يمثل تحسن آفاق الأسعار العالمية لشحن البضائع نذير شؤم لمصدري الحبوب مع استعدادهم لبدء أحدث حملات البيع إذ يضغط ارتفاع تكاليف الشحن البحري على هوامش الربح ويعزز المنافسة في الأسعار في الأسواق الرئيسية. ويبدو أن الضرر الأكبر سيلحق بمصدري القمح الأمريكيين مع استعداد أصحاب السفن لرفع الأسعار توقعا منهم لطلب قوي على سفنهم، وقد يكون أكبر ارتفاع من نصيب عمليات الشحن إلى سوق الشرق الأوسط الرئيسية وهو ما يعطي ميزة سعرية لصغار المنتجين المتمركزين بالقرب من المنطقة. وفي حين تتجه شركات الشحن لرفع الأسعار يتوقع الكثير من مصدري الحبوب أن تتقلص أرباحهم خاصة في ظل المنافسة القوية التي تواجهها مبيعات القمح الأمريكية من إمدادات أرخص قادمة من غرب أوروبا وأوكرانيا وروسيا ودول البحر الأسود مثل رومانيا. وقال مصدر أوروبي يعمل بمجال تجارة الحبوب "ارتفاع أسعار الشحن سيقوض فرص الأقماح الأمريكية والأسترالية والأرجنتينية في أسواق الشرق الأوسط، وربما يكون القمح الروسي هو الرابح من ذلك". وذكر مصدر تجاري أوروبي آخر أن سعر قمح الشتاء الأحمر اللين الأمريكي بنظام تسليم ظهر السفينة (فوب) يقل ستة دولارات للطن عن نظيره الروسي والأوكراني وخمسة دولارات عن أقماح غرب أوروبا. وقال المصدر الثاني إن "ارتفاع أسعار الشحن سيطيح بهذه الميزة التنافسية". وربما تكون الزيادة في أسعار الشحن أشد إيلاما نظرا لقدومها بعد انخفاض الأسعار بسبب انحسار الطلب من سوق فحم عالمية ضعيفة. وتراجع متوسط أرباح السفن الضخمة القادرة على نقل ما بين 60 ألفا و70 ألف طن من الحبوب إلى أدنى مستوياته في عام ليصل إلى نحو ثلاثة آلاف دولار يوميا في الأسابيع الأخيرة، غير أن بعض المحللين وأصحاب السفن يتوقعون تعافي الأسعار مع الاقتراب من ذروة موسم التصدير بحلول أكتوبر. وقالت ناتاشا بويدن من شركة إم.إل.في آند كو الأمريكية للخدمات المصرفية الاستثمارية "تراجعت الأسعار (أسعار الشحن على السفن الضخمة) فعليا إلى النصف خلال فترة الشهر ونصف الشهر الماضية، وبالطبع هناك فرصة لتحسنها في النصف الثاني من 2014 وسوف تتحسن". ويتوقع محللون أن يزيد متوسط أرباح السفن الضخمة إلى ما يقرب من مستوى يتراوح بين ثمانية آلاف وعشرة آلاف دولار يوميا بحلول أكتوبر بالقرب من نفس التوقيت المتوقع أن تزيد فيه صادرات حبوب أمريكا الجنوبية، ويعاني مصدرو القمح الأمريكيون بالفعل في الوقت الحالي. ففي الأسبوع الماضي تجاهلت مصر أكبر مستورد للقمح في العالم العرض الأمريكي الوحيد في مناقصة واختارت الأقماح الرومانية والروسية المنشأ. وقال تيري ريلي المحلل المختص بشؤون الحبوب لدى فيوتشرز انترناشيونال في شيكاجو "تسببت تكاليف الشحن في استبعاد (عرض) الولاياتالمتحدة في المناقصة المصرية.. وهذا أمر باعث على التشاؤم". وتوقعت وزارة الزراعة الأمريكية أن يصل إجمالي صادرات القمح الأمريكي في موسم 2014-2015 إلى 25.2 مليون طن وهو أصغر حجم للصادرات في خمس سنوات، وتتوقع الوزارة أن يشحن الاتحاد الأوروبي 28 مليون طن وهي ثاني أكبر كمية يصدرها بعد المستوى القياسي البالغ 30 مليون طن الذي سجله في 2013-2014. وقال تاجر يعمل في مجال تصدير الحبوب الأمريكية "تتجه شمال أفريقيا والشرق الأوسط إلى الاستعانة بصادرات الاتحاد الأوروبي ومنطقة البحر الأسود ومن ثم لا يتبقى للولايات المتحدة سوى الفتات".