطأ للغرف الخطأ. هل يمكنا أن نقول إن الشخص في هذه الحالة يذهب للمطبخ مثلا ظانا أنها غرفة النوم إن صح التشبيه؟ هل يفقد العقل تدريجيا معرفته بتفاصيل حجراته؟ فنتحدث عن النسيان أو تشتت الانتباه أو خيانة الذاكرة. وعلى مستوى آخر، كم عدد الحجرات في عقلك؟ وهل أبوابها مفتوحة أم مغلقة بمفتاح أضعته أو تركته بيد شخص آخر؟ هل تعرف طريقك لها؟ هل تتجول بين الغرف المختلفة باحثا عن المعلومة المخزنة عن الفكرة عن الذكرى أم انك محصور في مكان واحد فقط؟.