أصبحت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة وجهة عالمية بارزة مدفوعة بطموحاتها إلى جانب فخرها بموروثها وثقافتها الإسلامية. ومع ذلك، فقد تضطر الدول التي تستعد لشق طريقها نحو العالمية مثل المملكة العربية السعودية إلى الموائمة بين عاداتها وتقاليدها والكيفية التي يمكنها أن تقدم نفسها إلى جمهور جديد مختلف الثقافة والفكر. وقد قطعت المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة أشواطاً كبيرة في النمو الاقتصادي مدفوعة بحرص القيادة على تعزيز مكانتها على خارطة المنافسة العالمية، وقد قاد هذا النمو والازدهار إلى زيادة أعداد الأفراد المساهمين في مسيرة النمو والتطوير التي تشهدها البلاد. وبالتالي، انعكس هذا الأمر بدوره على زيادة الطلب على المنتجات، حيث يسعى الوافدون إلى الحصول على هذه المنتجات من بلدانهم الأصلية. ونتيجة لارتفاع الطلب على المنتجات البريطانية في المملكة العربية السعودية، قمنا في مجموعة "اللولو" بإنشاء مركز تابع لنا في المملكة المتحدة ليس لمراقبة جودة المنتج ومتابعة عملية الإنتاج فحسب، بل للتأكد من أن هذه المنتجات حلال، وكما أشرت في بداية حديثي بأنه لا يمكننا أن نتجاهل الموروث السعودي في عملياتنا وهذا هو السبب الذي يجعلنا نركز على ضرورة أن تكون منتجاتنا من الحلال في المملكة المتحدة. لقد وقع اختيارنا على المملكة المتحدة وبالأخص مدينة برمنجهام، نظراً لكونها نقطة ربط ممتازة تتيح لنا تخزين وشحن مجموعة متنوعة من السلع من الموانئ والمطارات العالمية القريبة. كما أننا نسعى من خلال مركزنا، الذي يمتد على مساحة 220,000 قدم مربع، إلى تحديد الفرصة المتاحة للقوى العاملة المحلية، وهذا بدوره يشكل عنصراً داعماً للاقتصاد المحلي. وفي هذا الإطار، تسعى المملكة المتحدة ومن خلال وكالاتها التجارية مثل هيئة التجارة والاستثمار البريطانية إلى توفير رؤية واضحة للشركات السعودية والإقليمية حول الميزات التي توفرها السوق البريطانية، بالإضافة إلى بلورة رؤية واضحة لديهم حول طبيعة المتطلبات القانونية والتنظيمية لبيئة الأعمال في المملكة. كما تتيح علاقاتنا الوثيقة مع شركات التوظيف المحلية والكليات هنا بتزويد الشركات بموظفين ذوي مؤهلات عالية. أضف إلى ذلك، أن عملنا مع عدد من الشركاء سيسهم بتطوير برامج تدريبية متخصصة تضمن جاهزية الموظفين الجدد لأداء مهامهم بالشكل المطلوب. كما سيسهم فتح الباب الاستثمار في السعودية أمام الشركات الطامحة في استفادة الأشخاص الذين سيعملون في المملكة المتحدة من الخبرة الدولية التي توفرها لهم السوق هنا، وسينعكس ذلك إيجاباً على السوق المحلية عند رجوع هؤلاء الأشخاص إلى العمل فيها وتزويد زملائهم بالخبرة التي اكتسبوها، وبالتالي فإن هذا الشكل من الاستثمار سيكون له تأثير واضح على اقتصاد كلا البلدين. كما أنه من الأهمية بمكان أن يقوم المستثمرين بدراسة واستكشاف الفرص المتاحة قبل الاستثمار في أسواق جديدة، وبالنسبة للشركات التي تتطلع إلى الاستثمار في السوق البريطانية فإن الفوائد المجناة من الاستثمار في المملكة المتحدة لا تنطوي على توفير بيئة استثمارية جيدة وبنية هيكلية قانونية عالية الجودة فحسب، بل بوجود نظام قانوني عريق وخدمات دعم مساندة. وفي النهاية أود الإشارة إلى أن المملكة المتحدة قد أصبحت في الآونة الأخيرة وجهة هامة للتجارة الإسلامية سواء أكان ذلك في القطاعات المالية المصرفية أو الصناعات الغذائية، ولا شك بأن المملكة المتحدة ومملكة السعودية ترتبطان بتاريخ طويل من التبادل التجاري، كما أن التقارب ازداد بين البلدين من المنظور الثقافي أيضاً. * مدير «واي إنترناشيونال» التابعة لمجموعة «اللولو»