عندما تهتز شباكك مرة واحدة خلال ثلاث مباريات في دور المجموعات من كأس العالم فأنت حتماً تمتلك خط دفاع قوي وحارس مرمى مميز، وتزداد ثقتك في خطوطك الخلفية إذ ما علمت بأنك واجهت منتخبات جيدة بحجم روسيا وكوريا الجنوبية والجزائر، هذا هو ما ينطبق على المنتخب البلجيكي الذي لم تستقبل شباكه سوى هدف يتيم في دور المجموعات، واهتزت مرة ثانية أمام المنتخب الأمريكي في دور ال 16، المدافع فينسنت كومباني واحد من تلك الأسماء التي يُدين لها البلجيكيون بالفضل في المستوى الكبير الذي ظهر عليه منتخب بلادهم في مونديال البرازيل من الناحية الدفاعية إذ شكل ثقلاً كبيراً في المنطقة الخلفية بفضل أدائه ومستواه الرائع. كومباني الذي ولد في بروكسل عام 1986م بدأ حياته الرياضية من خلال اندرلخت البلجيكي إذ لعب لفريق الشباب ثلاثة أعوام، وصعد للفريق الأول وكان عمره حينها لم يتجاوز ال 17 عاماً واستمر في صفوف اندرلخت ثلاثة مواسم وتمكن من التتويج معه بلقب الدوري البلجيكي مرتين (2004-2006م)، وبعد أن لعب لأندرلخت 73 مباراة سجل فيها ستة أهداف توج خلالها بعدد من الجوائز على الصعيد الشخصي كالحذاء الذهبي في بلجيكا عام 2004م وأفضل لاعب بلجيكي شاب في العام ذاته وعام 2005م، تلقى عرضاً مغرياً من هامبورج الألماني إذ وقع له مقابل عشرة ملايين يورو، فكان ذلك بمثابة المشوار الجديد للمدافع الذي كان محملاً بالطموحات الكبيرة التي اكتسبها من قدراته الدفاعية المميزة والتي جعلته واثقاً منها. في أول مواسمه مع هامبورج 2006-2007م تمكن كومباني من حجز موقعاً أساسياً إلا أنه وبعد مشاركته في 11 مباراة تعرض لإصابة أبعدته حتى نهاية الموسم، لكن المدافع البلجيكي عوض الألمان عندما قدم مستوى كبيرا في موسمه الثاني الذي شارك خلاله في 38 مباراة وأحرز لهامبورج ثلاثة أهداف، تلك الصورة التي ظهر بها كومباني لفتت أنظار الإنجليز إليه فوضعه مانشستر سيتي تحت مجهره طمعاً في التعاقد معه، دخل مسؤولو النادي الإنجليزي في مفاوضات مع مسؤولي هامبورج وفي ال 22 من أغسطس 2008م أعلن مانشستر تعاقده رسمياً مع كومباني وتوقيعه عقداً جديداً لمدة أربعة أعوام. شارك كومباني لأول مرة مع فريقه الجديد في مباراة ويست هام يونايتد، فيما تمكن من تسجيل أول هداف له في شباك ويجان، وتمكن البلجيكي من قيادة دفاع مانشستر سيتي في 45 مباراة، ويُعد موسم 2010-2011م جيداً ومرضياً بالنسبة لكومباني إذ توج بأول بطولة له مع النادي الإنجليزي وساهم فعلياً في تتويجه بكأس الاتحاد الإنجليزي، واختير أفضل لاعب في الفريق. كانت تلك البطولة بمثابة الانطلاقة بالنسبة للمان سيتي، وكانت نقطة تحول في مسيرة الفريق الذي صرف عليه مسيروه مئات الملايين بهدف إيصاله للمنصات إذ نجحوا في ذلك فعلاً، وبعد أن قدم مستويات كبيرة في الموسم التالي (2011-2012م) نال مانشستر سيتي لقب الدوري الإنجليزي للمرة الأولى بعد غياب 44 عاماً عن تذوقها، وكان كومباني أحد صُناع ذلك الإنجاز الذي أعاد البسمة لعشاق النادي الإنجليزي، وأختير أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي في ذلك الموسم، ووقع معه ناديه عقداً جديداً لمدة ستة أعوام ولأول مرة يحدث ذلك في تاريخ النادي. درع الاتحاد الإنجليزي (2012م) كان هو اللقب الثالث لكومباني مع مانشستر سيتي، وفي الموسم الماضي ساهم كومباني بشكل كبير في تتويج فريقه بلقب الدوري الإنجليزي مرة ثانية وهو ما زاد من أسهم المدافع البلجيكي وشعبيته لدى أنصار النادي حتى أنه صار محبوب تلك الجماهير. يقول مدرب مانشستر سيتي الإيطالي مانشيني عن كومباني: "من المهم أن يكون لديك مدافع مثل كومباني، إنه مدافع قوي تحسن كثيراً في العامين أو الثلاثة الماضية، إنه قائد وهو كابتن فريقنا وواحد من أفضل المدافعين في أوروبا الآن كما أنه من اللاعبين القادرين على التحسن كثيراً". دولياً ارتدى كومباني شعار المنتخب البلجيكي بفئاته السنية المختلفة ناشئين وشباب، وظهر لأول مرة بشعار المنتخب الأول عام 2004م عندما لعب مع فرنسا وكان عمره في ذلك الوقت 18 عاماً كأصغر اللاعبين الدوليين، اختير كومباني من مدرب المنتخب البلجيكي للمشاركة في دورة الألعاب الأولمبية عام 2008م إلا أن هامبورج الألماني رفض التخلي عنه وتوترت العلاقة بين الطرفين بسبب ذلك، وهو ما كان سبباً من أسباب رحيله للدوري الإنجليزي، خاض كومباني 62 مباراة دولية أحرز خلالها أربعة أهداف، ويُعتبر أحد الركائز الأساسية في منتخب بلاده، ونتذكر جيداً قبل مباراة أمريكا حجم القلق الذي ساد على الجماهير البلجيكية بسبب إصابة كومباني واحتمالية غيابه عن تلك المباراة التي شارك فيها، كما أن السعادة الكبيرة للبلجيك بعد تعافي كومباني بصورة كاملة قبل ملاقاة الأرجنتين الليلة تثبت بما لايدع مجالاً للشك مكانة المدافع الصلب لدى أنصار منتخب بلاده. كومباني أكد في تصريحات عدة بأنه كان يحمل منذ الصغر في رفع كأس العالم كان أخرها عندما قال: "تمر الأوقات السعيدة بسرعة كبيرة جداً، عشرة أعوام مرت على انضمامي للمنتخب البلجيكي تعلمت خلالها الكثير و الكثير، لقد كنت محظوظاً جداً خلال مسيرتي الكروية ومنذ نعومة أظافري و أنا أحلم بأن أرفع كأس بطولة ما، لم لا يكون كأس العالم ؟". وبالرغم من طموحاته الكبيرة إلا أن كومباني لم يفلح في الوصول مع زملائه لاعبي المنتخب البلجيكي إلى تلك النتائج التي تطمح فيها الجماهير في مختلف المشاركات، وهو ما يشكل هاجساً له في مونديال البرازيل كونه قائد تلك الكتيبة، الجيل الحالي للمنتخب البلجيكي مميز جداً وملفت للأنظار بمستوياته الكبيرة وبكرة القدم التي تُشاهد من الجماهير داخل المستطيل الأخضر، هنالك أسماء كُثر يمثلون أوراقاً أساسية في أبرز الفرق العالمية وقدموا لتلك الفرق مستويات مميزة وساهموا في تتويجهم بالألقاب، بيد أن أولئك اللاعبين دون شك ومن ضمنهم كومباني يشعرون بأنهم لم يقدموا أي شيء حتى الآن في عالم المستديرة لأنهم لم يسعدوا جماهير منتخب بلادهم، لذلك فإنهم سيسعون إلى استكمال مشوارهم في مونديال البرازيل والوصول إلى أدوار متقدمة وتحقيق مركز يرضي الأنصار والمحبين بالرغم من يقينهم بأن خصمهم الليلة لن يكون سهلاً لاسيما وأنه واحد من أقوى المرشحين للتتويج باللقب. اختبار صعب ينتظر الدفاع البلجيكي بقيادة كومباني إذ سيواجهون الأسطورة ميسي ورفاقه، فمواجهة الليلة لا يمكن أن تقارن بالمواجهات الأربع الماضية إذ تُعد محكاً حقيقياً للمنتخب البلجيكي الذي نال إشادات واسعة نظير مستوياته الكبيرة في المونديال.