تحمل الخطوة غير العادية من الخارجية البحرينية بطرد مسؤول أميركي رفيع من المنامة رسائل سياسية ذات مغزى كبير تجاه واشنطن. فالولاياتالمتحدة التي تربطها بمملكة البحرين علاقة إستراتيجية، حيث يتخذ "الأسطول الخامس" أهم الأساطيل الأميركية من المياه الإقليمية البحرينية مقراً له. كما أن البلدين يرتبطان باتفاقيتين في غاية الأهمية؛ الاتفاقية الدفاعية التي وُقعت في تسعينات القرن الماضي واتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها المنامة منفردة مع واشنطن. ويعكس إعلان المنامة اعتبار مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الديموقراطية وحقوق الإنسان توماس مالينوفسكي شخصاً غير مرغوب به، حالة المزاج السياسي العام في دول مجلس التعاون تجاه الولاياتالمتحدة التي يبدو أن علاقاتها مع الدول الست ليست على ما يرام. وكان مالينوفسكي الذي شغل منصب مدير منظمة (هيومان رايتس ووتش) الحقوقية في السابق، بدأ يمارس ما اعتبرته حكومة المملكة تدخلاً في شؤونها الداخلية، بعقده اجتماعات مع أطراف سياسية دون أخرى، قيل أن المعني بهذه الأطراف السياسية "جمعية الوفاق" السياسية المعارضة. وتثير مسألة التدخل المسؤولين البحرينيين كثيراً خصوصاً أن المنامة قد كشفت أكثر من مرة عن تدخلات تقوم بها إيران، فضلاً عن التصريحات التي تصدر من بعض المسؤولين الإيرانيين ويعتبرون فيها البحرين جزءاً من الجمهورية الإسلامية. وينتظر أن يلقي هذا التصرف بظلاله بشكل واضح على الأجواء السياسية بين الولاياتالمتحدة ودول التعاون، التي استقبلت قبل أسابيع قليلة وزير الخارجية الأميركي جون كيري في جدة، الذي كان على رأس أجندته تأمين إمدادات الطاقة. وكان الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي الدكتور عبداللطيف الزياني استغرب هذا التصرف الذي قام به المسؤول الأميركي بإعتبار أن مثل هذه التصرفات لا تدعم التوجه الإيجابي الذي تنتهجه البحرين في برنامجها الإصلاحي الطموح. وتأتي الخطوة البحرينية تجاه المسؤول الأميركي لتعبر بشكل واضح عن رفض قاطع لسياسات الأميركية التي بدأت تأخذ منحنى مختلفاً تماماً عن ذلك الذي عهدته دول التعاون من قبل حليفها التاريخي الولاياتالمتحدة، ولم تستطع المنامة تمرير تلك التجاوزات أو احتوائها في إطار دبلوماسي، وهو أمر يوحي بوجود خلفيات أو ملاحظات سابقة للمنامة حول تصرفات تتعدى طبيعة العمل الدبلوماسي لهذا المسؤول الأميركي أو غيره من العاملين في البعثة الدبلوماسية الأميركية أو البعثات الأخرى.