تمثل منطقة الشرق الأوسط إحدى المناطق الهامّة التي تسهم في تحديد وتحفيز اتجاهات سوق الهواتف الذكية، والذي يؤدي بدوره إلى دفع مسيرة التطور المستقبلي في مجال صناعة الأجهزة الذكية، وكانت شركة "آي دي سي" (IDC) العالمية للأبحاث قد توقعت العام الماضي أن تتضاعف نسبة استخدام الهواتف الذكية في المنطقة ليصل معدل نمو انتشارها إلى 39% بحلول عام 2015، مشيرة أيضاً إلى إمكانية تحقيق السوق مزيداً من النمو والتوسع في المستقبل. ومن المتوقع أن تحافظ منطقة الشرق الأوسط خلال النصف الثاني من عام 2014 على موقعها كمحور لاهتمام وتركيز مُطوري الهواتف الذكية على مستوى العالم، ويعود ذلك إلى أسباب عديدة أهمّها ارتفاع معدلات الدخل المتاح في بعض دول المنطقة، وتوفّر البنية التحتية المتطورة للاتصالات ذات النطاق الترددي العريض (برودباند)، بالإضافة إلى الإقبال المتزايد لدى المستهلكين على مواكبة أحدث المستجدات والتطورات في عالم الهواتف المتحركة، وعلى ضوء الجهود الحثيثة التي يبذلها مُصنعو الهواتف الذكية بهدف ابتكار منتجات متميزة في سوقٍ يرتفع فيها سقف التنافسية بشكل محموم، مدفوعة بحقيقة أن الهواتف الذكية باتت اليوم الأكثر انسجاماً مع أساليب حياة المستهلكين الذين يرون فيها الحل الأنسب للعديد من أمور حياتهم اليومية. وعلاوة على ما تؤكده نتائج الأبحاث المتعلقة بسوق الأجهزة الاستهلاكية، فإن تحقيق الابتكارات في مجال الأجهزة الذكية يتوقف على قراءةٍ تحليلية معمّقة تتيح صياغة رؤى دقيقة تستقرئ كيفية تطور مشهد الخدمات التقنية الأساسية في المستقبل، لذا تتزايد نسب مزودي التقنيات الذين باتوا يحللون مواقف واتجاهات المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط ويدرسونها دراسة مستفيضة كوسيلة فعّالة تُمكّنهم من تحديد الاتجاهات التقنية الجديدة التي من شأنها التأثير والمساهمة الفعّالة في تطوّر صناعة الهواتف الذكية عالمياً. أشرف فواخرجي وتعتبر "هواوي"، من الشركات التي برزت مؤخراً على مستوى الريادة العالمي في صناعة الهواتف الذكية. وكان أحدث الأجهزة التي أطلقتها هاتف "هواوي أسيند بي 7" الذكي الذي حقق نجاحاً مدوّياً لدى إطلاقه في السوق، كونه يتماشى مع عدد من المتطلبات والتطلعات التي ينشدها المستهلك اليوم. وفي هذا السياق يقول أشرف فواخرجي نائب رئيس مجموعة أعمال "هواوي ديفايس" لأجهزة المستهلك في الشرق الأوسط، أعتقد أن هناك خمس ميزات رئيسية سيكون لها بالغ الأثر في رسم ملامح مستقبل صناعة الهواتف الذكية في المنطقة منها التوافق مع شبكات الجيل الرابع (LTE) حيث يُعزى ارتفاع معدلات استخدام الهواتف الذكية عالمياً إلى التحسينات التي تم إدخالها على خدمات الاتصالات المتنقلة عريضة النطاق. وينطبق هذا الواقع بلا شك على منطقة الشرق الأوسط التي تتميز بمعدلات مرتفعة لانتشار الهواتف الذكية، وتعتبر من أسرع المناطق عالمياً في اعتماد الجيل التالي من شبكات الاتصالات المتنقلة عريضة النطاق. ويضيف فواخرجي وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط، يعود ارتفاع معدلات استخدام الهواتف الذكية إلى تنفيذ مشاريع اتصالات أكثر سرعة واعتمادية وموثوقية، حيث قامت العديد من دول المنطقة بنشر شبكات الجيل الرابع بتقنية التطور طويل الأمد (LTE)، وشبكات الجيل الرابع المتقدمة (LTE-Advanced). ويرى فواخرجي أن الشاشات الأكثر مرونة ودقة أدت إلى تزايد أعداد المستهلكين الذين يستخدمون هواتفهم الذكية لعرض محتوى الوسائط عالية الوضوح (HD)، إلى بروز حاجة ملحّة لأهمية توفير شاشات عرض أكثر مرونة وتوفيراً للطاقة، وفي هذا الإطار، ستمثل الشاشات كبيرة الحجم والفائقة الوضوح من نوع Retina التي تتميز بدقة تصل إلى1920 x 1080 وتعزز من وضوح ودقة النصوص والرسومات المعروضة، بلا شك المعيار المستقبلي الحاسم في مجال شاشات الهواتف الذكية. وفي منطقة الشرق الأوسط التي تشهد ارتفاعاً متواصلاً في معدلات مشاهدة محتوى الفيديو أثناء التنقل، سيسعى المستهلكون للحصول على الأجهزة التي تتميز بشاشات بالمواصفات والميزات التي ذكرناها والتي تتيح لهم الاستمتاع بأفضل تجربة مشاهدة ممكنة. ويلمح فواخرجي إلى أن تعزيز كفاءة استهلاك الطاقة من أهم الأمور التي تلعب دوراً حيوياً في اقتناء الهواتف الذكية حيث أن الهواتف الذكية المزودة ببطاريات عالية الأداء يمكن أن تلعب دوراً فعالاً في جميع أعمالنا ومهامنا اليومية. وفي الواقع، يقضي المستخدمون في عصرنا الحديث ساعات طويلة على استعمال أجهزتهم الذكية، مما يشكل تحدياً متزايداً أمام التقنيات القديمة المستخدمة في صناعة البطاريات. لذا كان من الضروري تحسين مستوى أداء البطاريات لتلائم الاستخدام الكثيف للهواتف الذكية. وعلى الرغم من أن وتيرة زيادة سعة البطاريات قد تكون بطيئة ولا ترتقي إلى مستوى تطلعات المستهلكين، إلاّ أن الهواتف الذكية أصبحت أكثر كفاءة في استخدامها للبطارية، وذلك عبر اعتماد تقنيات جديدة تتيح تشغيل مزيد من التطبيقات دون استنزاف طاقة الجهاز. فعلى سبيل المثال، قام مُصنعو الهواتف الذكية بتطوير تقنية توفير استهلاك البطارية التي تتيح استخدام الهاتف لمدة يومين عقب كل عملية شحن كاملة للبطارية، وبالتالي فتح آفاق جديدة وأكثر رحابة أمام المستهلكين. وسهولة الاستخدام إحدى الأمور المهمة في الهواتف الذكية حيث يلحظ فواخرجي من معاينته لأنواع الهواتف الذكية المختلفة المتاحة اليوم أن مزايا سهولة الاستخدام في العديد منها تقتصر على تقنيات الشاشات القياسية التي تعمل باللمس، والتعرّف على الصوت، وفي بعض الحالات قدرتها على استشعار الحركة. وعلى الرغم من أن وجود هذه الميزات اليوم يمثل انجازاً كبيراً يفوق بكثير ما كان متاحاً خلال السنوات الماضية، إلاّ أجهزة المستقبل تُبشّر بإمكانات وقدرات أكثر تطوراً ابتداءً من مزايا تتبُّع حركة شبكية العين، والتعرف على الوجه، ووصولاً إلى القدرة على تمييز تعابير الوجه وحركاته والتفاعل معها، وذلك عبر استخدام الإسورة القابلة للارتداء وغيرها من الأجهزة الملحقة الأخرى. ويشير فواخرجي أنه يجب فتح آفاق جديدة لتقنيات الاستشعار حيث يجهل كثير من الناس طبيعة الدور الذي تقوم به تقنيات الاستشعار الموجودة في الأجهزة الكفّية (المحمولة باليد) اليوم، وفي الواقع، تتميز الهواتف الذكية بقدرتها على معرفة مكان تواجدها، وطريقة حملها، واستيعاب الأوامر الموجهة إليها، ناهيك عن قدرتها على تحديد السرعة التي يتحرك بها المستخدم أثناء حمله لها. ويضيف فواخرجي وعلى الرغم من جميع الميزات السابقة، تلوح في الأفق تحسينات كبيرة في مجال تقنيات الاستشعار في الهواتف المتحركة من شأنها أن تزيد من قدرتها على إدراكها الذاتي لما يحيط بها، وعلى ضوء ظهور الأجهزة الملحقة القابلة للارتداء، بات من المرجح أن نشهد تزويد الهواتف الذكية في المستقبل بأنواع جديدة ومتنوعة من المستشعرات ابتداءً من المستشعرات الحيوية، ومستشعرات الضغط، ووصولاً إلى المستشعرات البيئية.