تتواصل في كل عام الزيادة الواضحة للثقافة الاستهلاكية لمختلف المواد الغذائية في شهر رمضان بزيادة تقارب ضعف الشهور العادية، حسب مسؤولين وعاملين في مجال المواد الغذائية، وتصبح الأيام الأخيرة من شهر شعبان وأول يومين من رمضان مضمار سباق واضح نحو المراكز التجارية، لزيادة الغلة من مقاضي البيت المعتادة، ويضاف لها ما يخصص لشهر رمضان، وتضاعف الكميات من أنواع معينة لهذا الشهر مقارنة بالشهور الأخرى، ويغيب في هذا الصدد، الجوانب التوعوية التي تدعو الناس لترك الإسراف، فليس هناك جهة حكومية، أو غيرها تبنت هذا التوجه، والتركيز على وقف الإسراف في الغذاء في رمضان وغير رمضان، كما أن أئمة المساجد، وخطباء الجوامع، والمشائخ لا يركزن على هذا الجانب، لوقف الهدر الذي لا يرضاه شرعنا، ولا يقبله العقل والمنطق. وتزيد المراكز التجاري الكبرى من وتيرة هذا السباق الزائد نحو تعبئة سلال المقاضي، بعرض تخفيضات على سلع معينة بنسب متفاوتة، وسبب هذه التخفيضات كسب الشريحة الأكبر من المتسوقين، فالربح مضمون من جانبين، أما زيادة البيع وبالتالي زيادة المبعيات والاستفادة من هامش الربح مهما يكون يسيرا، وكذلك هناك شريحة كبيرة من المتسوقين، ترتفع وتيرة الشراء لديهم بلا تركيز، فيشتري من المخفض وغير المخفض، واحياناً قد يشتري، ما يزيد على حاجته، ويذهب مع نهاية الشهر أو بعده في براميل النفايات، وخاصة المواد الغذائية التي تنتهي في فترة قصيرة لا تتجاوز الثلاثة اشهر أو حتى أقل. وهنا يؤكد متخصصون ومتابعون لشأن زيادة الاستهلاك في رمضان عن غيره من الشهور، أن ذلك قد يعود لعدة جوانب، منها التعود على هذا الطبع الاستهلاكي السائد لدينا في المملكة، ومنهم من يرى أنه احتفاء تحركه عواطف دينية، حيث يرون من التقدير لهذا الشهر، الاهتمام به والإعداد له بتوفير المواد الغذائية على وجه الخصوص، ومنهم من يعتقد أن جوع النهار، يحتاج لتعويض مضاعف في الليل، فيزيد من الغلة التموينية، ويكون للجوع في أول يومين للصوم تأثير أكبر على هذا الجانب، وقد يشتري الصائم ما لايستطيع اكله ، أو ما يزيد على حاجته وحاجة عائلته. وهذا الواقع الحالي يحتاج الأمر لتبني جهات حكومية أو جمعيات أو هيئات متخصصة، مثل هيئة الغذاء وغيرها للعمل على خطط توعية وتوضيح لمشاكل الإسراف في الغذاء وتأثير ذلك صحيا واقتصادياً على ميزانية الأسرة السعودية، التي قد تعاني لشهور، وتخرج شهر رمضان عن أهدافه الشرعية، وكذلك الفوائد الصحية التي تذهب مع تكديس المواد الغذائية والإسراف بالطعام والشراب ليلاً. التخفيضات تجعل المتسوق يشتري ما يحتاجه .. وما لا يحتاجه