يكاد يتفق كثير من المتابعين لساحة الشعر الشعبي على أن مرحلة وسائل التواصل الاجتماعي، و(تويتر) على وجه الخصوص، هي المرحلة التي اقتربنا فيها من الشعراء بشكل كبير وابتعدنا فيها عن الشعر بمسافة أكبر، فمع وجودها أصبحنا على اطلاع تام بكل نشاطات الشاعر ويومياته وصوره التي يعرضها لنا بشكل يومي في (الانستقرام)، وفي المقابل قلّ شوق المتابعين لقصائد الشاعر وأبياته التي كانوا ينتظرونها بفارغ الصبر نهاية كل شهر بعد أن أضحت وجبة شبه يومية يُقدمها الشاعر لجمهور امتلأ بالشعر ولم يعد قادرًا على تقبُل الكم الهائل الذي يُقدّم له. ليس الشعر فقط هو ما ابتعدنا عنه أو افتقدناه في هذه المرحلة، بل والنقد الذي كان إلى ما قبل اتجاه الشعراء لوسائل التواصل الاجتماعي في حال أفضل، مع أنه لم يكن مُقنعًا للبعض آنذاك ممن أجزم أن لسان حالهم يردد اليوم قول الشاعر القديم: رُب يومٍ بكيتُ منهُ فلما صرتُ في غيرهِ بكيتُ عليهِ فقد كانت أقسام النقد في المنتديات الشعرية، لاسيما المشهورة منها، تطرح العديد من القضايا النقدية المتعلقة بالشعر الشعبي وتتم مناقشتها بجدية وعمق، وبلغة أدبية راقية تتناسب مع الشعر كأدب، وتستضيف النقاد المميزين لمعرفة آرائهم وانطباعاتهم عن قضايا وأحداث ساحة الشعر بوضوح وشفافية، أمّا الآن فمن الصعوبة بمكان أن تجد اسمًا نقديًا، غير الأسماء التي عرفناها في السابق، يُمارس نقد الشعر بصورة مُقنعة ولافتة للنظر، والأسماء التي تجد التفاعل الأكبر من المتابعين يختبئ أصحابها في الغالب تحت أسماء مُستعارة ويستخدمون لغة قوامها البذاءة والاستهزاء، وحتى "الهاشتاقات" التي يُفترض أن تكون هي البديل لمنتديات النقد يندُر أن تجد بينها ما يعالج قضية أو ظاهرة تتعلق بالشعر أو الشعراء أو تتحدث عن مستجدات الشعر، بل إن أكثرها يتمحور حول المجاملة والثناء المبالغ فيه، وتهنئة الشاعر الفلاني على وصول عدد متابعيه لرقم معين، وكأن زيادة أعداد المتابعين أمر يستحق الاحتفاء والتعبير عن الابتهاج ..! أخيرًا يقول سلطان بن بشيّر: أقبل الشهر المبارك خل قلبك والم واحتزم واعمل وجاهد نفسك الأمّاره الخطا لا ضاع وقتك عند كاس العالم والمصيبة لا رهنّته عند باب الحاره!