اقترفت دولة الاحتلال الإسرائيلية فجر أمس "جريمة حرب" جديدة بحق سكان قطاع غزة المحاصر من المدنيين، راح ضحيتها أكثر من 60شهيداً ومئات الجرحى، تناثرت جثثهم في الشوارع وخاصة في حي الشجاعية بغزة، فيما واصلت المقاومة تصديها لقوات الغزو وأصابت عشرات العسكريين المعتدين من بينهم ضابط كبير. وارتفع عدد الشهداء منذ بدء الحرب إلى425 شهيداً واكثر من 3020 جريحاً غالبيتهم من المدنيين. هدنة لم تصمد وأعلنت حركة "حماس" أمس عن موافقتها على هدنة انسانية لثلاث ساعات في قطاع غزة بطلب من الجمعية الدولية للصليب الاحمر. وقال المتحدث باسم الحركة سامي ابو زهري في بيان ان "مكتب الصليب الاحمر اتصل بالحركة وعرض التوسط لعقد تهدئة انسانية لمدة ثلاث ساعات لتمكين سيارات الاسعاف من إخلاء الشهداء والجرحى". وأعلنت دولة العدوان الإسرائيلية من جانبها هدنة لساعتين في حي الشجاعية فقط. ولكن الهدنة القصيرة انهارت بعد اربعين دقيقة من اعلانها. وزعم الجيش الاسرائيلي أن نشطاء من حركة "حماس" خرق الهدنة وأنه "رد" على ذلك. جثث الضحايا متناثرة في الشوارع.. وآلاف المدنيين يغادرون الحي المنكوب في غزة حفاة وبملابس النوم المجزرة وترددت صرخات سكان يسألون عن ذويهم عبر باحة مستشفى الشفاء حيث تجمع سكان الحي في الوقت الذي وضعت الجثث والمصابون على الأرض الملطخة بالدماء. وأظهرت لقطات فيديو حصلت عليها (رويترز) من أحد السكان نحو 12 جثة مشوهة بينها ثلاث جثث لأطفال ملقاة في الشوارع. وفي المستشفى الواقع على بعد نحو ثلاثة كيلومترات قال رجال كبار في السن إن العدوان الإسرائيلي هو الأعنف منذ حرب 1967 عندما احتلت (إسرائيل) غزة وانتزعتها من مصر. وخرج آلاف الفلسطينيين بملابس نومهم حفاة الإقدام صباح أمس للهرب من حي الشجاعية شرق مدينة غزة الى غرب المدينة بعد ليلة طويلة من القصف الاسرائيلي المكثف. ووصف النازحون ساعات من الرعب عاشوها بينما كانت المدفعيات الاسرائيلية تقصف منازلهم المحرومة من الكهرباء وبدون أي طريقة للهرب. واتصل البعض بسيارات الاسعاف التي لم تتمكن من القدوم الى هذه المنطقة القريبة من الحدود مع اسرائيل بسبب كثافة القصف الجوي الاسرائيلي. لهذا اضطر الاف من السكان اليائسين للهرب من منازلهم عند بزوغ الفجر، ومشوا ساعتين او اكثر متوجهين الى مدينة غزة. وهرب احمد مع زوجته واخواتها واطفالهم من اقصى شرق المدينة الى غربها. ويروي احمد ان "القصف بدأ الليلة قبل الماضية حوالي الساعة التاسعة ثم ازداد الامر سوءا". واضاف ان "القصف كان في كل مكان حولنا ونحن بلا كهرباء او ماء. لم نعرف ماذا نفعل ولهذا اتصلنا بخدمات الاسعاف لكنهم قالوا لنا انهم لا يستطيعون الوصول الينا ولهذا قررنا ان نغادر مشيا على الاقدام". وفي مستشفى الشفاء في المدينة، تصل سيارات اسعاف كل خمس دقائق ولكن تقوم سيارات وشاحنات ايضا بنقل المصابين والقتلى. ويشير الطبيب سعيد حسن بينما كان ينتظر قدوم المصابين ان "سيارات الاسعاف لا تستطيع ان تصل الى الجميع وكل من يصل الان هم اصابات وقعت قبل ساعات او قاموا بالمشي او تم حملهم الى اماكن تستطيع فيها سيارات الاسعاف اخذهم منها". ويشير الطبيب البالغ من العمر 38 عاما وتمكن من اجلاء عائلته قبل يوم من حي الشجاعية "اخبرونا ان هناك مصابين وقتلى في الشوارع". وبحسب الطبيب الذي عمل في وزارة الصحة في غزة لمدة ثماني سنوات "هذا اسوأ شيء رأيته قط". ووقف المسعف علاء لتنظيف سيارة الاسعاف حيث غسلها باستخدام مطهر بعد نقل دفعة جديدة من الجرحى. وقال "كانت هناك سيدة حامل مصابة وفي الطريق عثرنا على رجل وابنته فقمنا باحضارهما ايضا الى هنا". وبحسب علاء "لا يمكننا الوصول الى العديد من المناطق هناك الكثير من القصف وحوصرنا في منطقة". وتوسل العديد من الرجال والنساء في المنطقة من سائقي سيارات الاسعاف الذهاب الى احيائهم لاسعاف المصابين. وقام احدهم بالصراخ على علاء "هناك قتلى في بيتنا لماذا لا تريدون القدوم؟". واجابه المسعف باحباط "نحن نحاول ولكن لا يمكننا ان نصل الى هناك. اطلقوا علينا النيران اكثر من مرة". وما زال العديد من السكان عالقين في حي الشجاعية في حالة رعب. وتقول مرح الوادية (23 عاما) من شارع النزاز في حي الشجاعية عبر الهاتف لوكالة فرانس برس "هذه احد اسوأ ايام حياتنا. نجلس جميعنا في غرفة واحدة منذ ليل امس في انتظار توقف القذائف لنخرج من هنا والشظايا تدخل المنزل من كل جهة". وتابعت "الاطفال يشعرون بالرعب ولا نعرف كيف سينتهي مصيرنا". وتمكن حمادة الغفير (29 عاما) من اجلاء بعض اطفال ونساء عائلته من منزله في المنطقة نفسها بينما بقي هو و15 شخصا آخرين من عائلته في المنزل. وقال "في الصباح، جاءت سيارة اسعاف لاجلاء مصابين من قصف منزل جيراننا بالاضافة الى شاحنة تابعة للبلدية، فقمنا نحن وجيراننا باجلاء الاطفال والنساء معهم الى منزل خالتي في حي الرمال ولكن السيارتين لم تتسعا للجميع". واضاف ان "ما يحدث لنا هنا هو ابادة جماعية قصف همجي وعشوائي. القذائف واطلاق النار لم يتوقفا منذ الليل" مشيرا "لا نعرف ان كنا سنخرج من هذا الكابوس". وأعلن مسؤول في وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" اليوم الأحد، عن نزوح 65 ألف فلسطيني خلال الساعات الأخيرة من منازلهم في قطاع غزة. وقال مدير عام عمليات أونروا في غزة روبرت تيرنر للصحافيين في مجمع الشفاء الطبي في غزة، إن هؤلاء نزحوا بفعل الهجمات الإسرائيلية على أطراف قطاع غزة خصوصا بعد التوغل البري المستمر. وطالب بتوفير المستلزمات الطبية والمعونات لمستشفيات قطاع غزة، مع تأمين ممر آمن للفرق الطبية وسيارات الإسعاف التي تتعرض للاستهداف الإسرائيلي. عائلات فلسطينية تغادر منازلها في حي الشجاعية المنكوب (أ.ب) قذائف الموت الإسرائيلية تحصد أطفال غزة (أ.ف.ب)