تستنزفنا المشاهد الدامية في غزة ألما وحسرة وكمدا؛ حتى لنكاد نشرق بأفراحنا الصغيرة التافهة، بل ونلوم أنفسنا؛ إن أفلتت منا فرحة هاربة إلى حنايا القلب الحزين. لا مجال للفرح، ولا حتى لما يشبه الفرح، أمام هذه المشاهد المُترعة بالصور الحيّة التي تكاد تذيب الحجر؛ قبل أن تُحرك شيئا في قلوب البشر. صورة الأم المكلومة التي تتأمل أبناءها الأربعة في المشرحة، حيث تمزقت أشلاؤهم، نظراتها الزائغة وهي تودع حياتها - وليس حياتهم - بمثل هذا الموقف الأليم. صورة الأب المفجوع الصارخ بأقصى ما يستطيع من غضب جنوني، وهو يكاد يمزق ثيابه، بعد أن رأى مصرع أبنائه الأربعة على شاطئ غزة المفتوح على الموت الرهيب. صُورٌ بالمئات للخارجين بأشلاء أطفالهم من تحت أنقاض المنازل التي دكّها العدو بلا رحمة، بعد أن غابت الرحمة حتى من قلوب الأقربين الممسكين بزمام الأمور في قطاع غزة، حيث يتاجر دهاقنة السياسة، ومحترفو التنظيمات الحركية بأشلاء هؤلاء الأبرياء منذ سنين. إذا كان العدو الإسرائيلي هو المباشر للقتل والتنكيل؛ فإن السياسة التي تتبعها حماس تُباشر تبرير هذا القتل بإعلان المواجهة اللامتكافئة. ولهذا تصبح حماس شريكا أساسيا في كل هذه المآسي البشرية التي يعج بها قطاع غزة؛ لأن الحرب الواقعة الآن هي نتاج تفاعل بين طرفين يملك كل منهما قراره، هي نتاج الأفعال وردود الأفعال، حيث لا يمكن الفصل بين هذا وذاك إلا على سبيل التنظير المتحيز لهذا الفريق أو ذاك الفريق. نحن مُتضَامنون مع غزة، بل ومُناصرون بلا شروط. لكن، ليس بالضرورة أن يكون تضامننا تأييديا لقرار المواجهة الأحمق الذي تتخذه حماس، سواء اتخذته بقرار ذاتي (وهو أمر مستبعد)، أو اتخذته بإملاءات تأتيها من خارج حدود التنظيم الحمساوي ذي الولاءات المتعددة. بل نحن لا نُعنّف حماس (في قراراتها الهوجاء التي يبدو أنها لا تأخذ أي اعتبار للإنسان)؛ إلا تضامنا مع أهالي غزة المغلوبين على أمرهم، هؤلاء الذين يدفعون فواتير الفشل السياسي لأناس لا يفهمون تعقيدات السياسة إلا على أنها عناد في عناد، حتى ولو قاد هذا العناد إلى سحق الإنسان وتدمير الأوطان. مشكلة العرب أن عواطفهم هوجاء، بل وعنادية إلى درجة الهذيان في أكثر الأحيان، إن لم يكن في كل الأحيان. ومن هنا تنفذ حماس، ويتربّح من هم وراء حماس، إذ يعرفون – من خلال التجارب السابقة – أن مجرد رفع راية المواجهة مع إسرائيل يكفي لحشد مشاعر الملايين التي تنساق وراء الحدث - المتوهج حماسة - دون أدنى تفكير. وعلى أشلاء آلاف الضحايا تصل حماس إلى غاياتها؛ لتؤكد مقولتها الصريحة التي تتجاهل كل تفاصيل الواقعة السياسية: "من ليس مع حماس فهو ضد غزة". وهكذا تصبح حماس هي غزة، وغزة هي حماس. ولأننا لا نستطيع أن نُدين غزة البريئة؛ لن نستطيع – في هذا السياق - أن نُدين حماس المُدانة باتخاذ القرار الخاطئ، بل والإصرار على الخطأ؛ رغم أن كل يوم يمر دون تصحيح لهذه الأخطاء السياسية القاتلة يستنزف مزيدا من الأرواح الطاهرة البريئة التي يجري هدرها بالمجان. إذا كان المفكرون والسياسيون ينقسمون إزاء ما يحدث الآن بين مؤيدين وداعمين لحماس، بين دافعين باتجاه المقاومة ولو أتت على الأخضر واليابس، وآخرين يُدينون حماس، ويرون أن حماقاتها تقود الفلسطينيين إلى كارثة حقيقية، فإن الخلاف بين هؤلاء وهؤلاء ليس على الاصطفاف مع أهل أغزة؛ إذ لا يوجد في العرب ولا المسلمين من يصطف مع إسرائيل ضد أهل الحق المشروع في فلسطين. كلنا نصطفُّ مع فلسطين؛ حتى وإن اختلفت لغة الاصطفاف. قد نختلف فيما بيننا في تحديد ما هو الأفضل تكتيكيا، ولكننا نلتقي – استراتيجيا - على محاولة الانتصار للدم الفلسطيني، وكُلٌ بطريقته التي يراها أكثر نجاعة. ومن هنا، فالخلاف سياسي فرعي، ينبع من اختلاف وجهات النظر، وليس من اختلاف المواقف. ليس محل الخلاف بيننا: هل نقف مع أهل غزة أم نقف ضدهم؟ هذا ليس خلافا واردا من الأصل؛ مع أن حماس وأشياعها من رافعي راية الإسلام السياسي يريدون أن يُصوّروا للجماهير الغاضبة أن هذا هو محل الخلاف. حماس، والمتاجرون بحماس، يريدون إخراج المواقف العربية المتباينة تجاه ما يجري على أنها مواقف داعمين مؤيدين للحق الفلسطيني من جهة، وخونة شامتين متربصين بالفلسطينيين من جهة أخرى. يُمكن أن تدفعك مناظرُ القتلى والجرحى إلى اتجاه عاطفي مباشر(غير عقلاني؛ ولكنه صادق)؛ فتقرر الهتاف للمقاومة ضد إسرائيل، وتدفع في هذا الاتجاه بكل قوة؛ دون أن تعي عواقب المواجهة التي قد تضرّ أهلك بدل أن تنفعهم. وقد تدفعك هذه المناظر نفسها إلى اتجاه عاطفي متعقلن يرى الأمور بأبعادها المختلفة، والمعقدة؛ فتقرر الهتاف ضد المقاومة الحمقاء؛ ولكن ليس لصالح إسرائيل المُدانة سلفا، بل لصالح هؤلاء الضحايا الأبرياء. هذا هو جوهر الخلاف الواقع بين الفريقين اللذين يُرَاقبان الحدث المأساوي من خارجه، أي من موقف المتفرج للأسف! لا مشكلة في الاختلاف؛ ما دام أن الغاية واحدة، وما دام حقن الدم الفلسطيني، وتحقيق سعادة الفلسطينيين هو الهدف المنشود لكلا الطرفين. تكمن المشكلة في إساءة الفهم – أو تعمد إساءة الفهم - لدى الطرف العاطفي ذي الرؤية الأحادية، حيث إنه يُصوّر الطرف الآخر المُخالِف على أنه خائن وعميل وصهيوني و...إلخ الشتائم العبثية، وأنه لا يهتم إلا بسلامة الصهاينة، بينما هو يشمت بمآسي الفلسطينيين. تضع حماس نفسها في موقع الحاكم الذي يتخذ أخطر القرارات السياسية، ثم لا تريد أن ينتقدها أحد؛ بل تريد من الجميع أن يسيروا في ركابها عُميا وصُمّا وبُكما؛ وإلا فهم خونة وعملاء. تريد حماس أن تجرّ الجميع (بما في ذلك كل السياسات الخارجية للدول العربية والإسلامية) إلى مربعاتها، أن تفرض عليهم رؤيتها السياسية الخاصة؛ لمجرد أنها قادرة على إعلان المواجهة مع إسرائيل في الوقت الذي تشاء. ومعنى هذا، أن على كل الدول العربية والإسلامية أن تحدد خياراتها في سياساتها الخارجية وِفق رؤية حماس، أي بالتوافق مع ما تُخطط له شرذمة قليلة في قطاع غزة، قلة حاكمة متحكمة تعيش أزمتها الخاصة في الصراع على السلطة. فحماس تريد أن تحدد وقت المواجهة، وطبيعتها، وأهدافها؛ وفق مصلحتها السلطوية، ومصلحة التنظيم الأم (= الإخوان) ومصلحة الداعم (= إيران)، وبعد ذلك على الجميع أن يؤيد ويدعم دون قيد أو شرط؛ فصوت المعركة المفتعلة يراد له أن يخنق بقيت الأصوات. من غباء حماس، وغباء من وراءها، أن تظن أن السياسات الخارجية للدول العربية والإسلامية ستكون رهن إشاراتها تحت وطأة تصاعد عدد الضحايا الذين يسقطون جراء القصف الإسرائيلي. الحمساوية مازالوا يفكرون بعقلية خارج نطاق القانون الدولي، ويطلبون من الآخرين أن يفكروا على هذا النحو البدائي الذي لا يأخذ مصالح الأوطان الأولى (وهي المسؤول عنها بالأولوية) بالاعتبار. فعقلية الستينيات من القرن الميلادي المنصرم لا تزال تحكم وعي الجماهيري العربي بقدر ما تحكم وعي حماس، ووعي المُفكرين الجماهيريين بالنيابة عن حماس. وتزداد المسألة تعقيدا على كل هذا التعقيد؛ عندما ندرك أن مجرد تأييد حماس، أو حتى رفع راية التأييد لها سيغريها بمزيد من العناد، العناد الذي لا يعني الإصرار عليه أكثر من تصاعد عدد القتلى، هؤلاء القتلى الذين يبدو أنهم لا يعنون شيئا لمُتخذي القرار داخل الحركة الأصولية؛ إذ إن سقوط ألف عندهم كسقوط عشرة أو عشرين؛ لا فرق، المهم لديهم أن هؤلاء القتلى والجرحى يسقطون تحت شعارات الصمود والمقاومة ورد العدوان، وأنهم في النهاية يدخلون كإضافة معنوية في رصيد حماس فلسطينيا وعربيا وإسلاميا. لنتذكر الماضي القريب. في المواجهة التي حدثت في يناير عام 2009م سقط أكثر من 1500 قتيل، وأكثر من 5500 جريح من الفلسطينيين، مقابل 49 من القتلى الإسرائيليين؛ فضلا عن الدمار الهائل، وذلك بعد مواجهة استمرت شهرا. ومع هذا، ادّعت حماس النصر! والأنكى أنها ادعت النصر؛ مع أن لا شيء تغيّر، وذهبت دماء هؤلاء هدرا، وكأن المكسب السياسي الذي تُحقّقه حماس يرتقي ليكون ثمنا لهذه الأرواح البريئة. لا تفسير غير هذا؛ وإلا ما العائد الإيجابي الذي تحقق جراء تلك المواجهة التي لا تختلف عن المواجهة الراهنة في قليل ولا كثير. اليوم، وأنا أكتب هذه الأحرف فجر الثلاثاء، ناهز عدد القتلى من الفلسطينيين 600 قتيل، غير الجرحى والدمار الكبير. تصاعد عدد القتلى، وعندما كان العدد يتصاعد من خانة العشرات إلى خانة المئات؛ كان كثيرون يتقدمون بمبادرة للتهدئة، وحماس ترفضها إلا بشروطها. تريد حماس فرض شروط القوي المنتصر؛ مع أنها في موقف الضعيف المهزوم. والشعب المغلوب على أمره هو من يدفع ثمن هذا الإصرار الذي لا يعرف حتى أبجديات التكتيك السياسي، أقصد التكتيك الذكي الذي يتجنب سقوط الضحايا، لا التكتيك الذي يتذاكى – متبخترا - على أشلاء الأبرياء. واضح أن الأمر – في حقيقته - لا علاقة له بالصورة التي تريد حماس أن تبدو عليها للشعب الفلسطيني، وللأمة العربية والإسلامية من ورائه، أي كحركة تتبنى المقاومة الصامدة بوصفها الخيار الوحيد الكفيل باسترجاع كل الحقوق المسلوبة. حماس نفسها، تمنع المقاومة، بل وتصف من يطلق الصواريخ على إسرائيل بالخائن والعميل؛ عندما لا يكون توقيت المواجهة لصالحها. وقد فعلت ذلك مرارا. فالمسألة ليست مسألة فريق سياسي يضع المقاومة المسلحة كخيار وحيد، مقابل فريق آخر يضع السلام/ الحوار كخيار وحيد؛ رغم أن حماس تريد أن تبدو الأمور على هذا النحو الذي تحتكر فيه لنفسها خيار المقاومة. لكن، محاولات حماس المتكررة احتكار توقيت المقاومة يكشف عن غرض سياسي يتجاوز الغرض الوطني المعلن، أقصد الغرض المتمثل في إرادة رفع المعاناة عن الشعب المحاصر داخل القطاع. نحن ندرك حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون داخل القطاع، ونتضامن معهم في مطالباتهم الوطنية التي تبدأ من طلب فتح المعابر، ولا تنتهي إلا بتحرير كامل التراب. لكننا ندرك – في الوقت نفسه – أن الأمور أعقد من ثنائية: إسرائيل في مواجهة القطاع. فالحقيقة التي يجهلها بعضهم، ويتجاهلها الآخرون، هي أن معاناة غزة بدأت بعد انقلاب حماس على السلطة الوطنية، ورفضها قرار الإقالة، واستيلائها بالقوة المسلحة على القطاع. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فالمطالبات لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار الظروف السياسية المصاحبة، سواء كانت ظروفا تخص القطاع، أو كانت ظروفا تخص الوضع السياسي الإقليمي، أو ظروفا ترتبط – على نحو ما – بالأوضاع السياسية العالمية التي لا بد وأن ترسم حدود المناورة السياسية في كل الأحوال. لا بد من مواجهة حماس بهذا النقد الصريح، ليس من موقع اصطفافي يُحابي العدو (معاذ الله)، وإنما من موقع اصطفافي يُحابي أهل غزة من رجال ونساء وأطفال يدفعون كل يوم من رصيدهم البشري عشرات الضحايا بالمجان. بل وأكثر من ذلك، نحن لا نشكك في نِيّات كثير من قادة حماس الذين قدّم بعضهم نفسه في مواجهة صريحة مع الموت، وخسر بعضهم كثيرا من أفراد عائلته، فالصادقون كثيرون، ولكن يجري استغلال (غفلة الصالحين) فيهم من قِبَل أطراف إقليمية تستفيد من هذا الصراع! أي أن إشكالية حماس بالدرجة الأولى ليست إشكالية غياب الصدق والأمانة والاستعداد للتضحية، بل هي إشكالية غباء سياسي يجري استغلاله، ويدفع الأبرياء ثمنه بلا مُبرر إلا تعزيز مستويات هذا الغباء! عندما نتناول مسألة هامة كهذه المسألة (= المواجهة المسلحة) التي تتعلق بأرواح الأبرياء، يجب علينا تجاوز البحث في صدق النوايا من عدمه، إذ ليس كل صادق النية حقيق بأن يُنجز الأفضل دائما. كثيرا ما أتت الكوارث الكبرى على ظهور النوايا الصادقة. البحث في النوايا مبحث أخلاقي محض، يقع خارج نطاق الواقعة السياسية التي يمكن رصدها. ما يمكن رصده هو الواقع بخياراته المتاحة، وطبيعة تفاعل الفاعل السياسي مع هذه الخيارات. وبناء على هذا يجري تقييم الفعل السياسي؛ لأن النتائج العملية التي تتحقق على أرض الواقع منوطة بهذا الفعل من حيث هو سياسة، وليس من حيث مصدره الأخلاقي الذي يتقاطع – بالضرورة – مع أشياء يصعب رصدها وقياسها إلا في أضيق الحدود. الغريب أن كثيرين يقولون: ليس هذا وقت مُواجهة حماس بأخطائها الكارثية. ولا أدري، إن لم يكن هذا وقته، فمتى يكون؟ هل ننتظر حتى يسقط آلاف الضحايا في الأيام القادمة لنعاتب حماس بعد ذلك؟ وآنذاك، هل سنستطيع إرجاع كل هذه الأرواح المهدرة بالمجان. الآن، أي في هذه اللحظات التي تتساقط فيها الضحايا من قتلى وجرى، يجب التصدي للغباء السياسي بالفضح؛ حتى يقف هذا النزيف البشري؛ وإلا فلا قيمة لأي صوت يأتي في الوقت الضائع، عندما يسبق السيف العذل، ويستحيل إرجاع الزمن ثانية إلى الوراء. لقد جرى تزييف الوعي بمستويات خطيرة في هذه المواجهة وأمثالها، حتى أصبح الجماهيري يتناول معضلات السياسة بشيء من الخفة التي لا يجرؤ على أن يتناول بها المرء تحليل مباراة رياضية. لهذا انتشرت المقايسات الساذجة، والاستشهادات التي تعبث بمواضع الاستشهاد. ولعل أغرب هذه المحاولات التي بات مهضومة جماهيريا، هو ذلك الاستشهاد الذي تردد كثيرا على ألسنة كثيرين، حيث الاحتماء من حقيقة الهزيمة باحتمالية انتصار القلة على الكثرة ((كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله))، جاهلين – أو متجاهلين – أن المواجهة الآن ليست بين قلة وكثرة، ليست الفوارق كمية في الأعداد فحسب، بل هي في كل شيء، وفيما هو أكبر من القوة الظاهرة للعدو، وأقصد بذلك إرادة المجتمع الدولي التي تحد كثيرا من الخيارات في هذا المجال. إذا فهمنا الأمور على هذا النحو، لا يكون ثمة كثرة وقلة (=فارق كمي)، بل تكون المواجهة بين وضع ووضع آخر مختلف تماما (فارق كمي+ فارق نوعي)، مما يجعل من محاولة التطابق مع نموذج تاريخي مستقل بشروطه، كارثةً على مستوى الوعي السياسي؛ لوجود الفارق الكبير بين عناصر القوة في الماضي وعناصرها في الراهن. إن المؤيدين الهاتفين لحماس، ولهذه المعركة غير المتكافئة يُسهمون – من حيث يشعرون أو لا يشعرون – في استمرار المأساة. هم يدفعون بحماس - وأهل غزة من ورائها - للخيارات الفاشلة. هم يفكرون بعواطفهم الغاضبة قبل عقولهم التي تعاني الفقر المدقع في بديهيات الثقافة السياسية. لا بد أن يعي الجميع – لكي تعي حماس؛ ولو بالاضطرار الواقعي – أن السياسة هي بنت الواقع. لا سياسية بالمتعاليات المثالية التي تتجاهل الواقع. من الضروري إدراك أن كل دعوى سياسية لا تنطلق من الواقع هي محض شعارات جوفاء. لا بد أن تدرك الجماهير المتعلقة بالأوهام الحمساوية أن خلط الحسابات الواقعية بالحسابات المثالية/ المعنوية؛ للخروج بنتائج تُعزز من موقف الأنا سياسيا، هو ممارسة للدجل والاحتيال باسم السياسة قبل أن يكون دجلا واحتيالا باسم الدين.